د. نجمة خليل حبيب
جامعة سدني استراليا
«جدار الصمت» هو عمل مميز للروائية الفلسطينية دينا سليم لسببين: أولاً لأنه جنس أدبي جديد في مشروعها الكتابي المكثف الذي بدأ فعلياً منذ عقد ونيف أنتجت خلاله سبع روايات، ومختارات من القصص القصيرة، وثانياً لأنه كشف آخر عن موهبة دينا سليم السردية في الإمتاع والإدهاش.
يقول الناقد الأميركي الكبير بول دي مان Paul De Man إن كل كتاب له صفحة تحمل اسمه واسم مؤلفه هو نوع من السيرة الذاتية. ودينا سليم في كل تخيلي، قصة أو رواية، تركت أثراً من ذاتها، بمعنى أنها كشفت شيئاً من شخصيتها: إنسانيتها، وطنيتها، وفلسفتها في الحياة. ففي رواية الحلم المزدوج رأينا ليس انكسار بطلها صارم فقط بل انكسارنا جميعاً بانهيار جزء غالٍ وكريم من وطننا العربي عنيت به العراق الذي ابتلاه الله بدكتاتور جاهل ضيق الأفق جر عليه الدمار والخراب. وتفاجئنا دينا بحسها الإنساني المرهف برواية تراتيل لعزاء البحر التي استلهمت فيها السفينة الشهيرة تامبا ومعاناة ناسها وموتهم العبثي المجاني على أبواب أستراليا. تبلورت رؤية دينا وتعمقت تجربتها في روايتها الثالثة سادينا مما أهلها للفوز بجائزة «ناجي نعمان الأدبية» (جائزة الإبداع) لعام 2007). وفي الحافيات توضحت رؤية سليم وتركز اهتمامها حول الهم النسوي فأمسى موضوع المرأة، المهاجرة على وجه التحديد، همها الرئيسي وبيت قصيدها.
اسوقفتني رواية قلوب لمدن قلقة. حاكت مشاعري. رأيت فيها فعل مقاومة حقيقي. صراعها ليس سياسياً ولا عسكريا. هو صراع الحقيقة ضد الزيف، التنوير ضد الجهل ، الحب ضد اللاحب. مركز الصراع فيها بطلتها التي انتزعت عن انتمائها العربي عنوة، وأودعت في مدرسة يهودية متدينة، ثم زوج متعصب جاهل، وبعدها ابن غسلت عقله سلفية دينية متحجرة، فقاومت كل هذه الضغوط وظلت على هويتها وانتمائها ولغتها العربية الفلسطينية. وفي مجال القصة كشفت دينا عن هويتها الوطنية، فكانت قصة «لم تشاورني الذكريات» خدعة فنية جميلة وظّفت فيها الذكرى لتكشف عن مكنونات النفس في ضعفها وقوتها ولتسجل موقفاً صراعياً من الحياة ينتصر فيه الخير في النهاية. وفي قصة «المفاتيح كاتمة الأسرار» تأملت دينا سليم هذه الرمزية الفلسطينية وساءلتها بجرأة. هل من الحكمة الإبقاء على هذا الخطاب؟ هل المفتاح بعد كل هذه الانهزامات لا يزال قادراً على القيام بدوره في فتح البيوت؟ وبشعرية عالية بعيدة عن الخطاب التقليدي الممجوج بثت رؤيتها القائلة بضرورة تغيير خطابنا التقليدي الذي تخطاه الزمن.
وها هي اليوم في مؤلفها الجديد جدار الصمت تخوض تجربة جديدة في ميدان السرديات هي السيرة الذاتية. والسيرة الذاتية جنس أدبي عرّفه فيليب لوجين بأنه عقد أو ميثاق Le pacte autobiographique يقيمه الكاتب/الكاتبة مع القراء . وهو عقد ينهض على أن السيرة الذاتية «نثر استعادي يحكي فيه شخص حقيقي عن حياته الفعلية بصورة تستهدف إبراز حياته الفردية وتاريخ شخصيته الفعلية بشكل خاص» . وهو عقد غير مكتوب يكتسب فاعليته من حيث أنه غير مكتوب ومتفق عليه. إنه اتفاق يتم دون اتفاق على حد تعبير يوسف إدريس في قصة «بيت من لحم» .
وحيث أن السيرة سردا استعادياً لا تسجيلاً لما تراه العين فهو إذا عرضة للتصحيف. هو رقش للذات لا كتابتها على حد تعبير د. صبري حافظ. فإلى أي حد رقشت دينا سليم ذاتها وإلى أي حد كتبتها بتجرد، هذا ما ستحاول هذه الورقة الكشف عنه:
يلجأ الكُتًّاب عادة لرواية سيرتهم حفظاً لتجربتهم الحياتية من الضياع، أو تطهيراً للذات من حالة احتقان نفسي، أو للدفاع عن الذات في وجه حملة تشهير واتهامات تطال هويتهم وانتماءهم ووطنيتهم كما كان من أمر طه حسين، في رائعته الأيام التي كتبها بعد تعرضه لهجمة عداء شديدة على كتابه في الشعر الجاهلي . أما دينا سليم فتقول أن دافعها في هذه السيرة هو التعويض عن فقدان ابنها الشاب، أو للتطهير من عذابات هذه المأساة لتستطيع تقبل فكرة موته.
