حين تنتفي حظوظ أحد من فريق »14 آذار»، سنختار حُكماً العماد ميشال عون. هذا ما أكّده رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، داعياً الذين يحسبونها كثيراً إلى «عدم التفكير كثيراً»، قائلاً: «هي حِنكة سياسية أو دهاء سياسي سمّوها كما شئتم«. وسأل جعجع أمام مندوبي الصُحف والإعلاميين الذين عَقدوا جلسة مغلقة معه في معراب: «ماذا ينتظر «حزب الله» حتى يعلن موقفَه بوضوح وصراحة، خصوصاً إذا كان الموضوع في مِثل هذه الدقّة؟
وانتقد في المقابل خطاب السيّد حسن نصرالله «الذي تكلّم زهاءَ ساعة ونصف الساعة من دون ذِكر لبنان في خطابه». وقال متهكّماً: «راهنَ الجميع على قرار «القوات» مؤكّدين أنّها إذا بايَعت العماد عون للرئاسة فنسير جميعُنا به وتُحَلّ المشكلة، لذلك لا يراهنّن أحد على مواقفِنا لأنّنا حين مشينا تخلّفوا هم وبانَ مَن هو المعطّل».
أمّا عن حوار «حزب الله»، فقال: «لا «حزب الله» راكِض على الحوار معنا ولا «القوات» راكضة للحوار معه، لسَبب بسيط، لأنّ الحزب يَقرأنا جيّداً ونحن نقرأه جيّداً. «حزب الله» نتعاطى معه في مجلس النواب، ونقطة على السطر.
ورأى أنّه إذا بقيَت الأمور جامدة حتى آذار، فالأمر يعني أنّ حزب الله لا يريد رئيساً، وخلال ثلاثة أشهر كحدّ أقصى ستتّضح الأمور أكثر وسنَبني على الشيء مقتضاه.
وأملَ أن «يُجيب فريق «8 آذار» مجتمعاً وبوضوح إذا ما كان يريد عون رئيساً أو لا، على ألّا تكون إجاباتهم شبيهة »بمزحات سَمجة» للتبرير لماذا لا يُجمعون على عون«، مذكّراً كيف أقنَعوا الرئيس عمر كرامي بالانسحاب للرئيس نجيب ميقاتي عندما أرادوا ذلك.
أمّا طبعُ الرئيس سعد الحريري الذي يَميل إلى المزاح، فدافعَ عنه جعجع، لكنّه لم يُبرّره في المقابل، على رغم أنّه اعتاد طباعه، داعياً للنظر إلى جوهر الخطاب السياسي.
أمّا بالنسبة إلى ضحكته، فشدّد على أنّها عفوية كعادته، وكان الأمر بالنسبة إليه نكتة، ويمكن القول «نكتة سَمجة»، البعيدون قرَأوها بمفهومهم، لكنّ القريبين أكد جعجع بأنهم سيُحسنون القراءة. ونفى أن يكون الحريري قد أحرجَه، لأنه يُحرَج عندما يقوم بعمل خاطئ، وهذا لم يحصل، مضيفاً بضحكة: «لم أعاتِبه لأنّه لم يتبقَّ مخلوق في الجمهورية اللبنانية لم يعاتبه».
وأكّد أنّه يرفض التعليقات المذهبية والمتطرّفة والأقلام التي تتوقّف عند التفاصيل وتنسى الجوهر، أي الطرح السياسي». وأوضَح أنّ موقف الحريري كان واضحاً من عرقلة حزب الله، وهو أكّد أنّ المستقبل لن يقاطع أيّ جلسة انتخاب، وأنّ تيّار «المستقبل» لا يضَع فيتو على أيّ مرشّح.
وأشار إلى أنّ فريق 8 آذار سُرَّ عندما تبنّينا ترشيحَ عون إنّما ترجمة هذا الانشراح لم تلاقِ ترجمتَه في الميدان ولا في البرلمان، وهنا يجب التوقف «لأنّنا مع تيار «المستقبل» عم نِشتغل سياسة».
أمّا عمّا أثّرَ في قلبه أكثر، الصورة أم النكتة؟ فضَحك قائلاً: «أسمج مِن بعض». ثمّ عاد إلى جدّيته ليؤكّد أنّه يحاول إقناع الحريري بالعماد عون.
أمّا بالنسبة إلى الفصل بين المصالحة وترشيح عون، فشدّد جعجع على أنّه «لو لم تكن النتائج إيجابية في ورقة التفاهم، ولو لم يكن التأسيس للمصالحة جدّياً ووطنياً لَما توصّلنا إلى القبول بعون وترشيحه، فورقةُ إعلان النوايا هي التي أسَّست للبنود العشرة والتي تشبه إلى حدّ كبير إعلانَ بعبدا»، وهي التي شجّعتنا على تبنّيه مرشّحاً في النهاية.
ولاحَظ أنّ الحريري لديه حلمٌ أو أملٌ في أن يكون تيار «المستقبل»عابراً للطوائف ليشبه الى حدٍّ كبير «القوات اللبنانية« التي أصبَحت وبعد الاستطلاعات الأخيرة عابرة للطوائف، على عكس ما يحاول البعض تصويرَها.
وعن العلاقة مع حزب الكتائب، قال: »إنّ خلاف البيت العائلي يعالج ضمن البيت والعائلة ولا مشكلة في الامر». وبالنسبة إلى التفاوض مع «المردة»، أكّد جعجع أنّه كان في أحسن الاحوال، ومنذ سنتين العلاقة على أفضل ما يرام وتمّ الإتفاق على التطبيق على الأرض بعيداً من الإعلام، أما في الرئاسة فلم نتّفق. وأضاف تعليقاً على مطلبه بوزارة الداخلية: «الحكومة بكاملها لم نَسأل عنها، وطُرحت علينا حقيبة واثنتان وثلاثة، فكيف يقول «المردة» إنّنا أرَدنا الداخلية؟
أمّا في ما يتعلق بفتح خطوط مع «حزب الله» فلا نحتاج إلى من يفتح لنا خطوطاً مع الحزب، كما أننا نلتقي معه في مجلس النواب». مذكّراً بأنّ القوات دُعِيَت إلى حوار ولم تذهب، فهل هذا يعني أنّها راكضة إلى محاورة حزب الله؟.
واستبعَد جعجع وجودَ قرار سعودي بالمواجهة، جازماً بأنه إذا لم يتبَقَّ أحد في «14 آذار»، فأنا باقٍ فيها.
وأوضَح أنّ «السعودية تشترط لكي تذهب إلى المواجهة أن تكون أميركا مشاركة إلى جانبها»، مستبعداً أن تشارك أميركا والرئيس باراك أوباما تحديداً في هذه المواجهة.
وعن الوضع في سوريا أكّد جعجع أن لا وجود لبشّار الأسد في مستقبل سوريا، وهو سيكون خارج المعادلة لأنّه لا يمكن إيقاف عجَلة التاريخ، مضيفاً أنّ روسيا وإيران تحاربان عنه اليوم، وإذا كانت تتقدّم اليوم هي وحلفاؤها فقد تتغيّر المعادلة لاحقاً.
أمّا عن البساط الإيراني أو الجناح الروسي، فأكّد جعجع أنّ «القوات» لن تركب أيّاً منهما، متوجّهاً بذلك إلى الذين يقولون إنّ ترشيحه لعون حصل بعد رؤية الحكيم للتقدّم الإيراني في المنطقة، تماماً كما أنّها لم تركب على الدبّابات السورية من أجل مصالحها الشخصية بالرغم من الضغوط، لأنّ ثوابتها الوطنية كانت الأساس».