كندة سمارة – ملبورن
على الرغم من الأمثلة الكثيرة عن العيش المشترك وحرية المعتقد والتي يستدل بها عبر الآثار والمعابد والرموز الدينية المختلفة والتي مازالت قائمة في بلاد المسلمين وأن أياً منها لم يتعرض للاستئصال خلال التاريخ الطويل … لكن ذلك الاحترام والعيش المشترك يسقط عند أول اختبار، إذ يتعين عليك دينياً أن تبغض الآخر لأنه يخالفك في الدين العقيدة، وأنه مهما كان صالحاً وطيباً سيدخل نار جهنم لا محالة … من العسير أن تحمل هكذا تصورات ثم تدعي أنك تعيش حياة إنصاف مع شريكك في الإنسانية الذي هو محض مشروع لحطب النار حيث توقن أن الله سيأخذ الناس إلى جهنم بحسب أديانهم وطوائفهم وأنه لا يقيم أدنى اعتبار للقيم والمبادئ والإحسان، وبذلك تكون قد مارست الإساءة للعزة الإلهية بتنصيب نفسك حكماً بدلاً عنه، باعتباره سيبخل على عباده بالهداية والرحمة. لا أريد أن أدخل في الجدل اللاهوتي فهو جدل لا ينتهي، لكني أشعر بالمرارة من القيم المشوهة التي عصفت بالعقل المتدين فدفعته ليسكن في جزيرة من الكراهية يحيط به عالم من الكفار.
لقد تعودنا أن العرب مصابون بفوبيا الاستعمار ومع أن الحكومات الاستعمارية قد رحلت منذ زمن، لكن رياح الكراهية تعدّتها ووصلت إلى جميع أنحاء العالم، واختلط السياسي بالديني في تلك الكراهية، فهم كفار على الصعيد الديني، واستعماريون على الصعيد السياسي، ووفق المنطق نفسه تم الربط بينهم فهم جميعاً كفرة مشركون يسعون في إذلالنا وإفقارنا.
الدليل العقلي بالغ الوضوح فالبشر سواسية كأسنان المشط، وأن حرية التعبير وحق الإنسان في اختيار دينه ومعتقده محفوظة بدقة، ولا يجوز محاربة الناس على أساس أديانهم ومعتقداتهم، وأن من يقدم على فتاوى في قتل الناس والتنكيل بهم أو حتى السعي إلى قتلهم ليس على أساس من الدين بشيء، وإنما مبني على أساس من الجهل والتعصب وفتاوى من شيوخ الفتنة والقتل والحرب.