زهير السباعي

مما لاشك فيه بأن مؤتمر الرياض للمعارضة السورية والذي عقد في الأسبوع الماضي وحضره أكثر من مئة شخصية سورية قد نجح في توحيد مواقف أشتات المعارضة السورية ونزع ذريعة إنقسامها وتفرقها من يد النظام السوري الذي ظل يضرب على نفس الوتر ومعه جوقته الإيرانية والروسية وبهذا تكون المعارضة السورية قد وجهت ضربة قاسية لروسيا التي تمسك بذمام المبادرة بإطلاق المفاوضات أو تأجيلها وقد امتعضت موسكو من البيان الختامي ولم ترحب به لمعرفتها المسبقة لما ستؤول له هذه المفاوضات والتي من المتوقع إنطلاقها بداية الشهر القادم كما صرح بذلك كيري.
المعارضة السورية الآن أمام مفترق طرق إما أن تستمر بأدائها الضعيف والمخزي أو أن تستغل وتستفيد من مؤتمر الرياض وتخرج من النفق المظلم الذي سيطر على أدائها طيلة الخمس سنوات الماضية فقد نجح مؤتمر الرياض في تقوية شعلة الأمل في نفوسنا وبدأنا نرى ضوءاً في نهاية النفق ولايخفى على أحد صعوبة جمع هذا العدد من ممثلي المعارضة السورية السياسية والعسكرية الفاعلة على الأرض، ويمكننا أن نبني على البنود التي وردت في البيان الختامي لمؤتمر الرياض والعمل على تحقيقها فقد أكد المؤتمرون من خلال بيانهم الختامي والوثيقة السياسية التي نوقشت على التمسك والالتزام بثوابت الثورة المتمثلة برحيل رأس النظام السوري وزمرته وتفكيك المؤسستين العسكرية والأمنية واتفقو على أن هدف التسوية السياسية هو تأسيس نظام سياسي جديد لايكون لرأس النظام السوري وزمرته مكاناً فيه وتم التوافق على بقائه في فترة المفاوضات ورحيله مع بدء المرحلة الإنتقالية بمعنى البدء بالمرحلة السياسية وهذا مانص عليه مؤتمر جنيف وأكد كيري بأن هذه الفترة ستكون أقل من ستة أشهر من تاريخ إنطلاق المفاوضات بين المعارضة والنظام التي ستفضي في نهاية المطاف الى رحيل النظام السوري طوعاً أو كرهاً وهذه نقطة مهمة وجوهرية كونها تحدد الفترة الزمنية لنهاية النظام السوري، وأكد المشاركون على تمسكهم بوحدة الأراضي السورية -لاتقسيم في سورية- وإيمانهم بالدولة المدنية الجديدة وسيادتها على كامل الأراضي السورية وعبر المشاركون عن التزامهم بالآلية الديمقراطية من خلال نظام تعددي يمثل كافة أطياف المجتمع السوري رجالاً ونساءً من دون تمييز أو إقصاء لأحد بسبب الدين أو العرق أو الطائفة ويرتكز على مباديء احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.
إن مؤتمر الرياض يعتبر رداً مباشراً وعملياَ على ذرائع المجتمع الدولي الذي خذل الشعب السوري بإتهامه للمعارضة السورية وعلى مدى الخمس سنوات الماضية بالفرقة وعدم الوحدة، اليوم أصبح لدينا هيئة سياسية وعسكرية تمثل الثورة السورية وتتحدث بإسمها أمام العالم والمحافل الدولية والسؤال الذي يطرح نفسه هل سيتفاوض النظام السوري معها إختيارياً ام مجبراً كما صرح بذلك الجبيري؟
علينا أن نكون واقعيون وأن لانبالغ بحجم النجاح ولننتظر ماستحمله لنا الأيام القادمة لنحكم بعدها على صحة ماتم الاتفاق عليه فالتطبيق العملي هو المقياس الوحيد لمعرفة النجاح أو الفشل كوننا شهدنا وعلى مدار الخمس سنوات الماضية مؤتمرات وبيانات لاتعد ولا تحصى وبقيت حبراً على ورق وذهبت أدراج الرياح.
الواقع هو الذي سيبدد شكوكنا ويبين قيمة الكلمات التي سطرت وكتبت بين السطور ماعدا ذلك فهو مضيعة للوقت ومزيداً من القتل والتدمير والتشريد.
أخيراً إن ردة فعل الدب الروسي وإيران الصفوية والنظام السوري الحاقدة والغاضبة على نجاح مؤتمر الرياض للمعارضة السورية يعتبر دليلاً قاطعاً على أهمية مقررات المؤتمر وجمعه لهذه التشكيلة السياسية والعسكرية، إن هذا المؤتمر يعتبر خطوة هامة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري وتحقيق مطالبه المشروعة في الحرية والديمقراطية والكرامة.