فـيـصـل قـاســـم

بإدانة العمل الإرهابي المشين الذي ذهب ضحيته المحاسب في مركز شرطة باراماتا كيرتس تسانغ وبتقديم تعازي الحارة لأسرته ولشرطة نيو ساوث وايلز وأستراليا، أبدأ مقالتي هذه التي كتبتها لأقدم أطيب تهاني للسيد مالكوم تيرنبول بمناسبة توليه رئاسة الحكومة الأسترالية ولأنوه بتناوله هذه الجريمة النكراء بحكمة وشجاعة، أثبت من خلالها أنه رجل دولة من الطراز الرفيع وهو في مستهل ولايته. وقديما قيل ان المكتوب يعرف من عنوانه.
تناول السيد تيرنبول الجريمة الإرهابية بتؤدة وروية بعيدا عن الإنفعال وشخصنة الأمور وإطلاق التهم جزافا. لم يجلس في مكتبه يرسل التعليمات والأوامر أو يركن إلى نصائح مستشاريه أو يأخذ برأي بعض الإعلاميين الذين يجدون في كل عملية من أمثال هذه الحادثة فرصة للهجوم على الإسلام والمسلمين لغاية في نفس يعقوب.
بذكاء القائد الملهم الذي يأخذ القرارات الصعبة والصائبة لحظة وجوبها، أدان الجريمة وحمل مسؤوليتها لمرتكبها شخصيا دون غيره محذرا من مغبة محاولة لصق الجريمة بالجالية الإسلامية وتحميلها مسؤوليتها.
لم يهمز ولم يلمز من قناة الجالية الإسلامية كما كان يفعل سلفه، بل دافع عن الجالية مؤكدا إحترامها للقوانين الإسترالية وحرصها على أمن وإستقرار أستراليا. ومقرنا القول بالفعل عمد السيد تيرنبول إلى الإتصال بقيادات الجالية الإسلامية للتشاور والتعاون بغية الحؤول دون حدوث جرائم مشابهة قد يرتكبها البعض من الشبيبة الإسلامية المضلَلة وبالتالي إنقاذ هؤلاء من الوقوع في فخ من يدفعهم إلى التشدد وقتل الناس بجهالة.
حسنا فعل السيد تيرنبول. وبهذه العقلية المستنيرة تستطيع الحكومة والأجهزة الأمنية منع حدوث هكذا جرائم. فالقوانين المتشددة والإجراءات الصارمة التي تتخذها الحكومة لمكافحة الإرهاب أو ردع الإرهابيين وسط حملات إعلامية مشبوهة من قبل قلة من الإعلاميين المنحازين لن تؤتي ثمارها إن ظل هؤلاء يحاولون دون رادع قانوني أو وازع أخلاقي تضخيم أي عمل يخالف القانون أو لا يخالفه إن قام به أحد أفراد الجالية. فهم يرون في ذلك ذريعة للهجوم على الجالية العربية بغية شيطنتها.
إن الإعلام السلبي سلاح خطير نضعه في أيدي من يقفون وراء الإرهاب ويسهل مهمتهم ويعيق عمل الحكومة والأجهزة الأمنية في مواجهة هؤلاء ويحرج الجالية. لا يجوز الربط بين من إرتكب جريمة ومسجد كما فعلت بعض القنوات التلفزيونية ليلا نهارا تثير الخوف من المسلمين بحجة أن المرتكب كان يؤم هذا المسجد أو ذاك قبل أن تنجز الشرطة تحقيقاتها وتوجه إتهاماتها. لماذا لا يكون التعريف بالمجرم أو المتهم بدينه إلا إذا كان من المسلمين؟
لقد أصبحت حملات الكراهية ضد المسلمين، أخطأ أحدهم أم أصاب، مشاهد مألوفة على شاشات وصفحات هؤلاء الإعلاميين. حتى أن نائب رئيس بلدية أوبرن السيد سليم مهاجر، الذي إحتفل بقرانه بطريقة مهضومة وغير مسبوقة كان فيها بحق أول عريس لمدينة سيدني يفرش أرضها بالزهور ويزين سماءها بالأنوار ويملأ جوها بالعطور ليلة زفافه ، لم يسلم من كيد هذا الإعلام لكون العريس من المسلمين.
نحن لسنا ضد بل نبارك أي تحقيق تجريه الأجهزة الأمنية ولو شمل مساجد ومدارس. فنحن كجالية لنا مصلحة فيه قبل غيرنا لنحول دون إستعمال المغرضين لسلاح الإسلاموفوبيا ضدنا ونبعد تداعياته عنا.
ليت هذا الإعلام يعلم أن الحضارة الغربية تدين للإسلام بكثير من قيمها المقدِسة للعدل والحرية والمساواة. وأن أفضل الناس عند الله في الإسلام أنفعهم للناس. وأن من قتل نفسا زكية، كالسيد تسانغ، كأنما قتل الناس جميعا. وأن طبيبا في مستشفى ويستميد أنقذ حياة مريض أو شرطيا حال دون وقوع جريمة قتل كأنما أحيا الناس جميعا. وأن الجار القريب خير من الأخ البعيد.
وتمثلوا بالكرام إن لم تكونوا مثلهم. فكيف إن كان الكريم مالكوم تيرنبول رئيس حكومتكم.