يعظم المسلمون على اختلاف مذاهبهم الكعبة المقدسة كل التعظيم، ويجلونها كل الإجلال، ويتوجهون إليها في صلواتهم أينما كانوا في شرق الأرض وغربها، في سهلها وجبلها في برها وبحرها وفضائها. وهي اول بيت وضع للناس منذ زمن أبي البشرية آدم «ع» وهي بيت الله كما يبين لنا القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. فهي الملاذ والبيت الآمن ولها أحكام كثيرة في التشريع الإسلامي تراجع في مظانها.
…ووصفت الكعبة بأنها «بيت الله» بإعتبار واضح، فالله ليس بجسم ولا يحده بيت ولا أرض ولا سماء تعالى عن ذلك علواً كبيراً، فالإضافة في بيت الله إضافة تشريفية تبين قدسية الشيء الذي ينسب إلى الله، ولذلك شهر رمضان «شهر الله» وكانت الكعبة «بيت الله»…
ويسر مركز الزهراء الإسلامي، وفي ذكرى ولادة عبد الله وأخ رسوله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «ع» في الكعبة المعظمة التي لم يولد فيها مولود غيره- من قبل ومن بعد – أن يقدم أحد الفصول «الكعبة في التاريخ» من كتاب الشيخ الفاضل يوسف رغدا العاملي» «معالم مكة والمدينة بين الماضي والحاضر» جزاه الله خيراً.
غلبة قصي بن كلاب على امر مكة وجمعه امر قريش:
يقول ابن اسحاق: ان غبثان من خزاعة وليت البيت، وكانوا يتوارثون ذلك كابراً عن كابر حتى كان آخرهم حُليل بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي.
ثم ان قصي بن كلاب خطب الى حليل بن حبشية ابنته حُبَّى فرغب فيه فزوجه فولدت له عبد الدار، وعبد مناف، وعبد العُزّى وعبداً. فلما انتشر ولد قصي، وكثر ماله، وعظم شرفه، هلك حُليل فرأى قصي انه اولى بالكعبة وبأمر مكة من خزاعة وبني بكر ، وأن قريشاً قُرعة اسماعيل بن ابراهيم وصريح ولده، فكلّم رجالاً من قريش وبني كنانة، ودعاهم الىاخراج خزاعة وبني بكر من مكة. فأجابوه. فأتاهم قصي بن كلاب بمن معه من قومه من قريش وكنانة وقُضاعة عند العقبة، فقال لنحن اولى بهذا منكم، فقاتلوه، فاقتتل الناس قتالاً شديداً، ثم انهزمت صوفة، وغلبهم قصي على ما كان بأيديهم من ذلك.
وانحازت عند ذلك خزاعة وبنو بكر عن قصي، وعرفوا انه سيمنعهم كما منع صوفة، وانه سيحول بينهم وبين الكعبة وأمر مكة. فولي قصي البيت وأمر مكة، وجمع قومه من منازلهم الى مكة، وتملك على قومه وأهل مكة فملكوه. إلا انه قد أقر للعرب ما كانوا عليه، وذلك انه كان يراه ديناً في نفسه لا ينبغي تغييره. فأقر آل صفوان وعدوان والنسأه ومرَّة بن عوف على ما كانوا عليه، حتى جاء الاسلام فهدم الله به ذلك كلّه. فكان قصيّ اول بني كعب بن لؤي أصاب ملكاً أطاع له به قومه، فكانت اليه الحجابة (1) ، والسقاية (2) ، والرِّفادة (3) والندوة (4)، واللواء (5). فحاز شرف مكة كلَّه. اتخذ لنفسه دار الندوة، وجعل بابها الى مسجد الكعبة، ففيها كانت قريش تقضى امورها.
ثم إن قصي بن كلاب هلك، فأقام آمره في قومه وفي غيرهم بنوه من بعده، ثم إن بني عبد مناف بن قصى: عبد شمس وهاشماً والمطلب ونوفلاً اجمعوا على ان يأخذوا ما بأيدي بني عبد الدار بن قُصي جعل الى عبد الدار ، من الحجابة واللواء والسقاية والرِّفادة.
