هل تفسح الايام المقبلة في مخرج يمكن معه تمرير الجلسة الاشتراعية لمجلس النواب من دون خضة واسعة، أم ان نذر المواجهة السياسية الجديدة التي لاحت أمس ستعقد هذا الاستحقاق كما الكثير من سوابقه؟
الواقع ان الخوف من مواجهة بين قوى أساسية مؤيدة للجلسة والكتل المسيحية الرئيسية المتحفظة عن الجلسة ولا سيما منها كتلة «التيار الوطني الحر» وكتلة حزب «القوات اللبنانية» تنامت في الساعات الاخيرة في ظل تصاعد التجاذب في موضوع «الميثاقية» بعدما بدأ كلام مؤيدي الجلسة يركز على توافر الطابع الميثاقي من خلال مشاركة مضمونة لاكثر من 21 نائبا مسيحيا من كتل مختلفة للجلسة. ومع ان الاتصالات لا تزال في بداية الطريق من اجل ايجاد مخرج لا يستفز كتلتي «التيار» و»القوات» ويدفعهما الى مواقف حادة فان بوادر سجالات حادة برزت على خلفية تحذير الكتلتين من تحمل مغبة التداعيات الخطيرة لعدم اقرار المشاريع المالية الملحة المدرجة على جدول اعمال الجلسة، فيما حذرت الكتلتان من مغبة تجاهل التمثيل المسيحي والقفز فوق مطلب ادراج قانون الانتخاب على جدول اعمال الجلسة.
وبدا واضحا ان الرهان على مشاركة نواب «التيار» في الجلسة من دون نواب «القوات» قد سقط، وفقاً لمعلومات متطابقة من طرفي «ورقة إعلان النيات»، أكدت أيضاً حصول اتفاق نهائي بينهما على عدم حضور الجلسة إذا كان جدول الأعمال لا يتضمن قانون الإنتخاب.
وأكدت مصادر أن اتصالات حثيثة  تجري في كل الإتجاهات سعياً إلى حلول لأن عقد جلسة اشتراعية على رغم موقف ثلاث كتل مسيحية رئيسية، «التيار» و»القوات» والكتائب، تضم 42 نائباً ليس مسألة سهلة على الأقل، ولا يستطيع النواب المنتمون إلى كتل أخرى تغطيتها في حسابات المعترضين، وإذا وصلت الأمور إلى هذا الحد فسيكون لكل حادث حديث، لكن هناك تصميماً على التوصل إلى حل.
وانتقد مسؤول في «القوات» سياسة ترك القضايا معلقة بلا معالجة حتى اللحظة الأخيرة سائلاً عما فعله المسؤولون  المعنيون طوال 17 شهراً في ملف النفايات حتى بلغ الوضع ما نعيشه اليوم، لينتقل إلى سؤال عما فعلوه في ملف قانون الإنتخاب علماً أن مهلة التمديد لمجلس النواب تنتهي بعد سنة وبضعة أشهر، مؤكداً حرص «القوات» على الإقتصاد والمالية العامة والتمسك في الوقت نفسه بـ» العيش معاً» بين اللبنانيين، ورفضها مقولة «إننا في غنى عنكم ونعقد الجلسة بمن حضر». وسأل عن المصلحة في استفزاز المسيحيين في هذا الشكل وعن المطلوب من وراء هذا الاسلوب، مشيراً إلى تأثير نزول 100 متظاهر تقريباً من «الحراك المدني» إلى الشارع.
وليس بعيدا من ذلك اكد مصدر بارز في «التيار  تمسك الافرقاء المسيحيين الاساسيين بمطالبهم «ليس من باب الفرض أو التعطيل أو من منطلق عنزة ولو طارت وانما من باب المنطق التشاركي الذي يجب ان يسود بين كل مكونات الوطن». واذ ابدى ارتياحه الى ما توصلت اليه الاتصالات على المستوى المسيحي حذر من «ان تخطي الصوت المسيحي سيكون الرد عليه قاسيا».
إلا أن نائب رئيس حزب «القوات» النائب جورج عدوان اكتفى بالقول لدى سؤاله عن أجواء ما بعد الدعوة إلى الجلسة الإشتراعية إن هناك مناقشات مستمرة مع  المرجعيات المعنية وكل الأطراف، كما أن هناك سعياً مشتركاً من «القوات» و»التيار» للتوصل إلى حلول منطقية من أجل المشاركة في الجلسة.
