كمال براكس

يا أيها المخلوق الذي ولدت، من رعب صوت القنابل مزيج الاسلحة الرشاشة، وترعرت بين اصوات الرصاص، ما مصيرك كيف تأمل انك ستقهر الجوع، ولكنك لم تعرف طعم الخبز بعد، كيف تعتقد انك ستسير في طريق الخلاص والنصر، ولم تصادف من يرشدك
يا أيها المخلوق الذي يصرخ من حنجرة اختنق فيها الصوت يُدوِّي صراخك، وتردد الأودية صداه فلا احد يسمع ولا أحد يجيب.
يا ايها المخلوق الذي ينادي على الحرية، ينادي بصوت لا يسمع منه الا فحيح ، كفحيح الافعى عند ساعة الغضب والسم، صوت تجسَّد فيه كل معاني الامل، امل العودة الى قطعة من سماء جنة من جنات العالم.
يا أيها الرازح تحت القهر والاستعباد، أَفِقْ وانظر لانك مخلوق مثل غيرك من البشر، لم استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احراراً. افق ضميرك الحي وطهره من الدنس، واجعل لنفسك مقاماً بين الانسانية.
من خلف القضبان لمحتك، في العتمة المذبوحة المتألمة لمصيرك نَظَرت عيناي عنفوان جبينك، فامتلأت نفسي حقداً.
وأحسست بضعفي لو لم تحقر الضعف، وتمنح القوة وساماً، يزيدنا اكباراً. ايها الهادر بصوت الحق، الحامل مشعل الهدى للتائهين، وعظمة القوة للضعفاء وانت تتألم، لا لانك تقاسي اللوعة، وتحيا المأساة، بل لانك بعيد عن شعبك الذي هو محتاج اليك، ولا يشعر وانت لست محتاجاً اليه وتتالم لفراقه.
انت الحر لانك تحمل المحبة في قلبك، ونحن عبيد انانيتنا وطائفيتنا، نحمل في نفوسنا الف جيل من العبودية، فالذي يرد الحقد محبة، واليأس أملاً، والذل شموخاً، لا شك انه اكثر حرية من الحاقد على المحبة، المستسلم لليأس، القانع بان يكون متفرجاً على شاشة الحياة، لاهياً عابثاً في خضمّها.
ايها الاصلب ارادة والاشرس صموداً في ايمانك حتى الموت مناضل في التزامك حتى الجنون، ولك في عقائديتك شبقٌ يُقربك من طهارة المتصوفين وضراوتهم ومن غضب الفدائيين واستقوائهم.
العالم خائن حتى قضاياه، ومبتذل، ما عادت فيه اشياء فاضلة ونبيلة يفعل غير ما يقول، ويقول ما لا يفعل، تاجر حروب ودماء سمسار مصالح، يستعمر بالحديد والنار، ويدعو الى الحرية والديمقراطية.
يستعمر بالافكار والمبادئ الهدّامة، ويدعو الى السلام والمحبة والتسامح. العالم ليس شريفاً ومحترماً، يجب الخلاص من زبانيته ومحوه من الوجود. وصل الى القمر والمجرات، لكنه عجز عن ان يصل الى الحقيقة والحق والعدالة، لا يمثل سوى نصوص ودساتير كاذبة، يفعل برجاله كما تفعل الاطفال بلعبها، تكسرها ثم تعود تبكي طالبة غيرها.