scaf4

اقيم نهار الاحد الفائت في كنيسة مار يوحنا الحبيب في سيدني قداس الصباح عن روح الفقيد الوزير والنائب السابق ايلي سكاف.
ترأس القداس الإلهي راعي الابرشية الملكية المتروبوليت روبير رباط عاونه الارشمندريت سايد قزحيا.
دعت الى القداس جمعية زحلة الخيرية في سيدني وبحضور رئيس واعضاء رابطة آل طوق الخيرية.
كما حضر قنصل لبنان العام في سيدني الاستاذ جورج بيطار غانم وفاعليات من الجالية.
بعد تلاوة الانجيل المقدس القى المطران رباط كلمة قال فيها:
مِن عمقِ الألمِ واللوعة صرخَ الرِّجال: ماتَ الزَّعيم، فأْتُوا بالسِّلاحِ إذْ ليسَ هناكَ بعدَ اليوم مَنْ يُدافِعُ عنِ الرِّجالِ في زَمنٍ تُرفَعُ فيه رايةُ الدَّمارِ والقتلِ والدِّماء.
وناحتِ الأُمَّهات: رحلَ الأبُ، لنَدخُلنَ إلى المنازِلِ إذ مَنْ حَمَى أبناءَنا بحسِّهِ الإنسانيِّ الأبويِّ والأخويّ قدِ استراحَ في دُنياهُ الأبديَّة.
كما صرختْ عاصمةُ الكثلكةِ زحلة: رقَدَ النَّائبُ والوزيرُ الذي أحبَّني وعمِلَ مِنْ أَجْلي وفيًّا لي. رحَلَ الزَّعيمُ النَّادرُ في وطنيَّتِهِ وطيبتِهِ وآدَميَّتِهِ وإنسانيَّتِه وكرمِه الرَّاقي والصَّامت.
أمَّا عائلةُ الفقيد، فالبرغمِ من وطأةِ الألمِ وجرحِ الوداع، تحافظُ على صمتِها مخاطبةً اللهَ والجموعَ بكلماتِ الدّموعِ الْمَذروفةِ على غيابِ زوجٍ وأَبٍ وحبيبٍ وصديقٍ، وتُحَرِّكُ بدموعِها المجبولةِ بالألمِ أحشاءَ المسيح، على مثالِ دموعِ أرملةِ نائين في إنجيلِ اليوم التي حَرَّكت أحشاءَ المسيح، فما كانَ منَ المسيح، الذي لا تراهُ إلاَّ القلوبُ الطَّاهرةُ والعيونُ الشَّاخِصةُ إلى السَّماء، إلاَّ أنْ خرَقَ صمتَ بكاءِ الأرملةِ وقالَ: أيُّها الشَّابُ قُمْ، وادخلْ إلى الحياة (لو7: 11-16). وها هو اليوم يخرُقُ المسيحُ مُجَدَّدًا صمتَ بكاءِ العائلةِ والأصدقاءِ والمحبِّينَ ليُجَدِّدَ قولَه: قمْ، يا مَنْ رفعَ رايةَ الكرامةِ ووقفَ وقفاتِ العزِّ وتمتَّعَ بالروحِ الإنسانيَّةِ المتجَسِّدةِ في حبِّ اللهِ والقريب. قُمْ، يا مُبارِكَ أبي، ولكنَ ليس إلى حياةٍ فانيَةٍ يُمَزِّقُ سيفُ الألمِ والويلاتِ أحشاءَها، بل إلى حياةٍ أبديَّةٍ بعيدًا عن كلِّ ألمٍ ومرضٍ وضَعفٍ، وادخلْ إلى فرحِ ربِّكَ بعد أنْ جاهَدتَ الجهادَ الحسن.
من جوارِ ربِّه، يقولُ فقيدُنا الرَّاحِلُ للرجالِ: دَعُوا السِّلاحَ جانِبًا وتسلَّحوا بالإيمانِ والصَّبر، فالإيمانُ والصَّبرُ يصنعانَ الرِّجال.
