– اضطهاد المسلمين
فيما تضج وسائل الاعلام باخبار «داعش» والهجمات الارهابية ذات الطابع الاسلامي، والمقالات التي تبث مشاعر الحذر والتخوّف من المد الاسلامي، يعتبر العديد من المسلمين انهم يتعرضون لحملة اضطهاد شرسة منذ ظهور الاسلام حتى يومنا هذا.
ويدعي علماء المسلمين انه منذ السنوات الاولى تعرَّض المسلمون للاضطهاد من قبل الوثنيين واليهود. وبعد انتشار الاسلام في دول الشرق الاوسط نظم مسيحيو اوروبا حملات صليبية لاستعادة الاراضي المقدسة، مما تسبّب بمواجهات وقتال واضطهاد للمسلمين خلال كل حملة، كما قام الايطاليون بعد ان سيطر المسلمون على جزيرة صقليا (831) بشن هجمات على المحتلين. ويذكر ان عدد المسلمين في الجزيرة انخفض من 70 الف الى 3 آلاف . وقتل واسر الآخرين. وفي سنة 1160 انتفض سكان الجزيرة الايطاليون وقضوا على آخر جيوب للمسلمين.
ولم يقتصر الاضطهاد على النزاع الاسلامي المسيحي في البلدان المجاورة للبحر المتوسط وما رافقه من احتلال لقسطنطينية ولبلاد الاندلس. فقد دخل المغول من جهة الشرق على خط المواجهة مع المسلمين. وقام جنكيس خان بارتكاب المجازر بحقهم، ودمّر الخلفاء العباسيين ومعظم المعالم الاسلامية، ومن ضمنها مكتبة بغداد الضخمة. والقي القبض على الخليفة وارغم على مشاهدة جنوده والمواطنين وهم يقتلون الواحد تلو الآخر.
وفي الهند لا يزال السيخ والهندوس يضطهدون الجماعات الاسلامية منذ بلوغ الاسلام تلك المنطقة. وتشهد الاحداث اليوم اعمال المضايقات والاضطهاد بحقهم حتى في ايامنا هذه. وتشمل احراق المساجد والضرب والقتل للمسلمين.
– الابادة الارمنية وردود الفعل
منذ احتلال الاتراك بلاد القسطنطينية لم تخل العلاقات اليونانية التركية من الصدامات الدموية. ويذكر المؤرخون ان اليونانيين ارتكبوا مجازر بحق الاتراك في مناطق ازمير، وماتيسا واوزاك، لأنهم كانوا يعتبرون ان هؤلاء يحتلون اراضٍ يونانية وعليهم الخروج منها.
وعلى اثر ارتكاب المجازر بحق الشعب الارمني خلال الحرب العالمية الاولى ومقتل ما يزيد على مليون ونصف مسيحي ارمني ونفي العديد منهم الى سوريا ودول الجوار، انتفض مسيحيو اوروبا الشرقية وروسيا والمجموعات الارمنية وبدأوا عملية ثأر للإبادة الارمنية وقتلوا الآلاف من المسلمين في بلدانهم. وارغم نصف مليون على مغادرة بلغاريا باتجاه تركيا.
اما الصين فشهدت نزاعات دموية بين الفصائل والبدع الاسلامية كما شهدت مضايقات واضطهاد من قبل الصينيين انفسهم.
ورغم ان النظام في الصين يسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية في مناطق الشمال، لكن تشهد الاحداث التاريخية ان المسلمين كانوا يعاقبون لمساندة حكم سابق بعد زواله.
وخلال الثورة الشيوعية الملحدة جرى تدمير العديد من المساجد، كما اضطهدت اديان اخرى حاولت الحفاظ على عقائدها الدينية بعد اعتماد الشيوعية الماوتسي تونغية اساساً للحكم في البلاد. وشمل الاضطهاد المسلمين والمسيحيين ورهبان التيبيت المحافظين.
وخلال الحرب اليابانية الصينية اعتمدت القوات اليابانية اسلوب الابادة وسياسة القتل. واستبدلوا الأسر بالقتل. وشهدت الساحة الصينية الكثير من التعديات وهدم المساجد والاعتداءات الجنسية. وتعرضت مجموعات اسلامية للإبادة وارغم الباثون على النزوح الى بنغال والهند البريطانية.
ولا تزال الصين حتى يومنا هذا تمارس سياسة حظر الحريات الدينية.
