بدعوة من اتحاد السلام العالمي في سيدني استراليا، وبمناسبة تزامن السنة الدولية للضوء عام 2015 استراليا، وأيضا مع اليوم العالمي للسلام 2015 تحت شعار «الشراكة من أجل السلام ? الكرامة للجميع، والذكرى السنوية السبعين للأمم المتحدة، شاركت الفنانة التشكلية والأديبة «سفيرة السلام العالمي» مارسيل منصورفي الندوة التي يقيمها الاتحاد عن موضوع «دورالفن في بناء السلام» بتاريخ 28 أكتوبر 2015، في برلمان ولاية نيو ساوث ويلز. وذلك بحضورالسيد جلين بروكس عضو البرلمان الليبرالي في المجلس التشريعي، نيابة عن السيد ديفد كلارك العضو الليبرالي في المجلس التشريعي، والسيد جريجوري ستون رئيس اتحاد السلام العالمي في سيدني، وعدد من نخبة الجاليات الأسترالية العربية من أدباء وأطباء وفنانين ومثقفين وإعلاميين والمهتمين بالشئون الفنية والثقافية والاجتماعية والسياسية. والجدير بالذكر الشمولية في جمهور الحضور المتنوع من الجاليات الأسترالية اللبنانية والمصرية والأردنية والعراقية والسورية والفلسطينية، والجاليات الإثنية الأخرى.
قدمت البرنامج عريفة الحفل الشابة يانا لايدوفا بعد أن رحبت بالحضور، وألقى السيد جلين بروكس كلمة موجزة عن الفن والضوء، فرحب بالجميع وقال ان هذا البرلمان هو الأقدم في أستراليا وأنه متاح للجميع، ثم تحدث عن الضوء وأهميته في الفن باعتباره ليس مصدرإشعاع فقط وإنما في معانيه الكامنة به، خصوصا وأنه يستعمله في مجال عمله في شركة الإعلانات، فهو يعرف قيمة الضوء وما يمكن أن يفعله ويحققه من خيال وراحة وهدوء، كما وأبدى إعجابه بالمعرض الضوئي ثريشهولد فوصفه قائلا «إن هذا المعرض فن عظيم، خصوصا وقد استعملت مارسيل فيه الضوء من أجل السلام فهذا شيء رائع.»
ثم قدم السيد جريجوري ستون حديثا بليغا عن موضوعه بعنوان «خلق ثقافة السلام من خلال الفن»، حيث تكلم بإسهاب عن دور الفن في صناعة السلام عبر العصور، وأن الله صانع الكون هو في الأصل الفنان العظيم، وذكر ستون أن كونه رئيسا لاتحاد السلام العالمي: «إني أشعر بالسعادة إذ استطعت دعوة مارسيل منصورالفنانة التشكيلية المعروفة لأن تعرض وتتحدث عن أعمالها الفنية الضوئية الجميلة، فمن المعروف أن النورهو الحقيقة والجمال، ولا شك أننا نحتاج النور في حياتنا وفي عالمنا، وقد رأيت أن هناك قواسم مشتركة بين أهداف الاتحاد وأعمال مارسيل التي هي بمثابة موضع إلهام وحافزعلى تذويب العوائق وكسر الحواجز بين الناس على أختلاف أجناسهم، لأننا جميعا أخوة وأخوات ننتمي لأسرة واحدة تحت مظلة وحدانية الله، وإن ذلك يساهم في تأسيس المحبة الحقيقية وتحقيق والسلام.»
أما الفنانة التشكيلية والشاعرة السيدة مارسيل منصور- سفيرة السلام- فقد كان موضوعها عن «كيفية التحول من خلال الضوء والإدراك نحو بناء السلام العادل» فقامت في الندوة بتقديم حصيلة منوعة من الحديث والشعر والعرض التوضيحي المسلسل إلى جانب المعرض الفني، فألقت الضوء على الجانب المستور، لعله يرى الحضور من الأمور ما لم يروه من قبل، فاستطاعت بقدراتها المميزة أن تستحوذ على انتباه الحضور وأن توصل رسالة الإقناع التي ابتغتها على الصعيد الوطني، والاجتماعي، والسياسي، والفكري، والروحي، والثقافي والإبداعي. شرحت السيدة منصور بإسهاب عن مفهوم أعمالها الفنية الحديثة وإنتاجها في الفن االضوئي المعاصر والأهداف المحددة له، وعن الدوافع التي تقودها لإنجاز أعمالها مثل الرغبة القوية في إنهاء الحرب واستقلال بلدها الأم فلسطين لأن تخرج إلى نور الحرية والديمقراطبة والإنسانية، والحد من تزايد أزمات العنف والإرهاب والمشاكل الاجتماعبة الأخرى.
