مع ان أي تطور ايجابي لم يكن متوقعاً في السياق الرتيب للجلسات النيابية سواء تلك المحددة للمضي في مناقشة ملف قانون الانتخاب أم تلك المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية فإن التعطيل المزدوج الذي حصل أمس الاول في مجلس النواب اتخذ طابعاً مثقلا بقوة على مجمل المشهد الداخلي. ذلك ان الفراغ الزاحف على المؤسسات في ظل الازمة الرئاسية بدأ يطاول جلسات اللجان النيابية المشتركة التي تسير أساساً بخطى متعثرة للغاية، الامر الذي يرسم مزيداً من الظلال القاتمة على المرحلة المقبلة وما تواجهه البلاد من استحقاقات وضغوط متعاظمة، فيما الشلل في المؤسسات يتمدد أفقياً وعمودياً ويتسبب بمزيد من الاهتراء والتآكل وتاليا بتفاقم الازمات الاقتصادية والاجتماعية. ولم يكن غريبا حيال هذه الظاهرة ان تطرح عقب تعطيل جلسة اللجان المشتركة قبيل انفراط الجلسة الـ42 لانتخاب رئيس للجمهورية أيضاً تساؤلات عما اذا كان مسلسل التعطيل قد يتمدد الى الحكومة في القليل المتبقي من انتاجها. كما ان التعطيل المزدوج جاء غداة زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان – مارك ايرولت لبيروت والتي تعمد فيها تنبيه القوى السياسية اللبنانية الى ضرورة سلوك سكة لبننة حل الازمة السياسية والرئاسية بمعزل عن الرهانات الاقليمية بما شكل علامة قاتمة اضافية على مدى العجز الداخلي عن الاضطلاع بادنى موجبات تفعيل عمل المؤسسات وفي مقدمها مجلس النواب.
ووصفت مصادر نيابية اليوم النيابي أمس بإنه كان «مخيباً للامال».ولفتت الى ان تعطيل النصاب إمتد هذه المرة من جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية الى جلسة اللجان المشتركة بسبب تغيب لافت للكتل النيابية التي تقاطع عادة جلسات إنتخاب الرئيس. ولم يكتمل النصاب لجلسة اللجان التي كان يفترض ان تناقش جدول المقارنة الذي وضع بين الصيغتين المختلطتين لقانون الانتخاب لتبيان جوانب الفروق والتشابه بينهما وتأجلت الجلسة الى 27 تموز الجاري. اما الجلسة الـ42 الانتخاب فلم يحضرها سوى 42 نائباً وارجئت بدورها الى 8 آب المقبل. وبهذه الصورة دخل المجلس لعبة التعطيل الشامل في التشريع داخل اللجان كما في جلسات انتخاب رئيس الجمهورية. وذهب عضو كتلة «المستقبل» النائب احمد فتفت الى تحميل النواب المتغيبين عن الجلسات مسؤولية «جرمية تقريباً في هذا الموضوع لانهم يحملون الدولة والمؤسسات تبعة الفراغ».

العاصفة المالية
ولكن برزت على هامش تعطيل الجلستين ملامح احتواء لعاصفة كانت هبت بين وزير المال علي حسن خليل ورئيس كتلة «المستقبل « النيابية الرئيس فؤاد السنيورة في شأن الملف المالي والموازنة. ووصف السنيورة السجال الدائر في الموضوع المالي بانه «عواصف فنجانية ولا بد من مصارحة المواطنين ببعض الحقائق ويجب العودة في الامور المالية الى الاصول والانتظام عبر تقديم الموازنات ضمن المهل الدستورية وهذا لا يشمل وزارة المال وحدها بل كل الوزارات والتفتيش عن موارد جديدة للخزينة كي نستطيع المحافظة على الاستقرار المالي «. وحرص على التشديد على ان «هذا الكلام لم يكن موجهاً بالشخصي الى وزير المال علي حسن خليل». كما نفى السنيورة حصول خلاف بينه وبين وزير الداخلية نهاد المشنوق على الملف المالي قائلاً إن «هذا الكلام مجرد اختراع». وأكد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري ان «لا رغبة أبداً لدى تيار المستقبل أو مصلحة في دخول أي سجال أو تجريح مع احد في ما خص الملف المالي وان الكتلة لا ترى مبرراً للدخول في المشاحنات والسجالات والبلد يحتاج الى ان نتحمل جميعا المسؤولية في هذا الظرف». وعززت اجواء التهدئة المعطيات التي أشارت الى اتصالات جرت في هذا الموضوع وشارك فيها من الخارج الرئيس سعد الحريري تجنباً لأي أزمة في العلاقات بين رئيس مجلس النواب نبيه بري وتيار «المستقبل «.
وعلى صعيد متصل، قالت مصادر وزارية ان نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي للبنان أكدت أن الانتخابات الرئاسية بعيدة المنال بدل أن تعطي أملا في إنجازها قريباً.
وصرّح وزير العمل سجعان قزي بأن تعطيل إجتماع اللجان النيابية المشتركة وجلسة إنتخاب رئيس للجمهورية «أعطى إنطباعا أن لبنان جمهورية مسموح فيها بإجراء الانتخابات البلدية فقط».