بقلم بيار سمعان
التوتر في العلاقات بين ايران والسعودية لم يعد سرا على أحد. وهو لم يبدأ بالأمس مع إعدام الناشط الشيعي ورجل الدين نمر النمر من ضمن مجموعة من 49 شخصا اتهموا بالتحريض على الإرهاب .
فقد تبلور هذا التوتر منذ بدأ ما اطلقت عليه «عملية الغزو الفارسي» للمنطقة وإقامة الهلال الشيعي الممتد من إيران إلى لبنان مرورا بالعراق وسوريا واليمن… وما رافق ذلك من تسليم القوى الشيعية ودعمها ماليا وعسكريا.
هذه الظاهرة أقلقت الأنظمة العربية «السنية»، خاصة المملكة العربية السعودية. وجاءت انتفاضة البحرين، وإزاحة صدام حسين وإندلاع القتال في اليمن إلى جانب تصاعد قوة حزب الله في لبنان والمنطقة كمؤشر على التهديدات المباشرة للأنظمة السنية، خاصة أن الربيع العربي أدى إلى تهاوي بعضها بسرعة غير متوقعة، ولذلك مبررات عديدة وتعطيل الدولة في لبنان وعدم التوصل إلى انتخاب رئيس للبلاد هو تعبير غير مباشر عن حدة النزاع السياسي بين العسودية وإيران والذي بدأ يتجه أكثر فأكثر نحو الصراع العسكري.
لا شك أن الدولتان تملكان عناصر قوة قد تدخلهما في حرب شاملة لن تنتهي عند حدودهما وتتخطى البعد الجغرافي للبلدين بحكم الواقع السياسي والمذهبي.
فماذا سيحدث لو دخلت السعودية وإيران في حرب مباشرة بعد أن كرّس الخلاف انقساما مذهبيا في المنطقة بين السنة والشيعة مع العلم أن البلدين خاضا حروبا بالوكالة في اليمن والعراق وسوريا الآن…!!!
لكن مع وقوع حرب مباشرة، فإن خريطة الصراع ستشهد تحولا جذريا ويكون مختلفا.
فالدولتان تمتلكان قوة عسكرية هائلة وتفصل بينهما عدة أميال في الخليج العربي.
وفي حين تبلغ مساحة إيران 600 ألف ميل مربع فإن مساحة السعودية تبلغ 800 ألف ميل، من ضمنها مساحات صحراوية شاسعة.
ويتميز البلدان بمستوى دخل عال في الانتاج المحلي الناتج بالدرجة الأولى في تصدير النفط. وتحل إيران في المرتبة 28 من ناحية الإنتاج القومي والمملكة العربية السعودية في المرتبة 19 عالميا.
ويقدر عدد السكان في إيران بحوالي 80 مليون نسمة، أي أكثر بمرتين ونصف من عدد سكان المملكة العربية السعودية حيث يبلغ عدد سكانها 30 مليون نسمة فكيف يمكن ترجمة هذه المعطيات على صعيد الحرب في حال اندلعت بين البلدين!
ونظراً للواقع الجغرافي، فإنهما قريبان ما يكفي لقيام صدام مباشر بينهما.
وانطلاقا من هذا الواقع، فإنه بمقدور إيران على سبيل المثال، أن تغرق السعودية من جرّاء دفع 2.3 مليون جندي، وهو عدد القوات المسلحة لديها، بالمقارنة مع 250 ألف جندي سعودي.
لكن السعودية استعاضت عن هذا النقص في عدد جنودها بالمقارنة مع عدد القوات الإيرانية، فأنشأت القوات العربية «السنية» المشتركة.
ومن جهة أخرى، ليس بالضرورة أن يكون عدد الجنود هو العنصر الحاسم في الحروب. ففي العصر الحديث تبين أن التكنولوجيا هي أهم حليف وعامل لحسم المعارك.
وبينما تخصص إيران حوالي 6 مليار دولار لميزانية الدفاع، تضع المملكة العربية السعودية قرابة 50 مليار دولار لهذه الميزانية، مع احتمال تخصيص المزيد من الأموال عند الضرورة لشراء أحدث المعدات من طيران ودبابات وسفن حربية وقنابل من مختلف الأحجام والقدرات.
الثابت هو أن الواقع لن يكون حرباً بين البلدين دون تداعيات تتخطى حدود البلدين. بمعنى أن أي نقص قد تعاني منه أي دولة من البلدين ستغطيه الدولة المحيطة والمتدخلة سياسيا. والانتماء السني والشيعي سيحدد منحنى المعركة ويدخل الدول العربية السنية في جوهر الصراع، في حال نشوب حرب بين البلدين. إذ تقدر المعلومات أن 80٪ من المسلمين يتبعون المذهب السني وأن الدول التي لديها أغلبية شيعية هي إيران والعراق والبحرين وآذربيجان واليمن إلى حدّ ما.
ولقد قطعت معظم دول التعاون الخليجي علاقتهما مع إيران منذ تنفيذ حكم الإعدام بحق الشيخ نمر النمر والاعتداء على السفارة السعودية في طهران.
كما أن إيران عرفت بعدائها الطويل مع إسرائيل والولايات المتحدة، وهما البلدان اللذان يدعمان السعودية في حال نشوب حرب مع إيران.
فعلى الرغم من التفوق في عدد القوات فإن موقف إيران يبدو ضعيفا بالمقارنة مع المملكة العربية السعودية. وبدون مساندة خارجية (روسيا والصين وكوريا الشمالية) فلا فرصة لإيران في تحقيق انتصار عسكري ضد السعودية.
خاصة أن السعودية ابتاعت مؤخرا أسلحة حربية تعتبر الأكثر تقدما في العالم، من ضمنها 86 طائرة F15 المخصصة للمهام القتالية جو – جو، و 70 مقاتلة من طراز F15S وهي متعددة المهام، بإمكانها أن تستهدف عمق إيران.
كما اشترت المملكة 72 طائرة مقاتلة من طراز «تايفون» الأوربية. واشترت أيضاً مروحيات جديدة، أباتشي 82 ودبابات MA2 وهي أقوى دبابة تفوق بقدرتاه الدبابات الإيرانية.
وابتاعت السعودية مجموعة سفن حربية مجهزة بمنظومة لإطلاق الصواريخ وبإمكانها مهاجمة الطائرات على ارتفاع 20 ميل وصواريخ مضادة للسفن.
وفيما تجري الولايات المتحدة مفاوضات مع إيران حول الملف النووي، تقوم الإدارة الأميركية ببيع السلاح المتطور للمملكة السعودية، رغم الترويج إعلامياً أن الولايات المتحدة تريد السلام في المنطقة.
فمن سيصل أولا إلى الشرق الأوسط: حمام السلام الأميركي أم صواريخ «العم سام»؟؟.