المتروبوليت بولس صليبا

الكثير منا رأى إعلاناً مرفوعاً في أماكن مختلفة يقول: «خذ مشاكلك إلى الكنيسة، ملايين البشر أخذوها، تركوها هناك «. لا شك بأن هناك حقائق أساسية في هذه الكلمات. يقدّم المسيح الشفاء للنفس المريضة. لكن هل هذا هوالشيء الوحيد الذي نحصل عليه؟
يُقال أن الجمال عند البدو تركع عند المساء أمام أصاحبها ليرفعوا الأثقال عنها؛ ثم وفي صباح اليوم الثاني تعود نفس الجمال لتركع حتى يضع أصحابها نفس الأثقال على ظهرها.
إذا كنا من تباع المسيح، علينا أن نفعل نفس الشيء. نضع أثقال الخطايا والشعور بالأسى عند قدمي الصليب، لكننانحمل اُخر: مشاكل الصبر على خطايا وآلآم العالم.
صليب المسيح الذي نعيّد لرفعه هذا الأحد، يعني  خلاص البشرية؛ يعني المسامحة ومحبة الله الأزلية.
لكن المحبة هذه تتطلب جواباً لصليب المسيح من قِبَلنا: « من أراد ان يتبعني،  فليكفر بنفسه و يحمل صليبه و يتبعني».
نُحِب لأنه أحبنا أولاً. نحمل الصليب ونتبعه لأنه حمل هو أولاً الصليب من أجلنا.
هل هناك من صليب في حياة كل منّا؟ هل نحن مستعدون أن نسير معه اليوم؟ هل نحن مهيئون لطاعته في وسط كل الضغوطات التي نواجهها؟ هل نفكر جدياّ بحياتنا معه عندما سيأتي ليدين الجميع؟ هل نحن مستعدون أن نترك العادات السيئة جانباً ونُطهّر أنفسنا؟ « صُلبتُ مع المسيح « قال الرسول بولس. « أموت يومياً «، ليس موتاً جسدياً ولكن موت لحب الذات والخطيئة. هل نحن مستعدون لحمل هذا الصليب؟
الصليب هو رمز ذبيحة المسيح لخلاصنا. وبنفس الوقت يجب أن يُصبح رمزاً لتقدمات أنفسنا ولأعمال الخير للمسيح وكنيسته.
إن سبب جذب الشيوعية للشباب هو في تحويلهم ودفعهم للقيام بأعمال صعبة. سأل مسؤول شيوعي شاب أراد أن ينتسب للحزب، قال:
هل تعرف ماذا ينتظرك؟
نعم، أعرف أجابه الشاب.
قال المسؤول: برد، جوع، تجارب، سوء استعمال، سجن، أمراض وموت.
أعرف كل ذلك. أجابه الشاب. وأنا مستعد أن أتحملها كلها.
هل لدى المسيحي اليوم شيئاً يقابل به استعداد الشيوعي للتضحية؟ هل بإمكاننا أن نعمل أحسن، نعيش أفضل كما فعل مسيحيوا القرون الأولى الذين تغلبوا بحياتهم على الوثنية؟ أو أصبحنا ممتلئين بعيش حياة الرخاء ولا نملك القوة والإرادة للتغلب عليها؟

المسيحية الوحيدة التي يمكن أن تتغلب على العالم هي مسيحية بصليب في قلبها،. صليب يسوع المسيح، وذاك الصليب هو رمز التضحية حتى الموت .
أسقف مؤمن:
سنة 156 ميلادية، سيطر الرعاع على شوارع مدينة زميرنه وأخذوا يصرخون: « تخلصوا من المسيحيين! إنهم خطر علينا؛ يرفضون تقدمة البخور للامبراطور. خذوا أسقفهم بوليكرب وارموه طعاماً للحيوانات…»
كان الجنود يُعاملون الأسقف الكهل بأبشع أنواع العذابات الجسدية. تقدّم من الأسقف خلال المحاكمة جندي وأسرّ في أذنه قائلاً: « احترم شيخوختك، واعترف بفمك بالأمبراطور وتخلّص من كل هذه العذابات «. أجابه بوليكرب معبّراً عن إيمانه بمعلمه ومخلصه: « منذ ستة وثمانين سنة وأنا أعبده، ولم يسيء إليّ ولو مرة واحدة خلال كل هذه السنوات، ولم ينكرني، فكيف يُمكن أن تطلب مني أن أنكر وأهين تطلب الذي خلصني؟ «
لكن الشعب ما أراد أن ينتظر أكثر، فطلب تسليم الأسقف حالاً.
أُحرق جسد بوليكرب بالنار. وقبل أن إشعالها، صلّى. وحين كانت ألسنة النار تتقدّم من جسده، تحوّل الأسقف إلى شهيد الايمان المسيحي، ودخل إلى ملكوت معلمه ومخلصه.
حمل بوليكرب، كشهيد للكنيسة، الصليب حول عنقه. لكنه حمله أيضاً في قلبه. حمله بإيمان حتى بادله بإكليل المجد في ملكوت مخلصه يسوع.
أين نقف أنت وأنا، هي وهو، من تعليم إنجيل مخلصنا؟ هل من مكان في حياتنا اليومية لأرادته ولصليبه؟ هل هوالوقت لنقف ونتأمل ونفكر جدياً بحياتنا وعلاقتنا الروحية به؟
آمين