بقلم هاني الترك OAM
ذهبت كيري ديفيز الى صالون تصفيف الشعر وبعد ان جفّف المصفّف شعرها طلب منها 30 دولاراً.. لم يكن في حوزتها سوى 15 دولاراً نقداً.. فقد نسيت محفظتها الثانية في المنزل وفيها بطاقاتها والنقود.. اصيبت كيري بالاحراج الشديد اذ طلب منها المصفف 15 دولاراً واصر على عدم تركها الصالون الا اذا دفعت له 15 دولاراً الباقية.. طلبت منه ان يدعها تذهب للسيارة وتحضر من زوجها المبلغ المطلوب فرفض المصفف.. قالت له انها ستضع محفظتها رهناً الى ان تذهب الى المنزل وتحضر المبلغ فرفض.. او ستحول له المبلغ عن طريق البنك فرفض.. بل ورفض اي وسيلة للدفع سوى احتجاز كيري.
هنا احضر المصفف حارس الأمن درو لون من اجل اجبار كيري على دفع المبلغ.. فقام درو بدفع المبلغ من جيبه وقال لـ كيري: حينما يكون لديك الوقت يمكنك تسديد المبلغ لي.. وخلّص كيري من مأزق محرج جداً.. ان المسألة هي انعدام الثقة بين الناس وعدم الأمانة وخصوصاً بين صفوف الجيل الصاعد.. لقد كان مصفف الشعر وقحاً وعديم الضمير.
ذكرتني هذه الحادثة بواقعتين حدثتا معي:
عام 1974 قُبلت في وظيفة مدير مكتبة في منطقة تبعد عن سيدني بـ 4 ساعات قيادة في السيارة.. لم اكن املك سوى سيارتي التي تنقلني من مكان اقامتي الى مكان عملي.. لم يكن معي ثمن البترول حتى اعبئ السيارة انتظاراً لأقبض مرتبي.. لم اعرف احداً من الناس.. رهنت ساعتي عند عامل محطة البترول وعندما قبضت مرتبي سددت له ثمن البترول.. فكان صاحب المحطة انساناً وقبل الرهن.
والحادثة الثانية وقعت منذ ثلاث سنوات: كنت اشفق على رجل مريض عقلياً يتلقى معاش المعاقين ويعيش في منزل تابع للمساعدة الاجتماعية .. وكنت اطلب منه قص الحشيش واعطيه قيمة اتعابه. انتقل الرجل بعد ذلك من منطقتنا ولم اكن اعرف عن اخباره شيئاً.
منذ حوالي اسبوعين قابلته في مطعم في شارع في مكان عملي.. طلبت له فطوراً وجلس معي وقال لي: يجب ان اعترف انني منذ حوالي ثلاث سنوات سرقت سيارتك وخالفتني الشرطة ولم اخبرك.. فإني اصبحت مؤمناً اتردد على الكنيسة حتى اني اقلعت عن التدخين .. رجعت بالذاكرة الى مخالفة قد حررت ضد سيارتي في شارع لم ادخله وقيمة الغرامة كانت 450 دولاراً.. ورغم ذلك كنت قد دفعت قيمة المخالفة وحسمت ثلاث نقاط من رخصة القيادة.. وسامحته واعطيته عشرين دولاراً وقلت له: حافظ على ايمانك بتعاليم المسيحية التي تنادي بالمحبة وعمل الخير والانسانية .
حينما رآني احد زملائي ما فعلت قال لي: أمجنون انت؟ لقد خدعك وسرق سيارتك وتعطيه عشرين دولاراً مكافأة على السرقة؟ قلت لزميلي: يا صديقي اني لا اقابل الشر بفعل الشر.. ولكن بالطيبة..فاذا قابلت شخصاً خبيثاً فعامله بالطيبة وسوف تكسبه وتعلمه ان يكون طيباً.. حتى ولم يتحول الى الطيبة فإنك قمت بعمل خير من منطلق الطيبة الانسانية.. الدنيا بخير.