وبقراءة متأنية لسيرة دينا سليم جدار الصمت، نرى أن الكاتبة لم تتطهر فقط، ولم تكتب تجربة لتخلد ذكراها وتكون عبرة لأحفادها، كما ورد في إحدى صفحات كتابها، بل كشفت عن رؤيتها العامة للوجود، وعما تؤمن به وتمارسه في حياتها. فتبين لنا أن الأمومة هي الأمة، رحم الحياة، الصدر الواسع الذي يضحي وينمر الذات ويترفع عن الحقد. وفي موقع آخر رسمت طريقاً للمرأة المغلوبة على أمرها تمثل بالإرادة الصلبة والمواجهة الشجاعة للقيم التقليدية البالية.
بدأت رحلة دينا سليم في التضحية ونكران الذات مذ كان ابنها في السادسة من عمره واستمرت حتى وفاته في عمر الثلاثين. وحدها مشت معه درب جلجلة قاس، إذ تخلى عنه الأب ونفض يده منه منذ بداية الطريق. صمدت على مدى ربع قرن رغم كل دعاوى التيئيس والتخلي التي بثها الأطباء والأهل والأقرباء: صبرت على ظلم الزوج، وأجلت مشروعها الكتابي عشرين سنة للتفرغ لمشروع حياة باسم. وكتبت نفسها ضد تجربة الانسحاق الاجتماعي، تستنقذ أمشاج ذاتها من براثن الدمار باللجو إلى الكتابة، سلواها الوحيدة على تبدد هذا العالم وسبيلها إلى تجنب الضياع فيه ومعه على حد تعبير صبري حافظ
تبدأ دينا سليم سيرتها بمناجاة صامتة متوهجة. والصمت المتوهج تعبير استخدمه مخرج بوسني في تصويره لفيلم يعرض مأساة ساراييفو، وفيه ركز على وجوه نساء ورجال وأطفال سحقتهم الحرب، كانوا يحدقون بالكاميرا ولا ينبسون ببنت شفة. وعندما سئل عن معنى هذا الصمت قال: كانت ساراييفو شبه مشاع لكل ذئاب الأرض، كانت بلادا حافلة بالوعود المنكوثة والإشفاق الزائف، ولكثرة ما تحدث الناس عن مأساتهم دون أن يفعلوا إزاءها شيئا، فقدوا شهوة الكلام. لقد قرروا أن يصمتوا تعبيرا عن اعتزازهم بكرامتهم. كان الصمت هو الوسيلة الوحيدة للوصول إلى هؤلاء البائسين . . . كانت النظرة المحدقة نافذة كأقسى ما تكون الرصاصة.
وصمت سليم المتوهج بالإضافة إلى كونه صمتاً حسياً تمثل في موت الإبن الذي صغر أمامه كل كلام، وكان الحدث فيه أبلغ من أفصح كلام هو أيضاً صمت في اللغة. والصمت أو الغياب، حسب كمال أبو ديب، لغة شعرية تميل بدلا من إبراز «الشيء» أو «الموضوع» المعاين والسعي إلى منحه درجة عالية من النصاعة والوضوح، إلى الحركة بعيدا عنه، وتجنب إبراز تفاصيله الجزئية، وإلى توجيه ضوء خفيف ظلي باتجاهه، لكن بقدر كبير من الانحراف عنه. إنه لغة تمس المرئي عن بعد بلمسات رقيقة مواربة وتغيبه بطرق مختلفة بحيث يبدو أقرب إلى مرئي يكفنه الظل أو الضباب الناعم. ولغة الصمت هذه مبثوثة في ثنايا النص تصنع منه نصاً مبدعاً يمتلك صفة الإمتاع والإدهاش والإثارة. تجلى بتلك المناجاة الراقية التي ترفعت عن الندب والشكوى والتظلم وذرف الدموع وندب الحظ والتحسر على الشباب الذي توارى تحت التراب، كما في الحالات التقليدية المشابهة، اكتفت بتعليقات بسيطة كانت كافية لتحفيز خيال القارئ/ة على ملء الفراغ الذي تركه صمتها بصور ومعان ومشاعر جاءت أعمق وأشد تأثيراً في النفس من الكلام الضاج الصريح. وتجلى بمشهد الندابات المأجورات دجانة وبيضاء تتصيدان ميتاً.
