بقلم بيار سمعان

مشكورة الجمعية الاسلامية اللبنانية على دعوتها قادة البلاد وممثلي الاديان والطوائف للمشاركة في «يوم الوحدة الوطنية».رئيس الوزراء تيرنبل، وزعيم المعارضة شورتن ورئيس حزب الخضر دي ناتالي، الى جانب العديد من النواب من مختلف الاحزاب وشخصيات من مختلف الاصول والثقافات والطوائف تبادلوا التحية وشبك الأيادي.
وحضر ممثلون، تجاوز عددهم الخمسين، من مسيحيين ومسلمين ويهود وهندوس وسيخ وبهائيين، في مبادرة اقل ما يقال فيها انها ردة فعل طبيعية في مجتمع تعددي في تكوينه السكاني والديني والثقافي، لحادثة باراماتا التي فاجأت جميع المكونات السكانية في استراليا.
ورأى الزعماء الذين القوا كلمات ضرورة الاتحاد في وجه الازمات التي تعصف في العالم اجمع وتنعكس على الوضع الداخلي في استراليا.
واعتبر البعض ان توقيت هذا اللقاء هو هام بحد ذاته، بعد ان سادت الاجواء الاسترالية حالة من الرفض لما جرى في باراماتا وشعور بالاشمئزاز ان يقدم شاب مراهق على قتل موظف لدى الشرطة وعلى مرأى من الجميع. فالمجتمع الاسترالي التعددي يهتز في الصميم عندما تقع احداث مماثلة تتخذ طابعاً دينياً وتنتج ردود فعل سلبية من منطلقات التعصب الديني، فلكل فعل ردات فعل، ولكل عمل اعمال ومواقف معارضة.
لكن الخطورة ليست في الحدث بحد ذاته، بل بانعكاساته السلبية على التركيبة الاجتماعية التعددية التي تتعايش بتناغم وحرية ضمن القانون. واي تجاوز لهذه العناصر له انعكاسات مضرة على الجميع.
من هذا المنطلق يمكن توصيف المناسبة انها جاءت في الوقت الملائم لتشير الى ان رغبة المكونات الاجتماعية في استراليا هي في الوحدة والعيش المشترك وقبول الآخر والحفاظ على الغنى الاجتماعي الذي يزيد استراليا ازدهاراً وتنوعاً لا مثيل له.
لن اتوقف عند كلمات رجال السياسة، فهم من اعمدة النظام ودعائمه الصلبة ودعاة التعددية الثقافية والاثنية والدينية، بل ارغب بالتوقف عند كلمة صاحب الدعوة، رئيس الجمعية الاسلامية اللبنانية لأشد على يده اولاً للمبادرة الجيدة التي عمل على انجاحها وقد نجحت واوصلت الرسائل علىاكثر من صعيد.
ومن الامور التي اقترحها السيد سمير دندن، هي اعلان يوم مفتوح لجميع المساجد في استراليا ثم الدعوة الى مسيرة الوحدة يشارك فيها الجميع. وفي كلمته دعا ايضاً السيد دندن الى ضرورة تشجيع وتثقيف الجاليات بغية تطوير مواقفها القائمة على الاحترام المتبادل، والتفاهم وقبول الآخر.
وهذه الدعوة هي ايضاً مثالية رغم انها لم تأت بجديد. فالنظام الاسترالي يدعو ويدعم ويمول ويشجع كل هذه الامور. والنظام الاسترالي برمته هو قائم على هذه الفلسفة المنفتحة على الآخرين وقبول اختلافاتهم الدينية والثقافية في اجواء الاحترام المتبادل والقانون.
كنت اتمنى لو اقترح السيد دندن برنامجاً تثقيفياً عملياً يلتزم به جميع المسلمين ليثبتوا لعامة الناس انهم مواطنون من الدرجة الاولى وان ولاءهم لاستراليا واحترامهم للقوانين والاخلاقيات والمثل التي يقوم عليها النظام في استراليا.
عندما نفتح  المساجد ليزورها غير المسلمين يجب ان نتذكر الكنائس التي تدمّر  في الشرق الاوسط وافريقيا وبلدان آسيوية؟؟
عندما نطلب من المجتمع الاسترالي ان يتفهم ويقبل المسلمين يجب ان نرى كيف تتعرض الاقليات في الشرق الاوسط للتهجير والقتل وقطع الرؤوس والاغتصاب وبالبيع بالمزاد.؟؟
وفي حين ندعو الآخرين للانفتاح علينا، وهم اصلاً منفتحون، يسعى المتطرفون في الشرق الاوسط وغيره الى ارغام غير المسلمين على الرحيل او اعتناق الاسلام او الموت.. ونلعن هنا البلاد في كل مناسبة ونصدر التهديدات ونطلق الرصاص في الشوارع لنقول للآخرين: اننا هنا ونفاخر بشواذاتنا…؟؟
هل بامكان السيد دندن ان يفصل ما حدث في باراماتا  والمارتن بلايس وبالي وباريس عما يحدث في الشرق الاوسط وافريقيا وقد يحصل المزيد  في استراليا ؟
أليس العالم اليوم قرية كونية واحدة؟!
هل بالامكان ان ننزع مشاعر الرعب والقلق لدى عامة الناس عندما يشاهدون اعمالاً مرعبة تقترف بحق الاقليات؟؟
ان الاصلاح يبدأ بالذات والتغيير في نفوس الآخرين ينطلق من التغيير في سلوكنا ومواقفنا.. وقبول الآخرين يتطلب ان نبدأ بنزع مشاعر الرفض لدينا.. ونستبدل الكراهية بالمحبة.
وان نعيش في مجتمع تعددي، يجب الا ننسى ان على الاقلية ان تتكيّف مع الاكثرية وتقبل بعاداتها ومثلها ونظامها من باب المواطنية الواحدة، لأنه لا يمكن فعل العكس.
قبل ان نطلب من الآخرين يجب ان نعدهم ان الاصلاح يبدأ بأهل البيت.. والا يكون يوم الوحدة مجرد حدث فولكلوري آخر، وكلي ثقة انه عندما تهدأ العاصفة  نكون جميعنا رابحون في معركة التعايش والاحترام وقبول الآخرين.

pierre@eltelegraph.com