ويقولُ للأمَّهات: لا تَخَفنَ، بل افتَحْنَ الأبوابَ وقَدِّمنَ أبناءَكُنَّ إلى اللهِ ولا إلى أحدٍ سواه. ثَقِّلنَ كيانَهم بحبِّ الله، فهذا الحبُّ كفيلٌ بأن يَحميَ نفوسَهم منَ الإنغماسِ في وحلِ الشَّرِّ وسياسةِ المصالحِ الفرديَّةِ والأنانيَّةِ وشريعةِ الغاب.
كما يقولُ إلى أبناءِ مدينتِهِ التي عشِقَها وأبى إلاَّ أنْ يَتَّحِدَ ترابُ جسدِه بترابِ أرضِها، ومن خلالِهم يقولُ لنا جميعًا: افتحوا أبوابَكم واستقبلوا الضَّيفَ واليتيمَ والأرملةَ والمِسكينَ والحزينَ والتَّائقَ إلى كلِّ لمسةِ أملٍ ورجاء، وكونوا على الدَّوامِ شاهِدينَ حقيقيِّينَ لحبِّ إلهٍ أحبَّ الإنسانَ حتَّى إخلاءِ الذَّات. لا تَرزحوا تحتَ وَطْأَةِ صلبانِ الحياةِ وآلامِها وأمراضِها وأحزانِها، بل قاوموا كلَّ شيءٍ بإيمانٍ ورجاءٍ وحبّ. لا تكونوا أتباعَ أحدٍ، بل كونوا تلاميذًا حقيقيِّينَ لربٍّ اشتراكم بدمِه على الصَّليب. انظروا على الدَّوامِ إلى سيِدةِ زحلة وسيِّدتِنا أجمعين وهي تقودُكم إلى ملاقاةِ ابنِها الوحيد حيثُ تَستريحُ هاماتُكم على صدرِهِ الإلهي وتَسمعونَ كلماتِ حبيبٍ إلهيٍّ تَعجزُ ألسنةُ البشر عنْ أنْ تنطقَ بها. تَهَيَّأوا لتستحِقّوا لَمسَةَ سيِّدِ الخليقةِ القادرةَ على شفائِكم مِن كلِّ علَّةٍ وإنهاضِكم من موتِ العبوديَّةِ على مختلفِ أنواعِها، هذه العبوديَّةُ التي لا تَعملُ إلاَّ لإبعادِكم عن قلبِ الله. تَحَضَّروا لتَسمعوا صوتَ الربِّ القائمِ القائل: قوموا ورِثُوا الحياةَ الْمُعَدَّةَ لكم وتَمتَّعوا وشاهِدُوا نورًا يفوقُ حتى مخيِّلةَ السَّماء.
وصيَّتي الأخيرة لكم، في كلِّ مرَّةٍ تواجهونَ فيها صعوباتِ الحياة، أَغمضوا أعيُنَكم مُصَلِّين، بحيثُ يكونُ سندُكم الوحيد نسيمَ اللهِ العليل، الذي يُلامِسُ كيانَكم مُحيِيًا من جديدٍ الأملَ والشجَّاعةَ في قلوبِكم، كما أحياهُما في قلبِ شفيعي النَّبي إيليَّا، فتُتابعونَ مسيرَتَكم نحو القداسة، إلى أنْ نلتقي في قلبِ الله.
أيُّها الأحبَّاء، دعونا نرنِّمُ مع فقيدِنا الغالي، بالقولِ والعمل، كلماتِ الْمُنشِد: مَن ذا الذي يَفصِلُني عن حبِّكَ؟ مَن ذا الذي يُبعدنِي عن دربِكَ؟ السَّيفُ؟ لا. أَمْ شِدَّة؟ لا. أمْ خطر؟ لا. لا حياة لا ممات لا بشر.
وبعد انتهاء القداس الإلهي انتقل الجميع الى صالون الكنيسة حيث تقبل المطران روبير رباط وجمعية زحلة ورابطة آل طوق التعازي بالفقيد الراحل الوزير الياس سكاف.
والقى رئيس رابطة زحلة السيد ميشال ديب كلمة الى روح الوزير والنائب الياس بك السكاف.

تصوير آراكس