ورأوا انهم أولى بذلك منهم لشرفهم عليهم وفضلهم في قومهم: فتفرقت عند ذلك قريش، فكان صاحب أمر بني عبد مناف عبد شمس بن عبد مناف، وذلك انه كان أسنَّ بني عبد مناف، وكان صاحب أمر بنى عبد الدار عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار.
ثم تداعوا الى الصلح، على ان يعطوا بني عبد مناف السقاية والرفِّادة، وأن تكون الحجابة واللواء والندوة لبني عبد الدار كما كانت. ففعلوا ورضي كل واحد من الفريقين بذلك. فلم يزالوا على ذلك، حتى جاء الله تعالى بالاسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان من حلف في الجاهلية فإن الاسلام لم يزده الا شدّة.
فولي الرفادة والسقاية هاشم بن عبد مناف، وذلك ان عبد شمس كان رجلاً سفاراً قلّما يقيم بمكة، وكان مقلاً ذا ولدَ، وكان هاشم موسراً.
وكان هاشم فيما يزعمون أول من سنّ الرحلتين لقريش : رحلتي الشتاء والصيف. واول من اطعم الثريد بمكة، وانما كان اسمه عمراً، فما سمّى هاشماً الا بهشمه الخبز بمكة لقومه.
ثم هلك هاشم بن عبد مناف بغزّة من ارض الشام تاجراً، فوليَ السقاية والرفادة من بعده المطلب بن عبد مناف. وكان اصغر من عبد شمس وهاشم، وكان ذا شرف في قومه وفضل، وكانت قريش انما تسميه الفيض لسماحته وفضله.
ثم هلك المطلب بردمان من ارض اليمن. فوليَ عبد المطلب بن هاشم السقاية والرفادة بعد عمه المطلب، فأقامها للناس، وأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون قبله لقومهم من امرهم، وشرف في قومه شرفاً لم يبلغه احد من أبائه، وأحبه قومه وعظم خطره فيهم.
ثم لما هلك عبد المطلب بن هاشم ولى زمزم والسقاية عليها بعده العباس ابن عبد المطلب، وهو يومئذ من احدث اخوته سناً، فلم تزل اليه حتى قام الاسلام وهي بيده، فأقره رسول الله «ص» على ما مضي من ولايته.
محاولة هدم الكعبة
اصحاب الفيل .. إبرهة والطير الأبابيل:
ان إبرهة بنى القُليس بصنعاء، فبنى كنيسةَ لم يُرَ مثلها في زمانها بشيء من الأرض، ثم كتب الى النجاشي إني قد بنيت لك – ايها الملك – كنيسةَ لم يُبن مثلُها لملك كان قبلك، ولستُ بمنتهٍ حتى أصرف اليها حجَّ العرب.
ثم ذهب ليحقق غرضه وهو هدم الكعبة. فلما نزل أبرهه المغمِّس بعث رجلاً من الحبشة يقال له: الأسود ابن مقصود على خيل له، حتى انتهى الى مكة، فساق اليه اموال اهل تهامة من قريش وغيرهم، واصاب فيها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها، فهمّت قريش وكنانة وهذيل، ومن كان بذلك الحرب من سائر الناس بقتاله، ثم عرفوا انهم لا طاقة لهم به، فتركوا ذلك.
وبعث أبرهه حناطة الحميري الى مكة، وقال له : سل عن سيد اهل هذا البلد وشريفها، ثم قل له: ان الملك يقول لك: إني لم آتِ لحربكم، انما جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تعرضوا دونه بحرب فلا حاجة لي بدمائكم، فإن هو لم يرد حربي فأتني به. فلما دخل حناطة مكة سأل عن سيّد قريش وشريفها، فقيل له: عبد المطلب بن هاشم، فجاءه فقال له ما امره به ابرهه، فقال له عبد المطلب: والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله ابراهيم (ع) او كما قال: فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وان يخلِّ بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه، فقال له حناطة: فانطلق معي اليه، فإنه قد أمرني أن آتي بك. فانطلق معه عبد المطلب ومعه بعض بنيه حتى أتى المعسكر.
