بقلم هاني الترك OAM
نُشر هذا الاسبوع كتاب جديد يحمل عنوان The Lost Art of Sleep أي (فقدان فن النوم) للمؤلف Michael Mcgirr يتعرض فيه إلى موضوع النوم.. ويقول أن النوم نعمة من أجل تجديد نشاط الجسم والمخ أي الصحة الجسدية والنفسية.. وقد ذُكرت فوائدة عير التاريخ البعيد.. وفي عصرنا الحالي لا تزال التجارب العلمية تُجرى على النوم.. والإنسان في المتوسط في حاجة إلى حوالي 8 ساعات من النوم حتى يشعر بالحيوية والنشاط.. وقال عنه شكسبير في مسرحيته ماكبث انه أعظم هبه من الطبيعة.. والحرمان من النوم يهلك الإنسان.. وفي مسابقة عالمية جرت منذ عدة سنوات عن أطول وقت يمكن أن يبقى فيه الشخص يقظاً دون نوم فاز بها شخص روسي إذ استمر صاحيا 16 يوما وعدة ساعات أصيب بعدها بالقشعريرة وانهار فاقدا الوعي.. ولكن دخل اسمه في كتاب غينيس للأرقام القياسية.
والحرمان من النوم ممنوع دوليا بالقانون.. كان الرومان في الماضي السحيق يعاقبون المحكوم عليهم بالموت بالحرمان من النوم.. بضربهم بالسياط إذا غفوا من أجل إيقاظهم.. وفي خلال يومين أو ثلاثة يموتون تحت وطأة العذاب بالحرمان من النوم.
وهناك أشخاص قليلون يحتاجون إلى ساعات أقل من النوم ومع ذلك يتمتعون بالنشاط.. مثل الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي ينام ثلاث ساعات في اليوم فقط.. وكذلك رئيسة وزراء بريطانيا الراحلة مارغريت تاتشر.. والفيلسوف الإغريقي ارسطو هو ضمن الأشخاص المعروفين في التاريخ الذين ينامون لساعات معدودة.
هناك أناس يعانون من الأرق وتلعب العقاقير الطبية دورا في تنويمهم.. وأحيانا تكون العقاقير ضارة بالصحة.. فذات مرة تناولت امرأة استرالية عقاقير طبية لمساعدتها التغلب على الأرق.. قامت بالسير أثناء نومها وتسلقت جسر الهاربر وسقطت من أعلاه ولقيت حتفها.
ينحي المؤلف باللائمة الكبرى على العالم الكبير توماس اديسون لتشجيع الناس على اليقظة والعمل بجهد وعدم النوم إلا القليل.. وأديسون هو الذي اخترع المصباح الكهربائي عام 1879.. ومن ضمن اختراعاته الفوتوغراف والآلة الكاتبة وجهاز لاقط الراديو وآلة التصوير السينمائي.. وهو القائل بأن العبقرية والوحي والإلهام هي 1٪ في حين أن 99٪ هي عرق وجدّ وجهد.. فهو الذي دفع الناس للعمل الشاق حتى يصابوا بالإنهاك ليأتوا بالأفكار الإبداعية.. وأديسون هو الذي اخترع مفهوم اتخاذ مهنة للعمل المعمول بها في القرنين العشرين والحادي والعشرين.
ولا يخلو الكتاب من التعرض للنوم عبر التاريخ واقتباس الأمثلة الأدبية المتعلقة بالنوم.. مثل الشاعر بوبليوس فريجيل الذي يعتبر أعظم شعراء روما «70-19 قبل الميلاد» .. ومن أروع أعماله الإنياذه التي تدور حول سقوط طروادة.. ومثل الشاعر الإغريقي هوميروس الذي ألف الإلياذه.. ومثل الأديب الإنجليزي الكبير تشارلز ديكنز الذي ألف قصة «التوقعات الكبرى» عن استراليا .. ومثل أعظم الأدباء وليم شكسبير في مؤلفاته هاملت وماكبث وتاجر البندقية.. وغيرهم من المؤلفين عظماء التاريخ الذين عبروا في أعمالهم الأدبية عن النوم.. وهم أنفسهم لم يناموا كثيراً انطلاقا من الحقيقة أن النوم يسرق ثلث حياة الإنسان.. فإن الحياة في اليقظة متعة والنوم أيضاً فيه متعة.. مع أننا لا نعرف من الناحية العلمية بالدقة لماذا ننام.