عياد يسى

الانسان هو صانع الخرافات وهو اول من يكتوي بنارها واليك هذه القصة من واقع الحياة.
كانت سعاد تحرص دائماً على ان لا يقع قشر البيض على الارض لان هذا كما قالت لها والدتها نذير شؤم لخلافات زوجية قد تؤدي الى خراب البيوت وكثيراً ما كانت تردد على مسامعها مثل هذه الخرافات والتي منها اذا حطت (رقمريه ده نوع من انواع الطيور) على سطح المنزل وكان لونها بني فهذا إشارة الى مصدر رزق أو زيارة مرتقبة لأحد المعارف واذا كان لونها اسود عليها الابتعاد عن زوجها في ذلك اليوم.
حملت سعاد معها الى بيت الزوجية كثيراً من امثال هذه الخرافات ولذلك كانت حياتها مع زوجها في جو متقلب، فاليوم حب وغداً حرب بسبب هذه الخرافات والاوهام.
في احد ايام عطلة من العطلات الرسمية احّس الزوج في الصباح الباكر بضيق لا يعرف له سبباً، فأراد مداعبة زوجته لخلق نوع من المرح لعله يبعد عنه هذا الشعور ولما كانت زوجته تتمتع بعيون واسعة قال لها ان رواد الفضاء وجدوا صعوبة في الهبوط الى الارض لولا انك نظرت بالصدفة للسماء فهبطوا الى الارض مهتدين بنور عينيك  لكنه لم يجد رد فعل لهذه المداعبة مما زاده قلقاً وخوفاً بان شيئاً ما سيحدث هذا اليوم.
عندما اجتمعا لتناول طعام الافطار المكون من البيض المسلوق والجبن سقط من زوجها بعض من قشر البيض على الارض ففي الحال تغيرت سحنة سعاد و»قبَّ» شعر رأسها وقالت بلهجة ساخطة آمرة: ألم أقل لك ستين مرة لا تلقي قشر البيض على الارض لانه كما تقول ماما يسبب النكد وربنا يستر. تضايق الزوج من هذه اللهجة وهذا التغيير الساذج ووقفت اللقمة في حلقه وقال مندفعاً: ان امك عقلها فارغ فهي دائماً تصنع الخرافات وتكون اول من يكتوي بنارها فردت عليه صارخة أوعك تتكلم عن ماما فان عقلها يوزن بلد. فرد عليها مش باين يعني…
وكان الزوج يخفي بركاناً مكتوماً وتنفس بعمق ليبعد عنه الضيق ولكن ضيقه كان اكبر من الاحتمال وأصبح غير مستعد لاي نقاش فقام بسحق قشر البيض بقدمه على الارض غير مبالٍ بما سيحدث، فارتفع صوت الزوجة مما دفع والدتها التي تسكن بجوارهما ان تأتي بسرعة لتعرف ماذا يحدث لابنتها ولكنها ما ان رأت قشر البيض مسحوقاً على الارض شهقت كأن ثعبان لدغها وصرخت قائلة ألم أقل لك لا تلقي قشر البيض على الارض وكمان مسحوق.. فانفجر الزوج صارخاً كفى عن تلك الخرافات التي ملأتي بها رأس بنتك لانها كانت دائماً مصدر الشر والنكد في البيت.
أخذت الام ابنتها معها وقبل ان تغادر البيت سقت ابنتها كوب ماء حتى تعود إليه مرة أخرى وقالت لها إخرجي برجلك الشمال.