فكلّم أنيس إبرهة، فقال له: ايها الملك، هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك قال: فأذن له إبرهة.
قال: وكان عبد المطلب اوسم الناس واجملهم واعظمهم، فلما رآه ابرهة اجلّه واعظمه واكرمه عن ان يجلسه تحته، وكره ان تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه، فنزل إبرهة عن سريره، فجلس على بساطة واجلسه معه عليه الى جنبه، ثم سأله عن حاجته فقال:
حاجتي ان يرد عليّ الملك مئتي بعير اصابها لي.
قال إإبرهة لترجمانه: قل له : قد كنت اعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، اتكلمني في مئتي بعير اصبتها لك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمني فيه!
قال له عبد المطلب: إني انا رب الإبل، وإنّ للبيت رباً سيمنعه.
قال إبرهة: ما كان ليمتنع مني.
قال عبد المطلب: أنت وذاك.
فلما انصرفوا عنه انصرف عبد المطلب الى قريش فأخبرهم الخبر، وأمرهم بالخروج عن مكة، والتحرز في شعف الجبال، والشعاب، تخوفاً عليهم من معرّة الجيش، ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على إبرهة وجنده، فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة:
لا هُمَّ إنَّ العبد يمنع رحله فامنع حِلالك
لا يغلبنَّ صليبهم ومحالهم غدواً محالك
ثم ارسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة، وانطلق هو ومن معه من قريش الى ضعف الجبال فتحرزوا فيها ينتظرون ما إبرهة فاعل بمكة اذا دخلها. فلما اصبح إبرهة تهيأ لدخول مكة، وهيأ فيله وعبّأ جيشه، كان اسم الفيل محمودا، وإبرهة مجمع لهدم البيت ثم الانصراف الى اليمن. فلما وجهوا الفيل الى مكة أقبل نفيل بن حبيب الخثعمي حتى قام الى جنب الفيل، ثم اخذ باذنه فقال: ابرك محمود، او ارجع راشداً من حيث جئت، فإنك في بلد الله الحرام، ثم ارسل اذنه فبرك الفيل، وكلما حاولوا ارساله باتجاه مكة لم يمكنهم ذلك. فارسل الله تعالىعليهم طيراً من البحر امثال الخطاطيف من كل طائر منها ثلاثة احجار يحملها: حجر في منقاره، وحجران في رجليه، امثال الحمص والعدس، لا تصيب منهم احداً إلا هلك، وليس كلهم اصابت وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منه جاؤوا.
واصيب إبرهة في جسده، وخرجوا به معهم تسقط انامله. أنملة أنملة، حتى قدموا به صنعاء وهو مثل فرخ الطائر، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه.
فلما بعث الله محمد (ص) كان مما يعد الله على قريش من نعمته عليهم وفضله. ما رد عنهم من أمر الحبشة لبقاء امرهم ومدتهم، فقال تبارك وتعالى: «الم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل، ألم يجعل كيدهم في تضليل، وارسل عليه طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول».
وقال « لايلاف قريش «ايلافهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا ارب هذا البيت، الذي اطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف».
اسماء مكة المكرمة:
لمكة المشرفة اسماء كثيرة وقد عنى الناس بجمعها.
