بقلم ألاء القيسي- سدني
يلازمني الرعب كلما تذكرتُ تلك المرأة غريبة الأطوار.
كنت أراقبها في صغري من شرفة المنزل،
تخرج كل يوم في عتمة الفجر،
تحمل أكياساً كثيرة،
تتمتم بكلمات غريبة في ذاك السكون الدامس،
تصعد إلى التلة المقابلة لبيتنا،
تضع أحمالها وتنام على العشب نومة جنين،
تهمس للأرض وتروي حكايات طويلة،
لكنّ أحداً لم يفقه قولها لكثرة ما تبكي في الرواية.
يشقشق فجرٌ ثقيل الهمّة،
يسقط مطر داكن،
قوةٌ ما تَصلُب أطراف المرأة الجنين،
تجذبها للأسفل ،
يخرج من جلدها عشبٌ كثيف،
تستوي بالأرض ويشربها التراب.
يأتي رجل نشيط يمشي فوقها ولا يلمحها،
يفلحها بفأسه وهو يدندن،
ينثر بذوره فوقها ويمضي دون أن يسمع صراخها.
يأتي أطفال عابثون،
ينزعون عشبها ولا يلمحونها،
يتقافزون فوقها ضاحكين،
يبولون عليها ويمضون…
لا أدري كيف كانت تعود في الصباح الثاني،
تُكرّر نفس الحكاية،
تحمل أثقالها،
تتمتم وتصرخ ،
يشربها التراب،
يأتيها الرجل الفلاح والصبية المرحون،
يكررون عليها القصة ذاتها..
وحدي أنا من كنت أسمع صوت أنينها وينبت مني عشب كثير.