بقلم هاني الترك OAM
ستان غودمان يبلغ من العمر ثلاثة وتسعين عاما.. منذ نعومة أظافره ويأسره حب القطارات والسيارت والدراجات.. ابنه بيتر ورث عنه هذه الهواية.. كانا يقضيان الوقت في تصنيعها بهدف الترفيه عن النفس والتسلية.. إلا أن المرض قد أصاب بيتر وقضى على حياته.. ظل الأب ستان وحيدا يمارس هوايته تيمما بذكرى ابنه بيتر.. يستعمل هوايته كعلاج نفسي ومكافحة الملل الذي يقصر العمر ويصيب الإنسان بالأمراض.
لي صديق استرالي أعرفه منذ دراستي معه في الجامعة عام 1973 يهوى علوم الفضاء بنى لنفسه تلسكوباً كبيراً من أجل مراقبة ورصد النجوم والكواكب.. جاره استرالي أيضاً صنّع طائرة صغيرة استغرقته عدة سنوات وكلفته قطع التصنيع حوالي 40 ألف دولار ومن باب الترفيه والتسلية.
إن عقلية الترفيه بالتصنيع اليدوي والآلي لم أعرفها في بلادي التي نشأتُ فيها أثناء سن المراهقة والشباب.. فإن الاكتشافات والتصنيع الآلي وإجراء التجارب نشأت كلها في أوروبا بعد العصور الوسطى المظلمة.. نحن تعودنا في بلادنا الاستهلاك وليس التصنيع والابتكار .. بل إن الجيل الجديد في استراليا لم يتعود على التصنيع اليدوي ولكن يعتمد على تقدم التصنيع الآلي.. فإن التقدم التكنولوجي والعلمي المعاصر أُسس في العالم الغربي.. وانتقل الآن إلى بعض الدول مثل اليابان التي تفوقت في تصنيع الالكترونيات والسيارات مع انها استمدتها أساسا من الغرب.. والصين أصبحت تصنع اقتصادها وتصدر منتجاتها إلى الخارج بعد أن استوردت التقنيات الاساسية لها من الغرب.
لقد أصبح التعليم التقني جزءا لا يتجزأ من اقتصاد الدول المتقدمة ونحن العرب مجرد مستهلكين وغير مصنعين أو مكتشفين ولم نسهم في الحضارة الحديثة والمعاصرة المتقدمة بمثقال ذرة.. بل نعتمد على الاستيراد من الخارج.
إن أي مشروع أو اكتشاف يبدأ بفكرة بسيطة يمكن تطويرها.. فهذا ستان غودمان يبلغ من العمر 93 عاماً ويمارس هوايته بتصنيع يدوي بيديه من أجل الترفيه النفسي والحفاظ على الصحة في الشيخوخة ليظل قلبه شابا.