بقلم هاني الترك OAM
فتح الزميلان العزيزان في اذاعة اس بي اس سيلفا مزهر وغسان نخول في الحوار المباشر موضوع الانطباع الاول للمهاجر حينما تطأ اقدامه ارض استراليا.. قلت لهما:
لم اكن اعرف الانكليزية.. حتى ان صديق لي في مصر قبل هجرتي الى استراليا كتب لي ورقة بالانكليزية الى سائق السيارة الاجرة في مطار سيدني وفيها عنوان قريب لي ان يوصلني له.. احسست بالضياع.. كنت انام في كراج المنزل وكان البرد قارساً.. وثاني يوم من وصولي ذهبت للعمل في مصنع.. اذ ان الجزء الساحق من المهاجرين كانوا يعملون في المصانع.. كنت اعمل على مدى ستة ايام في الاسبوع كل يوم 12 ساعة.. اذهب بعدها الى كلية تايف لتعلم مبادئ اللغة الانكليزية.. لم تكن التسهيلات الحياتية المتوفرة اليوم للمهاجرين متوفرة في استراليا في ذلك الزمن.
كنت في اوقات الاستراحة اعتكف في المصنع لأقرأ صحيفة الدايلي ميرور.. واستخرج الكلمات بالانكليزية واضع علامة امامها حتى اجد مرادفاتها بالعربية.. احفظ كل يوم كلمات جديدة.. كان زملائي في العمل يسخرون مني ويقولون: مهما فعلت لن تتمكن من الانكليزية التي تؤهلك للعمل في وظيفة كتابية.. ولكن كنت مصراً على تعلم الانكليزية وهي اهم عنصر لاكتساب الثقافة الاسترالية .. بدافع من حب المعرفة.. ومع مرور الايام تعلمت اللغة.. ودرست في الجامعة.. وحصلت على عدة مؤهلات عليا.. واصبحت اترجم الوثائق الرسمية القانونية الصعبة.. وعملت في المحاكم كباحث قانوني ومدير مكتبة من بينها المحكمة العليا ومدير مكتبة وزير الادعاء العام.. وكنت اكتب مقالة بالعربية لصحيفة النهار تطوعاً مني بدون اجر.. وحينما تقاعدت من عملي في مجال القانون التجأت الى الاعلام العربي.. وتشكلت ثقافتي بثقافتين عربية واسترالية.. اغرف من الثقافة التي تروق لي.. ومنحت وسام الملكة اليزابيت من الحاكم العام الاسترالي Order Medal of Australia ولقبي بجانب اسمي OAM.
هذه هي استراليا العظيمة وقصة كفاح ونجاح اعتز بها وافتخر.. ولا يزال الطريق امامي في البحث والاطلاع والعمل.. طالما ان صحتي تمكنني من الاستمرار.