ماذا يدور في جرود عرسال ولماذا انفجر الوضع فجأة بين «داعش» و»جبهة النصرة» أمس الاول وأي تداعيات لمحاولات «داعش» السيطرة الكاملة على الجرود؟
الواقع انه فيما كانت الانظار في الداخل تتركز على «الانفراج» السياسي الذي يشهد مجلس الوزراء ترجمته امس بعودة نصابه السياسي كاملاً مع عودة وزراء «التيار الوطني الحر» و»حزب الله» الى الجلسات بفضل التقدم في موضوع تعيينات المجلس العسكري، برز التطور الميداني في جرود عرسال عبر معارك عنيفة للغاية بين التنظيمين الأمر الذي أوجب رصد هذا التطور بكثير من الدقة مع رفع الجيش جهوزيته القصوى.
وأفيد في بعلبك ان «داعش» اندفع في هجمات مركزة على مراكز «النصرة» معيداً تسليط الأضواء على الواقع الميداني في جرود عرسال حيث تسيطر «النصرة» على معظم المعابر التي تؤدي الى عرسال في مقابل تقدم «داعش « وسيطرته على اطراف عرسال من جهة الشمال امتداداً من وادي عجرم ووادي حميد حتى الملاهي. ووصف المشهد القتالي بين التنظيمين امس الاول بأنه كان الأشرس، إذ شن مئات من مسلحي «داعش» هجمات مباغتة على مراكز «النصرة» على اكثر من محور في وقت واحد واستعملت في المعارك الاسلحة الثقيلة وتحدثت معلومات عن سقوط العديد من القتلى والجرحى والأسرى بين الفريقين. وإذ ينذر الوضع بتفاقم واسع، بدا الجيش في جهوزية تامة واستهدف مرات عدة تحركات الطرفين بالقذائف الثقيلة، مما حد من تحركاتهم عند التلال والأودية المطلة على مراكزه في جرود عرسال ورأس بعلبك.
التعيينات العسكرية
وعلم من مصادر نيابية شاركت في إجتماع الحوار النيابي أمس الاول في عين التينة أن عقدة التعيينات في المجلس العسكري أحرزت تقدماً في هذا الاجتماع بما مهد الطريق أمام إنعقاد مجلس الوزراء اليوم مكتمل النصاب. وأوضحت المصادر أن رئيس مجلس النواب نبيه بري تولى عرض المخرج الذي يفضي الى ملء الشغور في المنصبيّن الارثوذكسي والشيعي بالعميديّن سمير الحاج ومحسن فنيش.
لكن معلومات أفادت ليلاً ان الاتصالات التي واكبت اجتماع هيئة الحوار وأعقبتها لم تذلل تماما عقبة المرشح الأرثوذكسي، اذ ان الرئيس بري سعى مع رئيس حزب الكتائب والمستقلين من أجل تسهيل تعيين الاسم الذي وافق عليه العماد ميشال عون وهو العميد الركن سمير الحاج. ولكن نتيجة اللقاء الذي عقده الرئيس ميشال سليمان والوزراء الثلاثة المحسوبين عليه ومن ثم اللقاء المسائي الذي جمع وزراء من الكتائب والمستقلين، ومع وزير الدفاع سمير مقبل، تبين ان عقدة المرشح الارثوذكسي غير قابلة للمعالجة بالطريقة المطروحة، اذ ان الحاج يأتي وفق معايير الأقدمية والأفضلية خامساً وهو من خارج لائحة المرشحين الثلاثة الواردة أسماؤهم من قيادة الجيش، وانه ليس من السهل تجاوز هذه المعايير. وانتقلت العقدة الى جلسة مجلس الوزراء امس، ومن المتوقع ان تقوم حولها مشكلة في الجلسة قد تؤدي إما الى تمرير تعيين الحاج خلافاً لرأي اكثر من مكو?ن وزاري في الحكومة، وإما الى ارجاء التعيين وانسحاب وزراء التيار والحزب والطاشناق، او الى اقتناعهم بوجهة نظر الفريق المعارض، وهذا الاحتمال مازال مستبعداً.
