كمال براكس
البائسون في الحياة، الذين يتوهمون، ان الكفر والالحاد يؤديان الى حالة الاحباط، ومنها الى اليأس والقنوط. والبائس ايضاً يتجه الى التعصب، الذي هو نتيجة الفقر والجهل، والبطالة، انه اقتباس قوة واستمرار تجعل منه نزعة غريزية في نفسه الذي يشعر بأن ارتباطاً موجباً بالنسبة لعلاقاته الاجتماعية يدفعه الى تنمية هذه الروح في نفسه وتقويتها.
وهذا الاقتباس المتوارث من جيل الى جيل والكامن في صدر هذه البشرية، ينساق الانسان بتياره، بدوافع الميل الى هدف، والجدّ في نصرته فيصبح الفرد بحكم الوقاية الالزامية، مجبراً ان يتلف حول الجماعة موالياً ومؤيداً لمبادئ التي من اجلها يناضلون، وفي حقلها يزرعون ومن جنائنها يجنون.
واذا نظرت في الأمم المتخلفة، وامعنت النظر فيها، ترى ان اسباب التخلف هو الفقر والجهل، والفقر اذا ترجمته كان الجوع، والجوع الم، والعرى الم والعرى مرض وموت، والفقر اجهاض لمعنى الحياة.
التعصب هو شدة التحمس الى جماعة او حزب، والتحيّز الى ما تميل اليه نفسه، في السلب والنهب، وارتكاب الجرائم وما ينتج عنها من مآسي وويلات، تقشعر لها الأبدان وتصطك لها الأسنان.
وهؤلاء المجرمون، يدعون المرتزقة، فهذا الامر خطير للغاية، يثير النعرة الطائفية ويُعد حقارة ورذيلة في آن واحد، ويجب الابتعاد عنه بما امكن، لا بل محاربته، لأنه مبعث الانشقاق الطائفي والوطني، وتكون الأرض معترك وازراء وميدان جهد البلاء.
ومع الفقر لا شك الجهل، ومع الفقر والجهل المرض، لأن المرض يحتاج لدفعه قبل ان يجيء واليهما يحتاج الشفاء اذا حلّ المرض.
والفقر مشكلة عويصة للدول النامية، فهو صعب الانجاز لهذا يطمرونه طمراً، ويخفون الفقر والعوز اخفاء. باسداء شتى المعونات ولكن من اين تأتي المعونات، هل ستأتي من كسب القلة الكاسبة فتزيد البلاد فقرا، انها الحلمة من المطّاط، ندسها في فم الطفل الجائع لتمنعه من الصراخ، وسائل كثيرة لها مظاهر الحل، ولكنها لا تحل شيئاً، وانما هو تأجيل الشر المخيف الى غد، اولاً، فبعد غد، وان الفقر لا خلاص منه الا بالعمل اذا اتيح ذلك.
والتعصب المبدئي هو ميل وانحياز لتدعيم فكرة، او مبدأ حزبي بغية التوصل للغاية المتوخاة فيتصوره، انه طريق السعادة والأمل المنشود، ويقتفي اثره بحكم التسلط والاقناع مجموعة من الناس يؤيدون فكرته ويوالونها، وبديهي ان هذا التأييد يخلق في نفوسهم روح تعصبية بهذا المبدأ او ذاك ، قد يدفع بعضهم احياناً لنكران ذاتهم وتقديم نفوسهم فدية عن هذه العقيدة بسبب تعصبهم المبدئي.