زينة ناصر
في أحد شوارع الأشرفية، وبالتحديد حي يارد المتفرّع من شارع «لبنان»، حالة غير معتادة بعدما أعلن وزير الداخلية نهاد المشنوق في مؤتمر صحافي يوم الأحد عن وجود شقتين كانت تجهز فيهما الأحزمة الناسفة، إحداهما في برج البراجنة وأخرى في الأشرفية. وتوجّه الانتحاريان من الشقة في البناء القديم «بناية مخول» إلى برج البراجنة، ونفّذا المجزرة بحق أبرياء.
سكونٌ عارمٌ في الشارع القريب من الجامعة اليسوعية فرع Huvelin. نقترب قليلاً من المبنى، حيث إحدى واجهاته تطلُ على موقف للسيارات. يتردّد صاحبُ الموقف في إفادتنا بأية معلومات عند سؤاله عن المبنى، ثم يعود لينفي معرفته بأحد الارهابيين الذين كانا يقطنان فيه «ابرهيم الجمل». «لو منعرف كنا منضل هون؟» ، يقول لنا.
وتشير معلومات من التقينا بهم الى ان الشقة التي استأجرها الانتحاريان كانت تعود لشخص اشتراها من صاحبها الاصلي الذي قرر بيع العقار باعتبار ان مصير المبنى القديم سيكون الهدم، ويتحدثون عن ان المكان تحول مأوى لعمال من جنسيات مختلفة، وقد قسمت الشقق فيه الى منازل للايجار مؤلفة من غرفة او غرفتين، وان سعر الايجار يصل الى 500 دولار أميركي. ولم يلاحظ الجيران وهم في الغالب اصحاب متاجر متواضعة او عاملون في ورشة مقابلة اي شيء يثير الريبة او يلفت النظر، مشيرين الى ان التواصل ليس موجوداً مع قاطني الشقة وغيرهم من المستأجرين في المبنى القديم.
في الجهة الأخرى من المبنى، شارع فارغ من المارة والسيارات، باستثناء حركة مرور خفيفة جداً، ربما تعود لمعرفة الأشخاص بمكان وجود الارهابيين المفترضين هناك. تقف تحت المبنى سيارة باللون الأحمر تعود لفرع المعلومات، ويفتّش رجال الأمن المارة، وحتى الناس القاطنين في المبنى.
بينما كنا نسألهم عمّا حصل بالأغراض التي كانت موجودة في الشقة، ولم يجيبونا، وصل شخصان أرادا الصعود إلى المبنى، فخضعا للتفتيش من العناصر الامنية ، سألناهما إن كانا يعرفان الارهابي ابرهيم الجمل أو زميله في السكن، «من وين بدنا نعرفو؟». أخبرانا أنهما يقطنان في الطبقة الأولى من المبنى منذ عام 1990. إلا ان الخوف بدا واضحاً على وجهيهما… «إي أكيد منفكّر نغيّر سكنّا. نحن ما خصّنا بس»، يقولان.
الدخول إلى الشقة «الداعشية» ممنوع. خُتِمت بالشمع الأحمر حتى إشعار آخر، يقول أحد عناصر «المعلومات»، بينما يراقب الشارع والمارة. العاملون في الورشة المقابلة للمبنى المشؤوم يتحرّكون بحذر لكن «مش خايفين»، يؤكدون. غالبيتهم من الجنسية السورية، وفي لبنان «يخاف الناس من السوري عند وقوع أي حادث»، يقول أحدهم.
لا يرغب أغلب السكان في التعليق على ما حصل، وأصحاب المحال التجارية اعتادوا على «قلة الشغل»، كما يقولون، لتكون هذه الحادثة (وجود شقة للارهابيين في المنطقة) سبباً إضافياً لقلّة العمل. تقول سيدة خمسينية تملك محلاً لبيع «الكريستال» مقابل المبنى « لاحظت صباحاً حركة غريبة وسمعت الخبر عبر وسائل الاعلام». لم تخف السيدة من العثور على شقة الارهابيين في شارع تملك فيه متجراً، «لأني لا اعتقد ان المنطقة مستهدفة بالتفجيرات»، بحسب ما قالت.
أما السيدة العاملة في المتجر الملاصق، فتسألنا فور دخولنا المكان: «لتشتري أو لتسألي عن المبنى؟ هلكونا اليوم». لا تريد التعليق، وترى ان ما جرى يخيف الناس ويؤذي الحركة التجارية في المنطقة، «تخيّلي أنهم كانوا يتنقّلونَ بيننا ونحن لا نعلم بوجودهم»، تقول.
الأشرفية خائفة، وكذلك برج البراجنة ومناطق أخرى لا يعلم سكانها إن كانت التفجيرات ستستهدفها أو ستستهدف منطقة أخرى في لبنان، الجميع «على أعصابه»، ويدرك ان «البلد كلّه مستهدف»…