يمنى الدمشقي: لم تنته قصة أسامة الغضب عندما عرقلته الصحافية المجرية في المجر، بل بدأت من هذا المشهد الذي نقله يوما بعد آخر إلى النجومية.
أسامة الغضب كان بطل مشهد الاعتداء عليه في المجر مع طفله، والذي تناقلت صورته وسائل الإعلام العربية والأجنبية في مشهد مخزٍ للإعلام الغربي جسدته الصحافية بيترا لازلو عندما قامت بعرقلته وطفله، بغرض الإمساك به من قبل الشرطة الهنغارية ومنعه من المرور إلى النمسا، إلا أن القدر كان معاكسا، وفاجأه بما لم يكن يحلم به حتى.
يروي أسامة عبد المحسن الغضب تفاصيل ما حدث معه قائلا: بعد تعرضنا للحادث، تابعت المسير وابني إلى القرية المجاورة في هنغاريا، لأتمكن من إسعاف ابني زيد البالغ من العمر سبعة أعوام، و الذي كان يعاني من إعياء شديد، فلم أجد أي نقطة طبية مما اضطرني إلى الذهاب إلى قسم الشرطة، وهناك أخذونا إلى مركز لإيواء اللاجئين وبقينا 24 ساعة، لم أتمكن من علاج ابني إلا بالمضادات الحيوية التي معي، بعد هذا المركز نقلونا إلى مركز آخر، لنبصم، وهددت بالسجن مع ابني ومن ثم العودة إلى صربيا، وبقينا فيه أربعة أيام اضطررت خلالها أن أبصم، اتجهنا بعد ذلك إلى النمسا وكان الناس ودودين جدا، وسرعان ما قاموا بإسعاف ابني من دون معرفة منهم بأن من حدث له هذا الموقف الذي تداولته وسائل الإعلام هو أنا، حتى أنا شخصيا لم أكن أعرف بالضجة التي حدثت نتيجة انقطاعي عن الانترنت والعالم الخارجي في المجر.
ويتابع أسامة: «قضيت في النمسا يوما ونصف اليوم، وعندما وصلت إلى الحدود الألمانية النمساوية التقيت بصحافية مصرية وسألتني، من حديث لآخر، هل أنت من قامت الصحافية بعرقلته؟ وهنا كانت المفاجأة، ووصفت لي الحادث وأرتني الفيديو، وصدمت كثيرا بأن من عرقل سيري حينها كان صحفيا، لأن الصحافة طوال مسيرنا كانت البوابة التي نلجأ إليها لنشكو همومنا، فكيف تحولت إلى هذا الشكل التشبيحي، كنت أعتقد أن من سبب وقوعي على الأرض هو أحد أعوان الشرطة، لاسيما أني عندما حاولت الهرب وسط الضجة العارمة، قام ضابط شرطة بإمساكي من كتفي وخلال ثوانٍ صارت العرقلة ووقعت أرضا».
يضيف أسامة: بعد ذلك انتقلنا إلى ألمانيا، وفي الحقيقة كنت أقيم عند صديق لي، وهو بطل سابق في السباحة في سوريا، اسمه أنس، وبدأ صديقي أنس يحكي لي عن الضجة التي حدثت في مشهد الصحافية، وعرفني على أصدقائه، وبالصدفة كان من بين أصدقائه صحافي في قناة «الجزيرة» الرياضية اسمه ضياء الفاتح، الذي أجرى معي لقاء تلفزيونيا، بعدما كانت مواقع كثيرة تداولت ما حدث لي مع سيرة حياتي نقلا عن معارف لي وأصدقاء وأصحاب، الأمر الذي جعل قصتي مشهورة بشكل واسع.