ألقت مارسيل قراءة شعرية متعلقة بأعمالها الفنية، باللغة الإنجليزية بعنوان «الحوارالروحي مع الضوء» وبالعربية، بعنوان «تعالوا نتغير»، ثم قدمت نبذة عن تاريخ هجرة والديها من يافا فلسطين منذ النكبة 1948، ومولدها وحياتها في غزة، فقدمت عرضا توضيحيا لمفهوم القضية الفلسطينية من الوجه الحضاري والاجتماعي والسياسي والإنساني، ثم شرحت ما يحدث في الآونة الأخيرة حيث يتعرض أطفال وشباب فلسطين إلى الهلاك فقالت: «ولذلك فإننا والعالم مازلنا نشهد أن مزيدا من سفك الدماء لا يؤدي إلا إلى مزيد من العنف والكراهية من كلا الجانبين، دون أي حلول منطقية عادلة.» كما وطلبت مارسيل الصلاة من أجل الذين فقدوا أحباءهم، وللأطفال الذين أصبحوا يتامى.
وبعدها قدمت مارسيل عرضا مسهبا عن تطورأعمالها الفنية في مراحله المختلفة على مرالسنين ودوره في التعبيرعن ألام النكبة وآثار ألاحتلال والحطام وويلات الحروب، وتوصيل فكرة السلام وحق العودة، ثم انتقالها إلى المرحلة الحالية في استخدام الفن الضوئي المعاصر، فشرحت عن جميع لوحاتها التي تحمل معنى التحول الروحي الاجتماعي السياسي من خلال الإدراك الحسي والفكري عبر تحول الألوان الضوئية في حركة تغيير ديناميكية.
وهذا بعض مما جاء في حديث مارسيل فقالت:
«كوني فنانة أسترالية فلسطينية مهاجرة، فإني أؤمن بأن الفن له صوت مسموع، وقد تشكلت وجهة نظري وتبلورت من تأثيرالحروب والنزوح والنزاع المستمر قرابة سبعين عاما، ومعاهدة أوسلو للسلام لا ترى حلا لأكثر من واحد وعشرين عاما. الله، العدل، الحب، والسلام هي قواسم مشتركة لتقاليد الديانات الإبراهيمية التوحيدية الكبرى الثلاث في العالم، اليهودية والمسيحية والإسلام. ولذلك يمكن تحقيق السلام من خلال العالم الروحي بدلا من العالم المادي. فالقدس معناها في اللغة العربية مدينة السلام، وهي المركزالمحوري للعالم الذي يشع بنورالله المقدس السرمدي الأزلي المستتر.» وعندها أشارت مارسيل في حديثها إلى «أهمية وجود القدرة الروحية والإبداعية عند السياسيين ورجال الدين حتى يكون في استطاعتهم قيادة العالم بطريقة أفضل نحوالإنسانية والعدالة والديمقراطية. «
وأضافت مارسيل: «إن مهمة الفنان أن يخلق الحقائق ويجدد، وأن يقود وينيرالطريق، لعله يؤثر في الناس من أجل صياغة العالم. ولهذا السبب يعتبر الفن محورالسياسة والعلاقات الاجتماعية، لأن الأعمال الفنية يمكن أن تحول المدارك والمفاهيم المشتركة، كما ويمكن أن تغير من مظاهر خبراتنا وتشارك في إعادة رسم عالمنا المتقلب والدائم التغيير.» وفي ختام حديثها قالت مارسيل : «من خلال أعمالي الإبداعية أريد أن أثري أستراليا في العمل على خلق ثقافة بناء السلام من خلال الفن الضوئي والإدراك الحسي والفكري الذي يستحوذ على المشاعر والأفكار الإنسانية بغض النظر عن العرق أو الدين، فيؤثر في النفس ويبعث على إعادة التفكيروالنظر العميق من أجل إعادة صياغة الواقع نحو التجديد والتغيير وولادة إنسانية جديدة من خلال التحول، و تحويل الحرب إلى السلام، والعنف إلى السكينة، والإرهاب إلى الأمان والمادية إلى الروحانية.»
ثم أتيح المجال لطرح الأسئلة والأجوبة والتفاعل بين الحضور ومنصور، والتى كانت مارسيل تجيب عليها بكل ذكاء ولباقة، موجزها أن الحرية والإنسانية هي من حق البشر والشعوب وأن الفنون هي محور السياسة والمجتمع وأنها من الممكن أن ترسم طريق النور من أجل التحول المستمر وتغيير العالم إلى الأفضل.
وفي نهاية الندوة شكرت السيدة منصور جميع الحضور والمسؤولين من برلمان الولاية وأشادت بمجهوداتهم.
أحيطت مارسيل بمحبة الحضور الذين غمروها بتقديريهم، إذ نالت العديد من ردود الفعل الإيجابية الفورية، فقدم لها زوجها السيد موريس منصور وأبناؤه الشابان كريس وماثيو باقة من الورد تحية واحتراما، كما وقدمت لها الإعلامية كوليت إسكندر سركيس باقة من الورود تقديرا لجهودها، بعدها قامت مارسيل بإهداء صورة من أعمالها الضوئية للسيد جريجوري ستون محبة وتقديرا له من أجل مجهوداته في دعمه للسلام في العالم.