«اتفقتا فيما بينهما أن تمضيا الليل دون شجار، (دجّانة) نحيفة سمراء اللون، قبيحة الوجه، قوية البدن تغسل الأجساد الميتة وتكفنها، (بيضاء( مكتنزة، متوسطة الجمال، مهنتها ندّابة في الجنازات، لا تعلمان كيف وجدتا نفسيهما في بيت واحد وفي حجرتين منفردتين مدخله مشترك، تتشاركان غرفة الحمام وشجرة (الآكادنيا(. )بيضاء( تراقبها من بعيد وتتأمل خطواتها بدقة ثم تسألها:
– من هو صاحب الجثة اليوم؟
– ألم نتفق على السكوت، ألا تستطيعين إغلاق فمك الكبير هذا أبدا،
أين هو الفأر ليأكله؟ تجيبها )دجّ انة(.
وشرعتا تتعاركان مجددا فتسترسل الشتائم بين الإثنتين. . . عاد الميت إلى الحياة فجأة، باستفاقته ألغي مشروع (بيضاء) وقد بدأت تعدد مآثر وحسنات المتوف[ى] كتابيا لكي تحفظها غيبا بعد ذلك لتكون جاهزة لتكرارها أمام جمع المعزين. « (ص 17 نسخة الكترونة)».
هذا المشهد الكاريكاتوري الذي يقول سطحه بهجاء عادة اجتماعية تقليدية سمجة في تأبين الموتى، يقول صمته معان فلسفية عميقة، إذ تقفز إلى الذهن لدى قراءته المسألة الوجودية الأزلية التي تتلخص بإحساس الإنسان بعبثيته ولا جدوى وجوده حيث يسيطر على الإنسان شعور بالعجز، لا يستطيع إزاءه أن يهرب من أوهامه فيعيش ويموت مسربلا بالإرتباك. وقد يشط بنا الذهن بعيداً لنتذكر أعمالاً لكبار مبدعينا أمثال ثرثرة فوق النيل نجيب محفوظ، بدر شاكر السياب أنشودة المطر، غسان كنفاني رجال في الشمس . . . التي تنتهي جميعها إلى نتيجة: «إننا رجال فارغين، رجال مختنقين, هكذا ينتهي العالم لا برجفة عنيفة بل بنواح خافت».
بعد انتهاء مشهد الموت هذا تأخذنا دينا سليم في رحلة في الذاكرة، تستعرض فيها ماضيها وحاضرها: صراعها في مجتمع بطريركي متسلط ، وابن مصاب بمرض مزمن، وأزمتها كمواطنة فلسطينية مهمشة في دولة إسرائيل. وببساطة وعفوية تدبج الكاتبة سردها بآراء وأفكار وحكم تبين رؤيتها في الحياة والوجود. تتألم حيناً وتتهكم حيناً آخر. وبصمت تفاخر بانجازاتها وبتغلبها على كل المصاعب التي واجهتها إلى أن تنتهي وقد وجدت سعادتها ومستقرها في وطنها الجديد أستراليا. ولأستراليا القسم الأكبر من الكلام الصريح الصاخب الطاج بالفرح عكس لغة الصمت المنكسرة في معظم أجزاء الكتاب.
تقوم الفكرة الرئيسية لهذا الجزء من الكتاب على مقارنة بين مجتمعين: المجتمع الشرقي حيث نشأت الكاتبة وعانت وتألمت، والمجتمع الغربي (أستراليا) التي هاحرت إليها. وسليم في هذه النقطة منحازة إلى الغرب، فهي ترسم صورة مكروهة للمكان الذي نشأت فيه وترسم صورة احتفائية للمجتمع الغربي الأسترالي.
هناك في البلد الأم تعيش حياة مضطهدة يذلّها الزوج فلا ينتصر لها قانون أو مجتمع. يمنعها من الكتابة بدافع من أنانية مريضة ينصره فيها العرف والدين. هو يرى في مشروعها الأدبي مضيعة للوقت والإلتهاء عن واجباتها كزوجة وأم. يحقِّرها ويصف ما تكتبه بالتافه والسخيف، فتلجأ إلى الكتابة سراً وتسرب مخطوط روايتها الأولى في غفلة عن الزوج إلى الناشر. تماماً كمثل ما حصل لمواطنتها الكاتبة سحر خليفة في مذكرات إمرأة واقعية، وكأن قدر المرأة الموهوبة في شرقنا أن تدفع ثمن موهبتها دماً ودموعاً وآهات . وبمثل ما غلبت سحر خليفة المنفى على الوطن، فأعادت زينة بطلة روايها الميراث إلى أميركا، وكمال (أحدى شخصياتها الرئيسية) إلى ألمانيا، هكذا فعلت دينا سليم، طلقت انتماءها الشرقي وتبنت المهجر الأسترالي دونما تردد، ولكن الفارق بين زينة ودينا هو في أن الأولى عانت صراعاً نفسياً قبل أن تحزم اختيارها. ففي هذا الشرق من القيم ما يستحق أن نبقى فيه، وفي تخلينا عنه تخلٍ عن جزء من ذواتنا، بينما نزعت دينا سليم ذاك الشرق دون رفة جفن، كمن يستبدل ثوباً بالياً بآخر جديد. وذلك لأن محفز زينة وكمال على الهجرة كانت مسألة عامة فيما كانت هجرة دينا شخصية. كأن السكين يشحذ على الرقبة، كان المحفز زوجاً يستضعف ويذل ويستعبد، وكانت الهجرة حلم عبور من العبودية إلى الحرية. وبقدر ما كانت هذه الهجرة إشباعاً لرغبة شخصية كانت موقفاً من العالم الذي تعيش فيه، «فالشرق طارد والغرب جاذب» على حد تعبير حسن غريب.