ويقول: «المفاجأة الأكبر في حياتي كانت قبل إذاعة الحلقة، عندما تلقيت اتصالا من «ريال مدريد» لاستضافتي كضيف شرف في إسبانيا، مؤكدين أنهم سيتولون كافة التكاليف وتأشيرة السفر، وطلبوا معلوماتي الشخصية، وفي الوقت نفسه اتصل بي مدرب نادي «خيتافي» وأخبرني بدعوته لي إلى إسبانيا وتعهده بإرسال مندوبين منه إلي، مؤكدا أن دعوتهم لن تتعارض مع دعوة «الريال» فوافقت على الفور، وفعلا في اليوم التالي ليلا قدم المندوبان إلى ميونيخ وسافرت بعدها إلى إسبانيا بالقطار على نفقة «خيتافي» كان الأمر أشبه بحلم أرفض تصديقه، وما جعلني أحلم أكثر أن «ريال مدريد» هو فعلا فريقي المفضل، تمكنت من الحصول على موافقة الدخول إلى إسبانيا بيوم واحد من قبل ميجيل غالان كبير المدربين، واتجهنا مع ابني زيد، وابني محمد الذي كان يقيم منذ تسعة أشهر في ألمانيا إلى فرنسا بالقطار ومنها إلى برشلونة ثم «ريال مدريد» حيث كان بانتظارنا في كل محطة حشد هائل من الصحافيين».
يتابع أسامة: وصلت محطة «ريال مدريد» وكانت الشرطة قد أفرغت المحطة من الناس، كان متواجدا أعضاء «خيتافي» ومراسل «خيتافي» ومدرب «غالان»، وعندما هممت بالخروج من البوابة وجدت حشدا هائلا من الصحافيين يهتفون «(ويلكم) أهلا أسامة» كانوا ودودين جدا.
وأكمل سرد القصة قائلا: كان الجميع يرغب في أن يلتقط صورا معي، وأنا لا أستطيع أن أصدق كل ما يحدث، ثم أخذوني إلى البيت لأستريح، ثم استيقظت في الصباح، ووجدت الصحافة بانتظاري أمام البيت، وكان معهم مدربو «خيتافي» و»ريال مدريد» وأخذونا بجولة في المدينة، ثم أخذونا إلى قاعة الشرف وكان في انتظارنا رئيس نادي «ريال مدريد» واستقبلنا بحفاوة، وصار يحضن زيد وصار يعرفنا على الكؤوس التي نالها الفريق، ووعدنا بأن يطلعنا على تدريب «ريال مدريد».
ويتابع أسامة: بالفعل ذهبنا في اليوم الثاني لحضور التدريب، وكان المكان قاعة رياضية ضخمة جدا وبها ملعب وفندق، وكان في استقبالنا مندوب العلاقات العامة، ونزلنا إلى الملعب وانتظرنا اللاعبين والتقطنا الصور معهم، ثم توجهنا إلى قاعة الشرف وتحدثنا عن الفريق بشكل مفصل ثم تناولنا الطعام وعدنا إلى المنزل، لنذهب في اليوم التالي إلى اللقاء الأكبر وهو المباراة بين «ريال مدريد» و»غرناطة» وحجزوا لنا في الدرجة الأولى والمقاعد الأولى، وكانت المفاجأة عندما أخذوا ابني زيد مرافقا لرونالدو في المباراة حتى كاد ابني يطير فرحا، لاسيما أن رونالدو لاعبه المفضل.
وعن حصوله على عقد عمل في «خيتافي» يؤكد أسامة أنه في الأيام القريبة سيوقع عقد عمل بمساعدة المدربين الأساسيين في الفرق الناشئة في «خيتافي» بعدما قدم عرضا فنيا وتحليلا رياضيا لأحد التدريبات.
وغادر أسامة سوريا وهو لا يزال يكن وفاء لنادي «الفتوة» الذي تنقل بين مناصب مختلفة فيه، حتى اضطر في 2012 إلى مغادرة مدينته دير الزور بسبب تردي الأوضاع الأمنية فيها، متنقلا بين أورفا ومرسين، متعيشا على عمل بسيط في مركز طبي أغلق فيما بعد لانعدام التمويل له.
وكانت تهم كثيرة ألحقت بالسيد أسامة من قبل مؤيدي النظام من أنه أمير في «جبهة النصرة» أو قائد في «تنظيم الدولة» الأمر الذي نفاه أسامة بشكل قطعي، مؤكدا أن هذا ديدن النظام في الإيقاع بالناس، وحرص على تبيان موقفه المؤيد للثورة السورية منذ اندلاعها وكرهه لكل أشكال الدم والعنف من أي شكل كان، مشددا على مبدأه وإيمانه السلميين في الثورة، وأضاف أن الخطوة التالية في حياته هي أنه سيكون عونا لمساعدة أي سوري في حال تمكن من إكمال حلمه.