يقول الفاسي في كتابه شفاء الغرام ( ولم أرَ لأحد في ذلك مثل ما رأيت لشيخنا العلامة اللغوي قاضي اليمن مجد الدين الشيرازي، ولكنه أغرب فيما ذكره، وفاته مع ذلك اسماء اخرى، يقول مجد الدين الشيرازي:
ومن اسماء مكة شرفها الله تعالى وعظمها:
1 – العروض؛ 2- والسيل ؛ 3- مُخرَج صدق ؛ 4 – البيّنة؛ 5- المعاد ؛ 6- أم زحم؛ 7 – أم زحم ؛ 8- أم صُبح؛ 9 – أم القرى؛ 10 – البلد ؛ 11- البلدة ؛ 12- البلد الأمين؛ 13 – البلد الحرام؛ 14- الرَّتاج؛ 15- الناسة؛ 16 – الناشة؛ 17- حرم الله تعالى؛ 18 – بلد الله تعالى ؛ 19 – فادان ؛ 20 – الباسة؛ 21 – البساسة ؛ 22 – وطيبة؛ 23 – القادس؛ 24 – المقدسة؛ 25- قرية النمل؛ 26 – نقرة الغراب؛ 27 الحمس؛ 28 – صلاح؛ 29- الحاطمة؛ 30 – كوثى؛ 31 -سبوحة؛ 32- السلام؛ 33 – العذراء ؛ 34 – نادرة ؛ 35 – الوادي ؛ 36 – الحرم؛ 37- النجز ؛ 38 – القريّة؛ 39- بكّة؛ 40 – مكة؛ 41 العرش ؛ 42 العُرش؛ 43 – العُرُش؛ 44- العروش؛ 45- الحُرمة؛ 46 – الحرمة 47؛ – البيت العتيق؛ 48 – الرأس؛ 49 – القادسية؛ 50 – المسجد الحرام ؛ 51 – المعطشة؛ 52 – المكتان – 53 – النابية؛ 54 – ام روح؛ 55 – الرحمن؛ 56 – ام كونى.
-ذكر معاني بعض اسماء مكة:
اختلف في مكة بالميم وبكَّة بالباء أهما بمعنىً واحد أم بمعنيين؟
وعلى القول الثاني – اي انهما بمعنيين – اختلف القائلون به.
فقيا بَكَّة موضع البيت، ومكة القرية.
وقيل بَكة موضع البيت، ومكة الحرم كله.
وقيل بكة ما بين الجبلين، ومكة الحرم كله.
وقيل بَكة الكعبة والمسجد الحرام، ومكة ذو طوى.
وقيل بكة البيت، وما حواليه مكة.
1- مكة:
اختلف في معنى تسميتها مكة، قيل: لانها تمكُّ الجبارين، اي تذهب نخوتهم.
وقيل: لانها تمكُّ الفاجر عنها أي تخرجه.
وقيل: لانها تجذب الناس إليها.
وقيل: لقلة مائها، اي مكَّ الثدي اي مصَّة لقلة حليبه.
واسم مكة من الاسماء التي ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة الفتح: «وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ…». وهناك معاني أخرى لا حاجة إلى ذكرها.
2- بَكَّة:
«إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ».
واختلف في معنى تسميتها بَكَّة، فقيل: لانها تبك أعناق الجبابرة إذا ألحدوا فيها، اي تدقها، والبك الدق.
وقيل سميت بكة لانها لا يفجر بها أحد إلا بكَّت عنقه.
وقيل لازدحام الناس بها، قاله ابن عباس.
وقيل لانها تضع من نخوة المتكبرين.
وهذان الاسمان مكة وبكة مأخوذان من القرآن الكريم.
وهناك عدة اسماء أخرى اخذت من القرآن الكريم منها.
3- أم القرى:
لقوله تعالى: « ولتنذر أمَّ القرى وَمن حولها».
واختلف في سبب تسميتها بذلك، فقيل: لأن الأرض دحيت من تحتها.
وقيل: لأنها أعظم القرى شأناً.
وقيل: لأن فيها بيت الله، ولما جرت العادة بأن الملك وبلده مقدمان على جميع الأماكن سمِّي أماً لأن الام متقدمة.
وقيل: لانها قبلة تؤمها جميع الأُمة.
4- البلد:
«لا أقسم بهذا البلد».
والبلد في اللغة الصدر، قال ابن عباس هي مكة: وهي صدر القرى. وفي آية اخرى على لسان ابراهيم عليه السلام: «وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ» فان المقصود بالبلد هو مكة. وفي آية أخرى ورد ذكر البلد على لسان ابراهيم بمعنى مكة: «وإذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً واجنبني وبنِيَّ ان نعبد الاصنام».
5- البلد الأمين:
والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين».
قال الفاكهي فيما رواه بسنده إلى ابن عباس في قوله تعالى» «وهذا البلد الأمين» قال يعني مكة.
6- الباسَّة:
سميت مكة الباسَّة لانها تبس نت ألحد فيها، اي تهلكه، اي تحطه.