– الهند
النزاع بين الهندوس والمسلمين في الهند غالباً ما يتخذ شكل النزاع الاقتصادي والمزاحمة بينهما الى جانب عدم قبول الهندوس والسيخ بالعقائد الدينية الاخرى ومنها الاسلام والمسيحية. ويقدّر الباحثون ان ما يقارب 200 الف مسلم قتلوا في الهند في نزاعات دينية.
ويمكن التلميح الى اعمال الاضطهاد في ميانمار والفيليبين وروسيا والاتحاد السوفياتي الملحد وفتينام.
– اوروبا
ويعتقد المسلمون انهم مضطهدون ايضاً في اوروبا ويمارس بحقهم التمييز العنصري في المانيا وفرنسا خاصة. كما تعرضوا في بوسنيا لاعمال الإبادة خلال الحرب في يوغسلافيا. وجرت حملة تنظيف عرقي في بوسنيا .
– الولايات المتحدة
على اثر وقوع احداث 11 ايلول 2001 عمت الولايات المتحدة موجة من الغضب والحقد ضد العرب والمسلمين. وبدأت احداث فردية تقع هنا وهناك.
وتعاونت وسائل الاعلام الكبرى مع الادارة الحاكمة على تأليب الرأي العام لدعم الحرب على افغانستان والعراق تحت اعذار غير صحيحة. لكن الحملات التحريضية ولدت موجة من الكراهية ضد المسلمين . غير ان هذه المشاعر العدائية لم تتخذ الطابع العام، كون الرئيس الاميركي اوباما لم يتردد بالاعلان عن تعاطفه ودعمه للمسلمين في البلاد.
– نزاعات اسلامية
ولم تخل اعمال الاضطهاد من النزاعات المذهبية بين المسلمين انفسهم. فشهدت ازربيجان وتاجيكستان وباكستان وايران والعراق وسوريا اعمال العنف الدموي بين فصائل المسلمين، خاصة بين السنّة والشيعة.
ويمكن ذكر بلدان اخرى مثل فيتنام حيث تواجه قبائل شمس الاسلامية الاضطهاد العرقي والديني، وسيريلانكا حيث تقوم الاغلبية البوذية بمضايقة الأقليات الاسلامية وتقوم قوات التاميل بمهاجمتهم. كما تهاجم الكنائس والمعابد المسيحية. وهذا يزيد من قلق المسلمين.
وفي بورما وقعت صدامات مسلحة بين جماعات الراخين البوذية Rakhine وسكان مناطق روهينجيا المسلمين في شمال شرق الولاية وجرى ارغام 90 الف مواطن على النزوح.
وفي التيبيت Tibet لا تمر سنة الا وتقع خلالها صدامات دموية بين سكان التيبيت من بوذيين ومسلمين. ويقوم كل فريق بحرق متاجر ودور العبادة الخاصة بالفريق الآخر.
وفي وسط افريقيا تقع صدامات دموية بين مجموعة Anti-Balaka وجماعة Bangui الاسلامية والفولاس Fulas خلال نزاعات 2014 قام الفريق الاول بارتكاب المجازر ضد المسلمين.
– القضية والشعب الفلسطيني
قد تكون القضية الفلسطينية منذ 1948 جوهر النزاعات بين العرب والمسلمين من جهة واسرائيل والدول الداعمة لها.
وتختصر هذه القضية عن جدارة لبّ النزاع الاسلامي الصهيوني، خاصة بعد ان قامت مجموعات نضالية فلسطينية باضفاء الطابع الديني المسلم على القضية الفلسطينية فتحولت الى نزاع ديني بعد ان كانت نزاعاً قومياً.
وتسبّب دعم معظم الدول الاوروبية الى جانب الولايات المتحدة بخلق وتغذية مشاعر العداء للغرب. وذهب متطرفون بعيداً في توصيفهم لهذه القضية الانسانية ووصفوا الغرب بالصليبية الجديدة التي تدعم الكيان الاسرائيلي. ويتناسى بعض المسلمين ان ارض فلسطين هي ارض مقدسة بالنسبة للمسيحيين في العالم، اذ شهدت ولادة وحياة وبشارة وصلب وقيامة السيد المسيح من الموت وانطلاق المسيحية. فهي ارض المسيح والمسيحيين بامتياز، والدعم الغربي للكيان الصهيوني هو قرار سياسي لمجموعات تتحكم بالسلطة ولا تعكس بالحقيقة تطلعات ومواقف شعوبها.
وبهذا اختم لاتابع في حلقة مقبلة حلقة ثانية حول اضطهاد المسيحيين في العالم.