لم يسلك قائد محور محلة الشعراني في القبة بطرابلس أحمد المصري الملقب بـ «حبَيبو» طريق نظرائه من قادة المحاور الآخرين في التبانة والقبة والمنكوبين. فلا هو سارع الى تسليم نفسه بعد الخطة الأمنية على غرار ما فعل سعد المصري (قائد محور ستاركو) وزياد علوكة (قائد محور الحارة البرانية) وغيرهما من الذين ما زالوا يحاكَمون أمام المحكمة العسكرية حتى اليوم، ولا هو اتجه نحو الإرهاب والانضمام الى تنظيمَي «داعش» و «جبهة النصرة» على غرار ما فعل أسامة منصور وشادي المولوي وأحمد سليم ميقاتي.
ولكنّه بالأمس تمّ توقيفه من قبل مكتب الإرهاب والجرائم الهامة في وحدة الشرطة القضائية، بينما كان يتجوّل في شارع الأرز في القبة.
مع انطلاق الخطة الأمنية وتسلم الجيش اللبناني زمام الأمور، اعتبر «حبَيبو» أن المعركة التي كانت مفروضة على أبناء التبانة والقبة والمنكوبين وجبل محسن لأسباب سياسية محلية وإقليمية قد انتهت. ولذلك، رأى أن الأمور من المفترض أن تعود الى طبيعتها، كما كانت قبل عملية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في العام 2005، وأن لا داعي لحمل السلاح دفاعاً عن محلة الشعراني المواجهة لجبل محسن طالما أن الجيش قد تسلّم زمام الأمور فيه بعد خروج رفعت عيد منه، لذلك فقد تخلّى عن السلاح وعاد الى ممارسة حياته الطبيعية.
لم يكن «حبيَبو» طارئاً على محور الشعراني، بل كان من قدامى المقاتلين منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما كان من رفقاء خليل عكاوي (أبو عربي). ومنذ ذلك الوقت وهو يحمل السلاح دفاعاً عن الشعراني المحور الملتهب الذي سُوّيت أبنيته بالأرض خلال حرب طرابلس في العام 1985 بفعل القصف، قبل إعادة إعمار هذه المنطقة في العام 1996، وإعادة أهلها إليها من خلال مشروع الحريري. وهذا المشروع الذي كان يشهد خلال جولات العنف العشرين الماضية أعنف المواجهات، وذلك نظراً للتداخل الحاصل بين الأبنية ضمن منطقة الشعراني وجبل محسن، حيث بات معروفاً أن مَن يقاتل في هذا المحور يجب أن يكون على درجة عالية من الخبرة العسكرية، لأن الاشتباكات تدور فيه من غرفة لغرفة، ومن جدار لآخر.
وإن كان «حبيبو» هو القائد الميداني الفعلي لهذا المحور، فإنه كان مفتوحاً لكثير ممن يطلبون قتال «الحزب العربي الديمقراطي» وجهاً لوجه، لذلك فقد شهد هذا المحور نشاطاً عسكرياً لكثير من المجموعات التي لم يكن «حبَيبو» يمون عليها أو له القدرة على التحكم بتحركاتها.
بالأمس، فوجئت منطقة القبة بإعلان إلقاء القبض على أحمد المصري «حبَيبو»، فالرجل الخمسيني لم يسجّل له أي نشاط أمني منذ انطلاق الخطة الأمنية في أول نيسان من العام 2014، وهو لم يهرب من منطقته، بل بقي في منزله الكائن في محلة الشعراني.
لذلك، فقد طرح توقيفه أمس سلسلة تساؤلات حول التوقيت بعد نحو عام على توقيف قادة المحاور وحول الأسباب والدوافع، خصوصاً أنه لم يكن متوارياً عن الأنظار، بل كان يتنقل بشكل طبيعي في مختلف أرجاء طرابلس ويجلس في عدد من المقاهي من دون أن يتعرّض له أي جهاز أمني.
وفي الوقت الذي أقدم فيه عدد من الشبان على قطع الطريق باتجاه ساحة القبة لبعض الوقت احتجاجاً على توقيف «حبَيبو»، أبدت أوساط شعبية تخوّفها من حملة اعتقالات جديدة قد يتعرّض لها متورطون بإطلاق النار على المحاور السابقة، بعد رفع أغطية سياسية وأمنية كانت تدفع بالقوى الأمنية الى غض النظر عنهم.