بقلم بيار سمعان
منذ ان كشف ادوارد سنودان في ايار 2013 مدى انتشار عمليات التجسس على الانترنيت اصبح الناس يتساءلون ان كان بريدهم الخاص هو في مأمن من اعين المتطفلين والمتجسسين؟
بكلمة واحدة: لا شيء في مBمن من عمليات التجسس من الآن وصاعداً. وكما هو معروف، لكل كائن بشري عدة شخصيات: الشخصية العامة والشخصية الخاصة والشخصية السرية. ومع انتشار الانترنيت ورواج التجسس، رفعت الفروقات وتساوت الشخصيات الثلاث وغابت السرية الشخصية بالكامل. واليكم بعد المعلومات التي تستحق معرفتها:
وفقاً لاتفاقنا مع ادارة غوغل، وحتى دون علمنا، تقوم هذه الشركة بمسح محتويات بريدنا الالكتروني بشكل تلقائي ومباشر.
وهذا ما دفع مؤسسة حماية المستهلك في الولايات المتحدة ان تبدي امتعاضها من قيام غوغل بالاحتفاظ بما نتناقله من رسائل الكترونية التي نتبادلها والصفحات التي ندخلها وكل الامور التي kطلع عليها على الايمايل والجيمايل.
ودخل الطرفان في سلسلة من الدعاوى القانونية والادعاءات من كلا الطرفين، وتسعى مؤسسة حماية المستهلك للحفاظ على الخصوصية الشخصية ومنع استغلال المعلومات الشخصية الخاصة في امور التجسس او المتاجرة او مراقبة الاشخاص، وبالتالي الحد من امكانية دخول لصوص الانترنيت على الصفحات الخاصة والاطلاع على ادق التفاصيل الشخصية بالاضافة الى سرقة حسابات خاصة مصرفية واستغلال المعلومات الشخصية لتنفيذ اعمال غير قانونية وفتح حسابات مصرفية دون علم المواطنين وتنفيذ كل النشاطات القانونية او غير القانونية.
هذه الدعاوى القانونية تثبت في اقل تعديل ان عالمنا الشخصي والعام، هو عالم مرصود ومراقب ومسجل في مكان ما وربما في اكثر من مكان.
ونتذكر مؤخراً طلب الحكومة الاسترالية من جميع الشبكات الالكترونية تزويد الاجهزة الامنية بنسخة عن اتصالات المواطنين مع الداخل وفيما بينهم، او مع الداخل والخارج على حد السواء، مقابل الاموال الطائلة.
وهذا دليل آخر اننا اصبحنا اليوم تحت المجهر وفي رقابة دائمة بواسطة الصفحات الالكترونية والهاتف المحمول والثابت والـ GPS وبطاقات الاعتماد والميديكير وفواتير الماء والكهرباء وغيرها..
وكشف مؤخراً ان شركة Renew للاعلانات قد ركزت في مواقع عديدة اجهزة مسح WIFI بامكانها ان تلتقط الذبذبات التي يصدرها الهاتف الجوال للعابرين والمتسوقينن ومراقبة تحركاتك في مدينة لندن على سبيل المثال، فهي تسجل ساعة وصولك الى العمل وخروجك لتناول الغذاء والمكان والمدة الزمنية التي تقضيها في كل مكان… هذه التحركات تعطي في آخر المطاف صورة دقيقة عن شخصيتك والامور التي تثير انتباهك والامور التي تتلاءم مع رغباتك. والمعرفة في هذا المجال هي دون اي شك مصدر قوة وتسلّط ووسيلة هامة لاعادة توجيه عامة الشعب والتأثير في سلوك المجموعات السكانية في اي مكان او بلد..
وعندما كشف الامر، ارغمت شركة Renew على سحب معداتها من الشارع. اذ اعتبر القانون انها وسيلة فعالة لمطاردة الناس ومراقبتهم الدائمة…
وعلى صعيد آخر علم ان شركتي ياهو وتويتر يجري ملاحقتهما في ولاية كاليفورنيا بتهمة انتهاك الخصوصية لدى المواطنين وكشف امام المحكمة العليا في كاليفورنيا ان ياهو وتويتر تقومان بمسح وتحليل محتويات كل الرسائل الالكترونية التي يرسلها المواطنون.
ويؤكد احد المهندسين في علم الالكترون ان لا شيء على الاطلاق نقوم بارساله عبر الصفحات الالكترونية هو سري وخاص بنا باستثناء التحويلات المصرفية التي تقوم المصارف بحمايتها لاسباب تتعلق بسلامة وسرية الاموال المستودعة لديهم. مع العلم ان هذه السرية المصرفية هي ايضاً قابلة للاختراق. وهذا ما قامت به الصين العام الماضي في الداخل الاسترالي.
لقد اصبح الناس مراقبون في منازلهم، بواسطة Smart TV والهواتف الجوالة واجهزة GPS والبريد الالكتروني. كما هم مراقبون في الشوارع وساعات العمل والتسلية والطعام والرياضة ، مراقبون في تنقلاتهم ومعرفة الاماكن التي يزورون ومعرفة اوضاعهم الصحية ومداخيلهم من خلال معرفة معدلات الضرائب الحكومية.. حتى شركات بيع الاطعمة والادوية والمشروبات واماكن التسلية والترفيه التي نزورها ونتبضع منها او نتلقى خدماتها وندفع بواسطة البطاقات المصرفية فيها .. كل هذه اصبحت مكشوفة ومعروفة.
بالفعل اختفت السرية وغابت الخصوصية وجرى تعرية كل انسان من مميزاته الشخصية.. ربما كان من الافضل ان نعود الى التواصل المباشر وجهاً الى وجه، فهو الى جانب سريته يبقي العلاقات بين الناس اكثر شخصانية وحميمية.. وبامكانك ان تقرأ عيون محدثك كما تفهم كلامه وتعابير وجهه. لقد تحولنا جميعاً الى موضوع مراقبة من قبل مجموعات يتحكمون بمصيرنا ولأنهم يدركون الكثير من اسرارنا الشخصية، فهم قادرون على التحكم بنا والسيطرة على قراراتنا.