لا تزال إطلالة الممثلة المخضرمة السي فرنيني تثير الإعجاب، فهي تعرف كيف تختار أدوارها وكان آخرها دور «عايدة» في مسلسل «أحمد وكريستينا» إلى جانب زوجها جورج شلهوب. مشوارها الفني مثير للإهتمام. رغم انها اجتازت مرحلة من العمر، إلا انها لا تزال تحتفظ بشغفها كممثلة، تدخل في صميم الشخصيات التي تؤديها وتتألق فيها، تاركة بصمات لا تُنسى.
جورج حايك
{ من «أشرقت الشمس» مروراً بـ»عروس وعريس» وصولاً إلى «أحمد وكريستينا» نشاهدك في أدوار نوعيّة، هل يعود السبب إلى نضج في عملية الاختيار؟
– لا شك في انه بات لديّ نضج على كل المستويات وخصوصاً على صعيد الأداء وتقمّص الشخصية بكل مكوّناتها وعمقها. أنا كنت دائماً أعمل بعفوية وأعتمد على احساسي في الاداء. لكن لا أنكر ان النص يساعد أيضاً، فإن كان النص غير موجود لا يستطيع الممثل أن يفعل شيئاً.
{ لكن اللافت ان الأدوار الأخيرة التي أديتها كانت ممتازة وملائمة لعمرك وتبدين فيها منتعشة ويليق بك الحبّ…
افتخر بهذه الشهادة. على كل حال ليس هناك عمر للحبّ، ما دام قلب الانسان يدق يعني انه بصحة جيدة وتليق به الحياة. وعندما يكون الممثل متمتعاً بنشاط وطاقة يعني انه قادر على العطاء، وهذه نعمة من ربنا. ولا تنس ان التمثيل صعب وخصوصاً أن الظروف التي نعمل فيها مرهقة. أتمنى أن يصير لدينا ستوديوات في لبنان لأننا لا نزال نعتمد على التصوير الخارجي. لكن شغفي رغم ذلك لا يزال مستمراً ورد فعل الناس يحفزّني على الاستمرار وعدم الملل.
{ بعد هذه المسيرة الطويلة، ما هي مواصفات الدور الذي يجذبك؟
– قبل كل شيء يجب ألا يكون الدور سطحياً بل محوري. لا تهم كميّة المشاهد، إنما أن تكون له أسس وتأثير في مجريات المسلسل. أنا أبحث دائماً عن دور يدفع العمل إلى الأمام.
{ هل للعمر دور في اختيارك الأدوار؟
– حتماً، وأظن ان من الطبيعي أن يفكر المخرجون والمنتجون بأن يسندوا إليّ أدواراً تناسب عمري. وأنا أفضّل في حالة «الفلاش باك» الاستعانة بممثلين شباب لأن ذلك يكون مقنعاً أكثر. ولا أحبّذ أن تؤدي الممثلة نفسها دور الصبيّة ثم المرأة المتقدمة في العمر والناضجة. من المستحسن أن يلتزم الممثل سنّه.
{ أديت دوراً لافتاً في «أحمد وكريستينا»، ماذا تطلّب منك؟
– النص حدّد مواصفات الدور. امرأة عانت مأساة في حياتها وأعادت قصة حب أحمد وكريستينا إلى ذاكرتها المأساة التي عاشتها. أحبتهما وتعلقت بهما وخصوصاً انهما ذكّراها بصباها وعلاقتها بزوجها. كان لديها فرح بأحمد وكريستينا وقلق عليهما، وبدت انها لم تشف من مأساتها، إلا انه مع دخول الصحافي «ناصر» إلى حياتها عادت تشعر بأنوثتها، لكنها في الوقت عينه كانت تمتنع عن الانزلاق في علاقة حبّ جديدة لأنها «ملدوعة». كان لديها صراع في حياتها بين الماضي المأسوي وحاضر الحب الذي تخاف خوض غماره مجدداً. وهي حاولت أن تحذّر أحمد وكريستينا من المشكلات التي سيواجهانها لأنها كانت تشعر بها. في الحقيقة كتبت كلوديا مرشيليان نصاً ممتازا.
