حملت المواقف المتشددة التي أطلقها وزير الداخلية نهاد المشنوق في الذكرى الثالثة لاغتيال رئيس شعبة المعلومات اللواء وسام الحسن والتي تضمنت تلويحا بالاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار، مؤشرات جدية حول قرار قوى 14 آذار عموما وتيار «المستقبل» تحديدا إخراج البلاد من حال المراوحة والتعطيل التي فرضتها شروط رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» العماد ميشال عون وإلى جانبه حزب الله ، في ملفي الرئاسة والحكومة، لترفع بذلك سقف المواجهة إلى مستوى أعلى، وتنتقل من موقع المتلقي إلى موقع المبادر، وذلك على ضوء تلقف الفريق الآذاري للرسائل التهديدية التي إنطوت عليها المواقف الاخيرة لقيادتي الحزب والتكتل، والتي ابرزت من دون أي لبس التوجه الجدي لدى هذا التحالف نحو إحكام الحصار على الحكومة، وإجهاض أي مسعى جدي لتفعيل عملها، من خارج بندي جدول الاعمال اللذين فرضهما عون على رئيس الحكومة والقاضيين بتعيين قائد جديد للجيش وتعيين المجلس العسكري، وإرساء آلية العمل الحكومية المقترحة من التكتل.
وفيما بدا واضحا من ردود الفعل على مواقف المشنوق التي عمدت إلى التخفيف من حدتها ووضعها في إطار الاجتهاد الشخصي لوزير الداخلية وشد عصب الجمهور المستقبلي، ردت اوساط مستقبلية على هذه القراءات بأنها في غير محلها مؤكدة ان المشنوق تحدث بإسم الرئيس سعد الحريري وكل قوى 14 آذار التي كانت على علم وتنسيق مسبقين حيالها.
في أي حال، رسمت كلمة المشنوق سقفا سياسيا عاليا لتعاطي الفريق الآذاري مع معطيات المرحلة المقبلة، في ضوء التهديدات الاخيرة لعون ونصر الله بأن سقوط التسوية كان خطأ وسيكون مكلفا.
وقالت اوساط في 14 آذار ان هذه الكلمة سترتب على الفريق الآذاري مسؤوليات في قيادة المرحلة المقبلة تمهيدا لكسر الجمود والتعطيل من خلال العمل على طرح مبادرة بحيث لا يكون الرد على الهجوم والتهديد بالسقوف العالية والتهويل من دون الاقدام على ما يخرق الحلقة المفرغة التي تدور فيها البلاد منذ شغور موقع الرئاسة الاولى.
وعليه، ترى هذه الاوساط ان تهديد 14 آذار بالاستقالة من الحكومة والخروج من الحوار دفع بالكرة الى مرمى الفريق الآخر، بحيث يمكن تلمس مدى جديته وقراره في الاستمرار بلعبة التعطيل. علما ان لدى هذه الاوساط قناعة بأن لا مصلحة لحزب الله بالتفريط بالحكومة في الظروف الراهنة وأن سياسة التعطيل كمن يلعب على حافة الهاوية. ولذلك فإن تهديد المشنوق من شأنه ان يعيد خلط الاوراق وتقويم مصالح المكونات الحكومية من جدوى إستمرار الحكومة او عدمه.
في المقابل، ترى الاوساط عينها أن في كلام المشنوق، معطوفا على دعوة النائب مروان حمادة للرئيس سعد الحريري بالعودة تعبيدا للطريق أمام عودة زعيم «المستقبل» التي من شأنها ان تبلور افق المرحلة المقبلة. ذلك ان عودة الحريري ستدفع في إتجاه إعادة تشكيل السلطة بحيث تأتي إستقالة الحكومة مقدمة طبيعية للدخول في مرحلة إنتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة جديدة.
وينتظر ان تكون جلسة مجلس الوزراء المزمع عقدها الثلثاء لإستكمال إجراءات ملف النفايات مؤشرا إلى ما سيكون عليه التعامل السياسي مع الملف الحكومي، وإذا كان التصعيد سيأخذ مداه لتكون تلك الجلسة الاخيرة قبل تحول الحكومة الى تصريف الاعمال.
وفي ملف النفايات، اكد وزير الزراعة اكرم شهيب، من جهته، خلال مشاركته في ورشة عمل عن إدارة النفايات الصلبة «اننا نحاول تخطّي العوائق السياسية والمناطقية والمذهبية التي يفرضها الواقع للذهاب إلى حلّ علمي بإمتياز للنفايات»، مشيرا الى «ان خطتنا تقضي بإقفال 36 مطمرا منتشرا في المناطق وإقامة مطمر صحي واحد، وهنا تتحوّل الأزمة إلى صناعة بدل ان تتحوّل إلى كارثة»، لافتا إلى ان «خطتنا فرصة للبلديات للقيام بدورها الانمائي، وتأكدتُ من وزير المال علي حسن خليل ان كل أموال البلديات ستعود إليها من دون أي حسومات». وأمل «ان يكون موقع المطمر في البقاع أُقرّ في خلال ساعات بين اليوم وغدا، حتى نبدأ العمل به»، موضحا ان «الخطة ليست خطة الحكومة أو خطتي أو مجلس الإنماء والإعمار بل شارك الجميع في إقرارها»، مشددا على «أنها ليست مُنزلة إنما يمكنها ان تتطوّر لصالح المجتمع والبيئة والصحة في لبنان».