كامل المر
وقف العالم امس ، بسبب رعونة اردغانية ، على شفير كارثة لو قدر لها ان تنفجر لجرفت معها نصف العالم على الاقل .
لقد خطر لـواشنطن ، اللاعبة أبـداً بمصائـر العالم ، أن تختبر ، على ما يبدو ، جهوزية وقدرات القوات الجوية والبحرية الروسية المتواجدة في سوريا ، لمحاربة ارهاب داعش والنصرة واخواتهما ، ومدى استعدادها لاحتواء استفزازات صبيانية يرتكبها صبية اتراك يحلمون باستعادة امجاد امبراطوريتهم البائدة ، ويتربعون على مراكز السلطة في الدولة التركية الملحقة بالحلف الاطلسي ، والضالعة بحماية الارهاب وباقتسام عائدات موارد النفط المنهوب من حقول النفط السورية والعراقية معها .
في قمة العشرين ، التي عقدت مؤخراً ، نبه الرئيس الروسي بوتين الى ان بعض الدول المشتركة في المؤتمر ترعى الارهاب وتدعمه . والدعم لا يقتصر على الاموال فحسب ، بل يشتمل السلاح والرجال من مخنلف الجنسيات والبلدان بما فيها البلدان الاوروبية ، الذين يتسللون الى سوريا عبر الحدود التركية وبمساعدة تركية رسمية . وقد سبق للصحافة التركية ان كشفت شحنات من الاسلحة سربت الى داعش . كما نبه الى ان محاربة الارهاب تقتضي اول ما تقتضي تجفيف منابعه المالية والاقتصادية التي يسيطر عليها ، وان التحالف الدولي الذي شكلته اميركا لمحـاربـة داعــش ? من الجو ? ليس فعالا حتى الساعة ، وطالب الدول التي ترعى الارهاب ان تقلع عن ممارساتها غير المجدية واللامسؤولة .
وبعد ان كشف بوتين زيف ما يدعيه رعاة الارهاب ذهب يترجم موقفه على ارض الواقع ، فكانت الاوامر صارمة بضرب مصادر تمويل داعش ، والنفط في مقدمها ، فكان ان ضرب الطيران الروسي في يوم واحد قافلة من اكثر من 500 صهريج نفط كانت متوجهة الى العراق لتكريرها تمهيدا لتصديرها الى تركيا . فكانت تلك من اهم الضربات الموجعة التي لحقت بداعش ومن ينصرها . وهذا ما اربك واشنطن وحلفها الذي يدغدغ داعش ولا يحاربها الّا اذا تجاوزت حدودها المرسومة اميركياً كأن تقترب من «دويلة» الاكراد في العراق .
وارتأت واشنطن ان تختبر جدية الموقف الروسي ، او أنها افترضت ان روسيا التي دأبت على تبريد الرؤوس الحامية في واشنطن ودول الاطلسي قد تلجأ ايضاً الى محاولة تبريد الوضع الملتهب ، ما يضطرها الى احتواء الضربة حتى لا يتفلت الوضع ، وبذلك تكون واشنطن قد اختبرت صبر الروس ، ووجهت لهم ضربة بواسطة اردغان متكلة على رعونته السياسية ، الامر الذي يظهرها وكأنها بريئة من كل ما ارتكبت تركيا العضو في الحلف الاطلسي الذي تتزعمه واشنطن . وقد استهجن الاطلسيون الاوروبيون ما اقدمت عليه تركيا من تعرضها لطائرة روسية تضرب قواعد داعش وتجمعاتها وتسقطها بحجة اختراقها الاجواء التركية . ورددوا ، حـفـظاً لـماء الوجه ، ما قالته اميركا من ان لتركيا الحق في الدفاع عن اجوائها . وقد اكد الروس بما لا يترك مجالاً للشك أن طائرتهم لم تخترق المجال الجوي التركي ، وان الطيارين لم يتلقوا اي انذار بانهم يقتربون من المجال الجوي التركي ، ما يجعل الفعل التركي عدواناً سافراً على الطائرات الروسية التي تتعقب الارهابيين وتقصف مواقعهم .
وقد اتخذت روسيا سلسلة من الاجراءات التي من شأنها ان تضع تركيا في حيز حجمها كامَّعَةٍ اطلسية، تحتضن الارهاب وتغذيه ، والتي ستقلّم ، في الوقت عينه ، اظافر واشنطن ، وانيابها المهترئة ، التي اصطنعت الارهاب في بلاد الرافدين ليكون بوابة عودتها الى العراق الذي دمرته ، والذي خرجت منه مطرودة غير مأسوف عليها .
خطيرة هي بهلونيات اردغان ، والاخطر منها بهلونيات الدافعين لها والمحرضين عليها ، فليس لعضو اطلسي ان يتصرف من عندياته فكيف اذا كان كتركيا عضواً امّعة !
انها ، باختصار ، لعب ليس بمصيرهم فحسب ، بل بمصير العالم كله . انها لعبٌ بالنار ونفخٌ في اتونها، وسيكونون اول من سيحترق بلهيبها ان كانوا لا يفقهون!.