7- الحرم الآمن:
ورد في موضعين من القرآن
«أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ».
وفي آية أخرى « أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِن لَّدُنَّا».
فضل مكة على غيرها من البلاد:
منها ما ذكره الفاسي المكي في كتابه (شفاء الغرام) ما رواه الشامي والترمذي وابن ماجة من حديث عبد الله بن عدي ابن الحمراء الزهري انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بمكة يقول لمكة:
«والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت».
وحسبُكَ بفضل مكة ان فيها بيت الله الذي رضي بحط الاوزار عن العباد بقصده في العمر مرة، ولم يقبل من أحد منهم صلاة إلا باستقبال جهته إن قدر على التوجه إليها. وهي قبلة المسلمين أحياء وامواتاً. وفيها ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وورد جملة من الاخبار حول فضلها ومنها: ما رواه الترمذي وصححه ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمكة» ما أطيبك وأحبك لي؟!! ولولا قومك أخرجوني منك ما سكنت غيرك.
وروى سعيد بن عبد الله الأعرج، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أحب الأرض إلى الله تعالى مكة، وما تربة احب إلى الله عز وجل من تربتها، ولا حجر أحب إلى الله من حجرها، ولا شجر أحب إلى الله من شجرها، ولا جبال أحب إلى الله من جبالها، ولا ماء أحب إلى الله من مائها.
وقال في خبر آخر: ما خلق الله تبارك وتعالى بقعة في الأرض أحب إليه منها – وأومأ بيده إلى الكعبة- ولا أكرم على الله عز وجل منها، لها حرَّم الله الاشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والأرض.
فضل الصلاة في مكة:
أن الصلاة في مسجد مكة أفضل من الصلاة في غيره من المساجد، ويدل على ذلك جملة من الاخبار نقتصر على عدة أخبار منها:
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا تفضل على غيره من المساجد بألف صلاة إلا المسجد الحرام.
رواه أحمد 2/53-54، ومسلم 9/165، والنسائي 5/213.
ومنها: عن جبير بن مُطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة في مسجدي هذا افضل من ألف صلاة في غيره بألف صلاة إلا المسجد الحرام.
رواه ابن ابي شيبة 2/371، واحمد 4/80، والطيالسي 2/205 والطبراني في الكبير، وذكره السيوطي في الجامع الكبير 1/563.
ومنها: وما رواه عبد الله بن الزبير قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاة في المسجد الحرام أفضل من كل صلاة فيما سواه من المساجد بمائة ضعف.
ذكره الفاسي في شفاء الغرام 1/80. وذكره الهيثمي في المجمع 4/5 وعزاه للطبراني في الكبير.
ومنها: عن عبد الله بن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي.
رواه ابن حبان (254 موارد الظمآن)، وابن عَديّ 2/817، والفاسي في شفاء الغرام 1/79-80، ورواه الأزرقي 2/64 والهيثمي والسيوطي في الجامع الكبير 1/563 الخ.
ومنها: عن أبي عبد الله صلى الله عليه وسلم عن آبائه: قال: الصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة.
ومنها: عن ابي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرَّجل يصلي في جماعة في منزله بمكة أفضل أو وحده في المسجد الحرام؟ فقال وحده.
ومنها: عن الصادق عليه السلام، عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة في مسجدي هذا تعدل عند الله عشرة آلاف صلاة في غيره من المساجد الا المسجد الحرام، فإن الصلاة فيه تعدل مائة ألف صلاة.
تراجع المصادر في نفس الكتاب «معالم مكة والمدينة بين الماضي والحاضر»
—–
1) الحجابة : ان تكون مفاتيح البيت عنده فلا يدخله احد إلا بإذنه
2) السقاية : اي سقاية زمزم، وكانوا يصنعون بها شراباً في الموسم للحاج الذي يوافي مكة)
3) طعام كانت قريش تجمعه كل عام لأهل الموسم،
4) الندوة : الاجتماع للمشورة والرأي
5) اللواء : يعني في الحرب، لأنه كان لا يحمله عندهم الا قوم مخصوصون
مسجد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام