قال مراقبو تنفيذ العقوبات التابعون للأمم المتحدة في تقريرهم السنوي إن على مجلس الأمن أن يفرض حظرا على تسليح جنوب السودان ودعوا إلى معاقبة رئيس البلاد سلفا كير وزعيم المتمردين ريك مشار على فظائع ارتكبت خلال الحرب الأهلية التي اندلعت قبل عامين.
وأفاد التقرير السري الذي وضعته لجنة تابعة للأمم المتحدة تراقب الصراع في جنوب السودان بتكليف من مجلس الأمن أن كير ومشار ما زالا يسيطران تماما على قواتهما وهما بالتالي مسؤولان بصورة مباشرة عن قتل مدنيين وغير ذلك من الأفعال التي توجب فرض عقوبات.
وطالما هدد مجلس الأمن المؤلف من 15 عضوا بفرض حظر على السلاح ولكن روسيا التي تملك حق النقض (الفيتو) رفضت تأييد مثل هذه الخطوة بدعم من أنغولا وهي عضو غير دائم في المجلس. وقال فيتالي تشوركين سفير روسيا في الأمم المتحدة أمس الأول الاثنين إنه قلق من أن يكون حظر السلاح على طرف واحد لأنه سيكون من اليسير فرضه على الحكومة.
وطالبت اللجنة مجلس الأمن بإضافة «صناع القرار الكبار المسؤولين عن الأفعال والسياسات التي تهدد السلم والأمن والاستقرار في البلاد» إلى القائمة السوداء.
ولم يرد في التقرير اسماء الأشخاص الذين أوصت اللجنة بفرض عقوبات عليهم في شكل حظر سفر وتجميد أصول. لكن دبلوماسيا مطلعا قال لرويترز إن ملحقا سريا للغاية يدعو إلى وضع كير ومشار على القائمة السوداء.
وأدى صراع سياسي بين كير ومشار الذي كان في وقت من الأوقات نائبا لكير إلى نشوب الحرب الأهلية. لكن المواجهة توسعت وفتحت تصدعات عرقية بين قبيلة الدنكا التي ينتمي إليها كير وقبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار. وقتل أكثر من عشرة آلاف شخص في الصراع.
وكتبت اللجنة في تقريرها «هناك دليل واضح ومقنع بأن الجزء الأكبر من أعمال العنف التي ارتكبت خلال الحرب وبينها استهداف مدنيين… أدارته أو نُفذ بعلم أفراد بارزين في مستويات عليا من الحكومة وداخل المعارضة».
لكنها قالت إن الحكومة تبدو مسؤولة عن القسم الأكبر من الدماء التي سالت في البلاد عام 2015.
وقال بايتون كنوبف منسق اللجنة التابعة للأمم المتحدة للجنة العقوبات بمجلس الأمن في 14 يناير/ كانون الثاني الجاري وفقا لتعليقات معدة سلفا وزعت على أعضاء المجلس «بينما كان المدنيون ولا يزالون هدفا للطرفين وهو أمر أحد أسبابه الانتماء القبلي فإن اللجنة خلصت إلى أن الحكومة وعلى عكس ما جرى في 2014 هي المسؤولة عن الغالبية العظمى من انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في جنوب السودان (منذ مارس/ آذار 2015)».
ولم يتسن على الفور الوصول للجنة الأمم المتحدة الخاصة بجنوب السودان الموجودة في نيويورك للتعليق على التقرير.
وقال التقرير إن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب السودان «تعرضت بشكل منتظم لهجمات ومضايقات واعتقالات وترهيب وتهديد».
وأدى الصراع في جنوب السودان الذي حظي انفصاله عن السودان في 2011 بدعم الولايات المتحدة إلى تقطيع أوصال أحدث دولة في العالم. وذكرت لجنة الأمم المتحدة أن نحو 2.3 مليون شخص شردوا منذ اندلاع الحرب في ديسمبر/ كانون الأول 2013 بينما واجه نحو 3.9 مليون نقصا حادا في الغذاء.
ووصف تقرير الأمم المتحدة كيف اشترت حكومة كير ما لا يقل عن أربع طائرات هليكوبتر هجومية من طراز مي-24 عام 2014 من شركة أوكرانية خاصة بتكلفة بلغت نحو 43 مليون دولار.
وقال التقرير «كانت (تلك الطائرات) حيوية في تقديم أفضلية هامة في العمليات العسكرية وعملت على تسهيل توسع نطاق الحرب وشجعت الذين يبحثون عن حل عسكري للصراع في الحكومة على حساب عملية السلام».
وقال كنوبف للمجلس إن متمردي مشار يحاولون الآن «الحصول على صواريخ مضادة للطائرات تطلق من على الكتف لمواجهة تهديد الطائرات الهليكوبتر الهجومية ويشيرون على وجه التحديد إلى ضرورة مواصلة القتال وتصعيده في الواقع».
وقالت اللجنة إن الجانبين وقعا اتفاق سلام في أغسطس/ آب لكنهما انتهكا وقف إطلاق النار باستمرار في حين استمرت انتهاكات حقوق الإنسان «بلا هوادة مع الإفلات الكامل من العقاب».
وذكر التقرير أن هذه الانتهاكات شملت عمليات قتل خارج سلطة القضاء فضلا عن التعذيب والعنف الجنسي والاعتقال خارج سلطة القضاء والاختطاف والاحتجاز والتهجير القسري واستغلال وتجنبد الأطفال والضرب وأعمال النهب وتدمير سبل العيش والمنازل.
وقالت اللجنة إن كل هجوم تقريبا للأطراف المتحاربة على احدى القرى شمل عمليات اغتصاب واختطاف نساء وفتيات وإن «كل الأطراف استخدمت عمدا الاغتصاب كتكتيك للحرب وغالبا في حوادث اغتصاب جماعي مروعة».
وقال كنوبف للجنة مجلس الأمن إن التكلفة البشرية للحرب مماثلة للصراعات في سوريا والعراق واليمن مقارنة بعدد سكان جنوب السودان البالغ 12 مليون نسمة. وأضاف أن هناك «خطرا حقيقيا لارتكاب فظائع جماعية على نطاق أوسع داخل جنوب السودان».