على رغم العنوان القصير لزيارة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل الى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لتهنئته بالفوز برئاسة «التيار الوطني الحر»، إلا ان الزيارة التي استغرقت ساعة، حفلت بالكثير من الكلام على ذكريات الماضي المشترك في مواجهة الاحتلال السوري، وتوضيح نقاط الخلاف بين الحزبين وامكانات التلاقي واهمية التوصل الى مقاربة مشتركة للملفات الاساسية و»الوجودية» بين الجانبين، وخصوصاً أن كليهما موجود في الحكومة ولديه كتلة برلمانية وحضور مهم على مستوى الرأي العام المسيحي.
في الاصل لم يخرج النائب الجميل يوماً في خطابه عن الدعوة الى وحدة الاحزاب والتجمعات المسيحية، لكن محاولات الاستئثار بالقرار المسيحي والغاء اطراف مسيحيين اساسيين ما كان يمكن ان تمر مرور الكرام، وخصوصاً مع طرح ملفات اساسية مثل قانوني الانتخاب والجنسية من دون الأخذ في الاعتبار مسألة الأوزان على الساحة المسيحية والحاجة الى رصّ الصف اللبناني وابعاد عناصر الشرذمة عن الساحة المسيحية وتالياً اللبنانية. وبرأي اوساط كتائبية متابعة لملف العلاقات بين «التيار» والكتائب، فإن الطرفين يواجهان استحقاقات مصيرية واحدة ولا بد من وجود مقاربة مشتركة، سواء تعلق الامر بملف الجنسية او قانون الانتخاب او النفايات او غيرها من الملفات، لذا فالتنسيق واجب بين الجانبين لمواجهة الانهيار الواسع الذي تشهده البلاد وما تحمله الايام من مفاجآت.
بالنسبة الى اوساط الكتائب، فإن قصة تشريع الضرورة اثبتت صحة موقف الصيفي دستورياً وقانونياً، وتالياً فإن التهويل بالانتحار ليس صحيحاً، خصوصاً ان معلومات الكتائب تؤكد ان المهلة المعطاة من المؤسسات الدولية تنتهي مطلع شباط 2016 وليس نهاية العام الجاري «ومن الآن الى شباط يخلق الله ما لا تعلمون». والرأي في اوساط الكتائبيين ان احداً لا يمكنه التفرد بالقرار المسيحي في لبنان لأسباب عدة محلية واقليمية، والحراك الكتائبي سيستمر لأنه من غير المسموح شرذمة الوضع المسيحي واحتكاره، واي اضعاف للدور المسيحي سيؤدي الى مواجهة لا اول لها ولا آخر. والكلام على السير في تشريع الضرورة بمعزل عن المسيحيين يعني أزمة حقيقية بين السنّة والشيعة، مع الأخذ في الاعتبار ان المسيحيين ليسوا مأزومين وهم يرفضون بكل احزابهم حشرهم في الزاوية وكيل الاتهامات لهم. أما السعي الى تجاوز الحضور الفاعل للمكونات المسيحية الاساسية واستعمال بعض المسيحيين كغطاء في الحوار والحكومة على السواء، فتلك مناورة مكشوفة ولا تخدم الميثاقية.
وتشدد الاوساط نفسها على ان تدخل الاحزاب المسيحية موحدة الموقف والرؤية الى الملفات الكثيرة المطروحة، اذ لا يمكن أي طرف وضع قانون انتخاب بمفرده ولا معالجة ملف النفايات على طريقته، والتسرع في مقاربة الملفات والموافقة على المشاركة في تشريع الضرورة طمعاً بالفوز بإنجازات لن تتحقق أثبت فشله، ما يعني أزمة جديدة تضاف الى نكبات المسيحيين.
وبخلاف ما قد توحي به التصريحات والخطابات الاخيرة والتراشق الكلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين بعض مناصري الكتائب و»القوات»، الا ان الكتائبيين يصرون على ان الصيفي لا تريد علاقات مأزومة مع اي طرف مسيحي ما دام ان الجميع يدرك ان المسألة ليست مسألة أحجام بل أوزان والعمل من اجل الخيار الأفضل.