وأبلغ وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي، وهو من الكتلة الوزارية للرئيس سليمان أن موضوع التعيينات في المجلس العسكري سيطرح من خلال الوزير المختص أي وزير الدفاع الذي سيعرض ثلاثة أسماء لكل مركز من المراكز الشاغرة الثلاثة، مع إشارته الى الاسم الذي يراه الافضل لكل من هذه المراكز على أن تعتمد الأسماء الثلاثة المفضّلة بالاجماع أو بالتصويت على أساس ثلثيّ أعضاء الحكومة. وتمنى طرح «جدول مفاضلة بين الأسماء المقترحة على أساس العقوبات والتنويهات فيستبعد أي أسم لديه ملف (عقوبات)».
الحوار
أما بالنسبة الى جلسة الحوار، فاكدت مصادر نيابية أنها خلت تماماً من أية إشارة الى الانتخابات الرئاسية، في حين جلس النائب سليمان فرنجية صامتاً طوال الاجتماع وكان مقعده بين الرئيس فؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب. وقد استرعى انتباه المراقبين خروج النائب فرنجية عن صمته منذ لقاء معراب إذ أكد لدى انصرافه الاستمرار في ترشيحه مستغرباً «كيف ينسحب صاحب الـ 70 صوتاً لمن يملك 40 صوتاً؟» واذ رحب بالعماد ميشال عون في بنشعي، كرر انه «اذا لم يوافق عون على الخطة ب فلا نعترف بالخطة أ».
ومن أبرز المواضيع التي طرحت في الحوار، إضافة الى التعيينات العسكرية، موضوع المحكمة العسكرية،فكانت مداخلة للرئيس بري الذي أوضح أن أحدا لم يقف مع قرار محكمة التمييز العسكرية بتخلية ميشال سماحة، داعياً هذه المحكمة، كما هي معتادة، الى إصدار حكمها سريعاً في القضية من دون تردد.
والموضوع التالي الذي حظي بالاهتمام، كان الموقف اللبناني في مؤتمريّ وزراء الخارجية العرب ومنظمة المؤتمر الاسلامي وما صاحبه من جدل إنطلاقا مما طرحه الرئيس السنيورة على هذا الصعيد. فكان رد وزير الخارجية جبران باسيل بان هذا الموقف كان منطلقا من سياسة «النأي بالنفس» التي يعتمدها لبنان ومن أن قرار إمتناع لبنان عن التصويت لم يعطل الاجماع فضلاً عن أن هذا الموقف حمى الوحدة الوطنية.
ثم كان موضوع العقوبات الاميركية على المصارف، فحذر الرئيس السنيورة في مداخلته من تجاهل هذه العقوبات التي ترتب على لبنان أفدح الاضرار. وأعطى مثلاً ما حصل مع البنك العربي عندما حوّل مبلغ ثلاثة آلاف دولار لحساب أحد قياديي حركة «حماس»، فتكبّد جراء هذه المعاملة مئات الملايين من الدولارات. وأشار الى أن وزارة الخزانة الاميركية حصّلت بفضل هذه العقوبات حتى الآن في مجالات عدة مبلغ يناهز الـ 120 مليار دولار. واتسمت مداخلة السنيورة بتعدد المواضيع الساخنة التي أثارها. وبعدما حذر من تداعيات الموقف «المتفرد» الذي اتخذه وزير الخارجية في الاجتماعين والعربي والاسلامي والذي وصفه بأنه «انحياز ضد المصلحة الحقيقية للبنان»، تناول قضية تخلية «الارهابي» ميشال سماحة، ثم أثار مسألة الأوضاع الاقتصادية والمالية المتردية داعياً الى ارجاع الرسم على البنزين وتثبيت سعر صفيحة البنزين كمرحلة أولى عند 25 ألف ليرة تمكيناً للخزينة من تحقيق بعض الدخل الاضافي.
اللبنانيون في الخليج
وعلى رغم الانفراج المتوقع في عودة اكتمال النصاب السياسي لمجلس الوزراء فان ملفي احالة قضية سماحة على المجلس العدلي وموضوع تداعيات موقف وزارة الخارجية لدى الدول الخليجية سيشكلان مطبين أساسيين أمام الجلسة. ذلك ان وزراء عدة من قوى 14 آذار سيثيرون الخطر الحقيقي الذي يتهدد اللبنانيين العاملين في دول خليجية في ظل موجة المقالات الصحافية التي تصدر في شكل يومي في بعض هذه الدول ولا سيما منها المملكة العربية السعودية وتدعو الى «طرد» اللبنانيين منها، الامر الذي يعكس تداعيات بالغة الخطورة.