وهنا في أستراليا سعادة لا توصف. شعور بالإنتماء إلى وطن جميل تدرك أنه لن يخذلك أبداً، بل يمنحك الأمان والحب. وحكومة تحميك بالقانون تقف إلى جانبك أوقات الضيق والشدائد (155).
كانت دينا سليم جريئة ومقنعة في سردها لسيرتها. لم يمنعها كبرياء المرأة من الإعلان عن نفسها بأنها امرأة مرذولة ففضل زوجها امرأة أخرى عليها. ودافعت عن نفسها ضد هذا الانسحاق الاجتماعي والأخلاقي لا بالشتم والصراخ، ولا بكيل التهم إلى غريمها، بل بالتصريح جهاراً أنها امرأة صعبة الانقياد، وذلك عندما ذكرت أنها رفضت أن تتخلى عن حلمها بالكتابة مقابل الاحتفاظ بالزوج. هي امرأة عنيدة بلغة الذكور، والعناد نقيصة في العرف والدين وصاحبته لا تجد تعاطفاً، بل لوماً من أقرب الناس إليها. لقد لامها القريب الذي لجأت إليه شاكية وقال لها: إبحثي عما فيك من نقص. الرجل لا يتطلع خارج بيته ويعشق على زوجته، إلا إذا كان في ذلك البيت نقص يدفعه لذلك. وصمتت الكاتبة ولم تكمل. تركت لنا فسحة لملء الفراغ لنكون معها أو ضدها. ولم يخفها إن نحن ملأنا الفراغ بما يدينها. لم تبالغ لتستدر شفقتنا، أو لتبرر هروبها من الزوج والوطن. ولم تخجل أن تقول لنا أنها استخدمت الحيلة لتهرب من زوجها. ولم تخجل عندما طعنها ابنها بأمومتها. عرضت علينا حوارها مع ابنها وهو على فراش الموت. لم تهتم لما يمكن أن نؤوله في حقها عندما اتهمها بتفضيلها الكتابة عليه. وأخيراً كانت دينا صادقة مع نفسها عندما حزمت أمرها واختارت بصراحة الانتماء لأستراليا، دون أن تخاف أن نرميها بالجحود والتنكر لهويتها والتخلي عن الجذور.
حاولت دينا سليم في هذه السيرة أن تكتب ذاتها، فكانت مرة محتفية بهذه الذات، فخورة بعصاميتها، واثقة بقدراتها الذاتية القادرة على الوقوف ضد التيار التقليدي السائد والانتصار عليه. وكانت في مرة ثانية تلملم هذه الذات التي هشمتها عبثية الحياة وقسوة المجتمع الذكوري، فتلاقت في رؤيتها النضالية المنحازة إلى الغرب في تناص جميل بسير المبدعين. رأينا فيها جرأة أحمد فارس الشدياق في كتابه الساق على الساق فيما هو الفارياق في تحوله من انتماء جبري مولود فيه هو المسيحية إلى آخر تبناه بالاختيار هو الإسلام. ومشروعاً تنويرياً متفائلاً كما في الأيام لطه حسين الذي أصر على مشروعه رغم ما تعرض له هجمة شرسة من التقليديين. وفيها شيء من تضحية لطيفة الزيات في أوراق شخصية التي انشغلت عن ذاتها الكاتبة بمطالب الحياة والأسرة. وجرأة محمد شكري في الخبز الحافي «حيث نجد الذات وقد كتبت نفسها ضد تجربة الانسحاق الاجتماعي. تستنقذ أمشاج ذاتها من براثن الدمار، وتجد في الكتابة سلواها الوحيدة، أو انتصارها الخاص على تبدد هذا العالم، وسبيلها إلى تجنب الضياع فيه ومعه» .
وباختصار، «هي سجل لعالم مفقود أو منسي»، على حد تعبير إدوارد سعيد .