{ ماذا يعني لك أن تمثلي مجدداً مع زوجك جورج شلهوب؟
– جميل جداً هذا اللقاء المتجدد بيني وبين جورج، كأننا فعلنا «فلاش باك». وكان المخرج سمير حبشي يقول لي: «لا تزالين مغرمة بزوجك وهذا واضح في عينيك» (تضحك).
{ من لفتك من الجيل الجديد؟
– في الحقيقة لدينا عناصر جميلة تتمتع بالشغف حيال مهنة التمثيل، وأتمنى أن يرتفع مستوى الإنتاج ليحظوا بالمزيد من الفرص. وسام صليبا أتى من خلفيّة شاب متمرس بالتمثيل نتيجة مشاركته في محترفات في الولايات المتحدة، وهو لعب دوره بعمق إذ عكس بملامحه ومشاعره حزناً نتيجة معاناته مأساة في القصة أدت به إلى فقدان شقيقيه وشلل شقيقته نتيجة التعصب الطائفي. وأنا أرى له مستقبلاً واعداً. وسابين تملك احساساً عفوياً وجرأة، وصوتها جميل، ويناسبها التمثيل. وسينتيا خليفة تتقمص الشخصية بعمق، وقد أدت دور «الهيبيّة» بصدق. ونيكولا مزهر يتميّز بجديته ويعد بمستقبل جيد.
{ ما رأيك بالشخصية التي لعبها ابنك يورغو في مسلسل «قلبي دق»؟ وما رأيك بالعمل عموماً؟
– احتل هذا المسلسل المرتبة الأولى وفق كل الاستطلاعات، إضافة إلى انني اعرف فئة من الناس لا تشاهد التلفزيونات الا في مناسبات قليلة، جذبها مسلسل «قلبي دق»، لذلك تستحق كارين رزق الله التهنئة لأنها كتبت نصا يتضمن مواقف درامية وكوميدية صحيحة، ويورغو وكارين لعبا دورهما بحرفيّة. واللافت ان يورغو في إمكانه التعبير من دون أن يتكلم أحياناً، وهذه ميزة لا بد من الاعتراف بها. ومعظم الممثلين لعبوا أدوارهم بإتقان، وأنوّه باداء نقولا دانيال المميّز.
{ أنت ممثلة هادئة والصفاء ينعكس على وجهك، ماذا تفعلين للاستمرار في هذه الحالة؟ هل تمارسين التأمل والصلاة؟
– هذا أمر أساسي في حياتي. لديّ توجّه إلى الإيمان وتعلّق به. ثمة أمور في الحياة أهم بكثير من القشور الخارجية، مما يجلعني أغوص في أعماقي أكثر. أنا كنت دائماً هادئة لكن لم أكن أتحلى بالصبر، وأرى ان التوجّه إلى الروحانيات أعطاني قدرة على الصبر، وهذا ليس بالأمر السهل، إذ يحتاج المرء إلى ترويض النفس لينتقل بها إلى الاتحاد بمن هو أسمى وأعلى، أي خالق الكون. هذا التدريب يجعل الانسان يسيطر على انفعالاته. أشكر ربي على هذا الجانب من شخصيتي.
{ هل استعنت بعمليات التجميل في حدّها الأدنى؟
– لا شك في ان كل شخص منا يحتاج في مرحلة معينة إلى إنعاش ذاته. كما يمارس الرياضة أو كما يمشي للمحافظة على نشاطه وصحته، كذلك يحتاج إلى المحافظة على نضارة وجهه. ويجب ألا ننسى ان الشاشة «كشّافة»، والكاميرا تكبّر ما في الوجه. أنا مع تجديد الممثل مظهره من دون مبالغة أو تغيير في الملامح. ليس هدفي في هذا العمر أن أظهر جميلة انما من مكمّلات الظهور على الشاشة أن يكون الشكل لائقاً ومساعداً. على كل حال، الله يحب الجمال.
{ ماذا عن جديدك اليوم؟
– لا عروض جديّة في الوقت الحاضر، وأنا أشارك في عمل واحد خلال السنة وهو يتطلب طاقة وجهدا كبيرين.