زهير السباعي
كلما اقتربت المعارضة السورية من تحقيق النصر الميداني على النظام السوري يخرج علينا كيري ليتحفنا بكلمات دبلوماسية بحتة ومبهمة كقوله لابد ان يرحل النظام السوري ولكن ليس فوراً، بعد أن كان النظام السوري فاقداً للشرعية ولابد ان يرحل ولا تفاوض مع القاتل ولا يمكن أن يكون جزءً من الحل في سورية وبين ليلة وضحاها اضحى النظام السوري شريكاً وليس جزءً في الحل ومازالت الدبلوماسية الناعمة لاوباما تناور في الحلقة المفرغة والمغلقة النظام السوري فقد الشرعية ،لابد ان يرحل،النظام جزءً من الحل الى ان وصلنا لمرحلة شريكاً في الحل وهذا هو قمة الانهيار الأخلاقي والإنساني لسياسة اوباما الذي أشبعنا بخطوطه الحمر ، والسؤال الذي يطرح نفسه ماهي الاسباب الحقيقية والخفية التي ادت الى تغير الموقف الدولي من النظام السوري؟ ربما استشعر المجتمع الدولي ومعه روسية بقرب إنهيار النظام السوري ومؤوسساته بشكل مفاجيء مما دفع روسية بالاسراع الى التدخل العسكري المباشر في سورية لانقاذه فأرسلت أحدث المعدات العسكرية والنوعية ونشرت 28 طائرة حربية مقاتلة حيث بدأت بتنفيذ مهام استطلاع جوي في الأجواء وتثبيت مواقع المعارضة والفصائل المسلحة لضربها قريباً وترك داعش يسرح ويمرح وكأن هناك اتفاق ضمني روسي داعشي وقبل توجه بوتين الى نيويورك لحضور إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ولقائه اوباما قال نحن في سورية لإنقاذ النظام السوري ولا حل في سورية سوى تعزيز موقف الحكومة السورية ودعمها في قتال المعارضة السورية بكل وقاحة يتبجح بوتين بهذا التصريح مستبقاً لقائه باوباما ومرسلاَ إشارة واضحة الى الادارة الامريكية بأن التدخل العسكري السافر في سورية هو لتعزيز وصمود وإنقاذ النظام السوري وربما خطوة أولى نحو تعزيز دولته في الساحل السوري بعد ظهور ارهاصات التقسيم في سورية وربما يكون مستقبل سورية والحفاظ على مكونات الشعب السوري هو سبباً أخر ولكن اهم الأسباب التي دفعت المجتمع الدولي للحراك وخصوصاً بريطانيا وفرنسا والمانيا وتغير مواقفهم والبدء بالاهتمام بالحل في سورية هو تدفق الموجات البشرية الهائلة من اللاجئين السوريين وطرقها لأبواب اوروبا التي لم تكن مستعدة لإستقبالهم مما دفع دول الاتحاد الاوروبي الى الإنشقاق وظهور الخلافات وعدم الاتفاق على برنامج سياسي لحل أزمة اللاجئين ، هناك اتفاق مبدئي بين جميع عواصم العالم على بقاء النظام السوري فواشنطن وموسكو متفقتان وموقفهما واضح وهو دعم النظام السوري في هذه المرحلة وهذا مافرضته روسية على الأرض واصبح امراً واقعاً لكنها لم تنجح سياسياً في إقناع المجتمع الدولي بأنها والنظام وإيران الصفوية وعصابات ال بي واي جي الكردية وغيرها يحاربون داعش فكل واحد من هؤولاء لديه مشروعه الخاص وإن لم يصرحو بذلك فعصابات ال بي واي جي الكردية التابعة لصالح مسلم والمدعومة امريكياً وكردستانياً -قوات البشمركة العراقية- سيطرت على معبر تل ابيض الحدودي مع تركيا واليوم تتوسع وتتمدد نحو جرابلس لإنشاء كيان كردي منفصل وهذا أحد ارهاصات التقسيم ولكن تركيا لن تسمح بقيام كيان كردي يهدد امنها القومي وقد صنفت تركيا هذه المنظمات الكردية بالارهابية ولم تعترف واشنطن بذلك فعلى العكس مدحتها كونها تحارب داعش بشجاعة وبسالة تطبيقاً لمبدأ عدو عدوي صديق وأيضاً لن تتغاضى تركيا عن التدخل العسكري في سورية كونه يشكل تهديداً مباشراً لأمنها القومي فروسية عينها على مضيق البوسفور لذلك تعزز روسية من وجودها على الساحل السوري الممتد من اللاذقية الى الشواطيء التركية وربما سيتم الاعلان عن دولة في الساحل السوري وتقع على 15 بالمئة من مساحة سورية
إذا كان المجتمع الدولي بشرقه وغربه وجنوبه وشماله مهتماً بإنقاذ سورية أين كان قبل اربع سنوات ونصف من عمر الثورة وقبل ظهور داعش ومقتل الآلاف وتدمير وتشريد ونزوح ولجوء الملايين في الداخل والخارج فهل صحا ضمير المجتمع الدولي على وقع التدخل العسكري الروسي أم على غرق وموت الآلاف في البحر في رحلة البحث عن مأوى آمن في اوروبا التي أذلتهم وخصوصاً المجر التي هبطت الى الحضيض في معاملتها لهؤولاء الفارين من براميل وكيماوي وصواريخ النظام السوري المجر التي لاتعرف للأخلاق والإنسانية أي قيمة فقذف الخبز بالهواء ليلتقطه اللاجيء وتصرف الصحفية وركلها لهؤولاء المساكين يعبر عن مستوى الانحطاط الاخلاقي والإنساني الذي تتمتع به المجر
عندما وقعت المعارضة السورية على وثيقة جنيف 1 والتي اعتبرت بنودها مفتاحاً للحل السياسي في سورية تنص وبصراحة بأنه لن يكون هناك أي دوراً للنظام السوري في المرحلة الانتقالية كانت على يقين تام بأن المجتمع الدولي سيجبر النظام السوري على تطبيق البنود الواردة في الوثيقة لكن وللآسف الشديد خذلنا المجتمع الدولي وتغيرت اللعبة وانقلبت الموازين وما زلنا ندق الماء وهو ماء فالحل السياسي هو مضيعة للوقت وفرصة للنظام السوري للتغول في القضاء على 16 مليوناً من السوريين وإعادة سورية الى العصر الحجري وهذا مايطرب دول الجوار
أخيراً لو كان في قلب وضمير النظام السوري مقدار ذرة حب للوطن ولمطالب الشعب السوري لتخلى عن الكرسي وترك البلد منذ اللحظة الاولى لإنطلاق الثورة السورية
زهير السباعي
اسطنبول تركيا