كما رصد في هذا السياق اتصال هاتفي بين الرئيس سعد الحريري والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي علما ان كتلة «المستقبل» ستحدد موقفها من الجلسة في اجتماعها  غدا الثلثاء.
جنبلاط
اما التطور اللافت الذي برز في هذا المناخ، فتمثل في توجيه رئيس «اللقاء الديموقراطي « النائب وليد جنبلاط انتقادا حادا الى الكتل المسيحية لموقفها من الجلسة. واعتبر جنبلاط الموجود في باريس ان «ما تفعله بعض القيادات المسيحية هو مزايدة ورسالة نحو المزيد من الانتحار الذاتي». وأضاف: «اذا كان البعض منهم لم يتعلم من تجارب الماضي فهذا مؤسف لكننا لن نسير معهم في هذا الانتحار». ص2.
وقالت مصادر نيابية مؤيدة للجلسة ان التوقعات لنصاب الجلسة الاشتراعية تفيد أن اكثر من 85 نائباً سيشاركون في الجلسة بما يعكس الاهتمام بإنجاز إستحقاقات مالية لا مفر منها. ووصفت الاتصالات التي أجراها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه بأنها أعطت وزناً للجلسة المرتقبة من القطاع المالي.
وفي هذا الصدد قال النائب مروان حماده إن «الصوت الاقتصادي يضفي الميثاقية على مجلس النواب».
وأشارت المصادر الى ان ما سيصدره المجلس من تشريعات سيجنّب لبنان خطر إنقطاع تحويلات المغتربين اليه ووقف عمليات التصدير والاستيراد بسبب عدم وقف إجراءات التحويل بين لبنان والعالم. وتوقعت مزيداً من الاتصالات الداخلية في عطلة نهاية الاسبوع وفي الاسبوع المقبل من أجل تظهير الصورة النيابية التي تفتح الافاق على مزيد من الجلسات الاشتراعية التي تلاقي مواضيع ضرورية جدا للبنان.
ريتشارد جونز
الى ذلك، علم  ان اللقاء الاول لرئيس الوزراء تمام سلام والقائم بأعمال السفارة الاميركية في لبنان السفير ريتشارد جونز الذي بدأ مهماته في لبنان عكس اهتماما دوليا بالامن في لبنان والذي تجسد بتكثيف المساعدات العسكرية من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، على أن تصل هذه المساعدات الى لبنان بوتيرة أسرع من السابق. وهذا ما عكسته محادثات جونز في السرايا حيث أكد ثبات التزامات بلاده حيال لبنان ومنها مضاعفة التمويل العسكري الاميركي للبنان الى 150 مليون دولار السنة المقبلة. وفي باريس أنهت اللجنة العسكرية اللبنانية – الفرنسية المشتركة اجتماعاتها التي عقدت أخيراً وبحث خلالها في المساعدات العسكرية وتواريخ إستحقاقاتها واولوياتها.
عرسال ثانية
وسط هذه الاجواء، شهدت بلدة عرسال لليوم الثاني استهدافاً أمنياً طاول هذه المرة الجيش غداة التفجير الذي أدى الى مقتل خمسة من «هيئة علماء القلمون». وانفجرت عبوة ناسفة بدورية عسكرية كانت تواكب دورية لقوى الامن الداخلي في طريق عودتها من الكشف على مكان الانفجار الاول. وأدى الانفجار الى اصابة خمسة جنود بجروح طفيفة. وقصف الجيش بعد الظهر تجمعا للمسلحين في جرود عرسال براجمات الصواريخ، فيما أكدت مصادر عسكرية ان الوضع الميداني لا يشهد أي تطورات غير عادية على رغم التفجيرين المتعاقبين اللذين حصلا.
وفي سياق آخر، تفقد قائد الجيش العماد جان قهوجي جهاز امن المطار واطلع على الاجراءات الامنية المشددة للحفاظ على امن المطار والمناطق المحيطة به، كما زار رئيس مجلس ادارة شركة طيران الشرق الاوسط محمد الحوت الذي اطلعه على الاوضاع العامة للشركة والمطار وتدابير السلامة العامة.