بقلم بيار سمعان
مع بداية عام 2016 يتساءل الناس ما عسى تحمل ألينا هذه السنة الجديدة من مفاجأت واحداث؟؟ فالسنة الماضية كانت كسابقاتها سنة عنف وقتل وارهاب ونزوح الملايين، خاصة من سوريا والعراق ، وسنة لجوء الى اوربا … كما كانت بالنسبة للبنانيين سنة «تعطيل» للدولة وسنة «فراغ» في الرئاسة الاولى، وسنة «زبالة» على اكثر من صعيد ….!!
في المنطقة كما في لبنان، انقسامات جديدة وتحالفات جديدة وتهديدات متكررة … داعش تتلقى الضربات ويقوم مقاتلون بعمليات معاكسة وتصفيات يتفننون بها يوماً بعد يوم. من جز الاعناق الى الحرق، الى طمر الضحايا آحياءً، الى إغراقهم او تقطيع اوصالهم ….
وداعش التي تحالف الشرق والغرب ضد تنظيمها، اصبحت تهدد بإستخدام الاسلحة غير التقليدية، وتدعي انها تصنع صواريخ ارض جو ، وتهدد روسيا والغرب بالانتقام والعقاب لما يقترفونه ضدها … لأن قيادتها والمقاتلين معتقدون انهم ينفذون مهمة إلهيه. بالمقابل يتوعد الغرب والولايات المتحدة ان 2016 ستشهد القضاء على داعش في سوريا والعراق، بعد ان استفاد بوتين من سياسة اوباما المتراخية والمتكلة على الحلفاء لسد الفراغ ، واكتفت بدعمهم عسكرياً ولوجستياً ، فتخلت عن دورها القيادي.
واحدث التدخل الروسي تعديلاً في المعادلة بعد ان فرض بوتين واقعاً ميدانياً على سياسة الولايات المتحدة التي مالت الى احتواء داعشي دون القضاء عليه فيما وجهت الطائرات الروسية والفرنسية لاحقاً ضربات مباشرة لجميع المواقع الحيوية لداعش وعملت القوات الروسية على توسيع الرقعة التي يسيطر عليها انصار الرئيس الاسد التطور اللافت والمحير هو في الموقف الفرنسي ، اذ أعلن الرئيس فرنسوا هولاند بعد الهجمات الارهابية المتكررة في باريس في كلمة مباشرة وجهها الى الشعب الفرنسي وتضمنت اتهاماً مباشراً وصريحاً للنورانيين والاصوليين المسلمين الذين لاعلاقه لهم بالاسلام. مؤكداً مشاركته تعاون فرنسا مع القوات الروسية في توجيه ضربات مباشرة الى قوات داعش ، فخرجت فرنسا عن خطوط الالتزام بالسياسة الامريكية المفروضة على الحلفاء ، رغم محاولة اوباما بذل المساعي لعدم خسارة الحليف الفرنسي …
الواقع السياسي والعسكري اليوم يتجه نحو التصعيد والمزيد من التأزم في الشرق الاوسط والالم.
فبعد ان شهدنا قيام تحالف الدول السنية بقيادة ودعم السعودية لمواجهة المد الشيعي الايراني ، جاءت عملية إعدام الشيخ الشيعي نمر النمر المعارض لسياسة الحكم في السعودية لتكرس هذه الانقسام المذهبي ، فالسعودية لا تريد «حسن نصرالله آخر في المملكة » … لكن هل تنتهي المعارضة عند هذا الحد ام ان اعدام نمر النمر هو انطلاقة لمعارضة متشددة داخل السعودية ذات طابع شيعي؟
ألم يسبق قيام حزب الله اختفاء (مقتل) الامام موسى الصدر ؟
مقابل الموقف السعودي الحازم شاهد العالم ردود فعل ايرانية تراوحت بين الاتهام للسعودية الى التهديد بالانتقام والاعتداء على السفارة السعودية في طهران.
على الصعيد السوري ومنطقة الشرق الاوسط ، يطرح في الكواليس برامج اصلاح سياسي تستبعد في آخر المطاف الرئيس السوري في الحكيم، يقابل ذلك القضاء على قوات داعش التي تخطط للانتقال الى دول شمال افريقيا، خاصة ليبيا ومصر واعادة ترسيب المنطقة.
اما تركيا التي تخشى من النمو الكردي واحتمال قيام دولة خاصة بهم على حدودها ، تخشى ان يسبب لها الاكراد متاعب في الداخل لوجود 30 مليون منهم في شمال البلاد.لذا تسعى تركيا الى التفاوض مع اوربا لكي تمنح الضوء الاخضر لعمل مايلزم للحفاظ على وحدة البلاد مقابل المشاركة عسكرياً في عملية القضاء على دولة الاسلام.
ويبدو ان عملية توزيع المغانم والحصص لن تكون سهلة : دول تتحالف في مواقع وتتصارع في اخري ، تتحد حول مكافحة الارهاب لكنها تختلف حول المفاهيم والنتائج ومرحلة مابعده وشروط التخلص منها .
ويستبعد المراقبون ان القضاء على قادة داعش لن يقضي علي ظاهرة الارهاب. فالفكر الاصولي المتطرف الذي انطلق مع القاعدة واتخذ شكلاً مسلحاً فرخً تنظيمات أصولية حول العالم تتفق في المباديء والعقيدة والدين والفكر الجهادي وان اختلفت في التسميات . ويستنتج المراقبون ان انهاء ظاهرة داعش ووجودها العسكري في سوريا والعراق لن يمنع ظهورها في اماكن ودول آخرى ولو تحت آسماء مختلفة ولن يوقف بالتالي الاعمال الارهابيه حول العالم .
وتسعى قوات داعش للحصول على اسلحة غير تقليدية ، كما تخشى المؤسسات الامنية ومراكز الاستخبارات ان تقوم دولة الاسلام بشن هجمات ارهابية مستخدمة مواداً جرثومية تكون نتائجها كارثية.
الواضحة ان سنة 2016 ستشهد المزيد من التصعيد العسكري لكن الخوف الاعظم ان يختلف الأجراء فيما بينهم ويتحول الصراع الى حرب شاملة بين الكبار .
فالهم الامني الذي يقلق بال الناس والمسؤولين السياسيين هو انقاذ العالم لان المستقبل قد يحمل مفاجاءات ومخاوف والمزيد من موجات النزوح البشري نحو اوربا.