بقلم بيار سمعان
ضجت وسائل الاعلام في استراليا والخارج لوقوع حادث غير مألوف، اعتقد انه سيثير مستقبلاً ضجة اعلامية اخرى بسبب الانعكاسات القضائية والتشعبات القانونية له.
نهار الاحد الماضي، كانت امرأتان تتمشيان في احدى الحدائق العامة في منطقة غريستانز وبرفقتهما كلبين ربما ذكر وانثى.
وصادفا شاباً يعتقد انه من اصول هندية يقود دراجته الهوائية في الحديقة نفسها. وتدعي الامرأتان ان الرجل تكلم اليهما ثم.. اعتدى جنسياً على احد الكلاب، كاشفاً عن عورته امام السيدين اللتين اسرعتا بالفرار وابلاغ الشرطة.
وقدمت المرأتان اوصافاً دقيقة لشخص الجاني. وادعت الشرطة انهم شاهدوا شخصاً يحمل ذات المواصفات، وحاولوا القاء القبض عليه، غير انه تمكن من الفرار، لكنهم احتجزوا الدراجة الهوائية ونشروا صورته في وسائل الاعلام دون ان يذكروا اين وكيف حصلوا على هذه الصورة.
وربما سيجرى اعتقال هذا الشخص قريباً كون الشرطة تمتلك اكثر من دليل عن هويته. وقد تمكنت من تحديد المنطقة التي يعيش فيها. وبالطبع سيحال الى المحكمة ويجرى اتهامه بقضيتين:
الاولى تتعلق بعرض عضوه الجنسي على امرأتين ومضايقتهما.
الثانية مرتبط بالاعتداء الجنسي على حيوان واقامة علاقة جنسية معه.
لكن ما اهمية هذه الجريمة، خاصة في القسم الثاني منها.
< العلاقات المثلية والشذوذ الجنسي مع الحيوانات
كلنا ندرك انه يجرى طرح موضوع زواج المثليين منذ سنوات. وقد اثار هذا الموضوع العديد من الطروحات حوله.
انصار زواج المثليين جادوا بكل ما لديهم من افكار وتبريرات طبية وبيولوجية وشخصية وقانونية ، وشددوا على اهمية حرية الاختيار والقرار في الحب والعلاقات بين الراشدين الذين يحق لهم ان يختاروا من يحبون، ومع مَن يقيمون ويمارسون الجنس، طالما تدعم القوانين الحرية الفردية. وهم يطالبون بتعديل القوانين لتتلاءم مع ميولهم وخياراتهم وتقدم لهم الحماية والاعتراف بحقوقهم المدنية القائمة على حرية الاختيار وممارسة الجنس دون اضطهاد او تحرّش او مضايقات.
وهكذا يجب تعديل مفهوم وتحديد الزواج تحقيقاً لهذه الغاية، فيصبح الزواج بنظرهم يقوم على اي نوع من العلاقات بين راشدين يقرران العيش مع بعض والتمتع بحياتهم الجنسية كما يشاؤون.
بالطبع الفريق المعارض يتمسك بتحديد الزواج على انه رباط بين رجل وامرأة من اجل بناء عائلة وانجاب اطفال يعيشون في احضان والديهم ويتمتعون بمحبتهم ورعايتهم وتوجيهاتهم. لأن العائلة هي الخلية الاساسية والأهم في قيام اي مجتمع ينمو في ثقافة ومناخ اجتماعي يقوم على المثل والقيم ويدهب مناهضو زواج المثليين ابعد من ذلك عملاً بتحديد الزواج على انه اقامة علاقة (جنسية) قائمة على موافقة الطرفين. مما سينتج تعقيدات قانونية اخرى عملاً بهذا التشريع. ويتساءل معارضو زواج المثليين حول الموانع التي تحول دون عقد زواج رجل بأكثر من امرأة وزواج امرأة بأكثر من رجل، طالما هم متوافقون على ذلك ويريدونه بكامل وعيهم وارادتهم؟ ولماذا يجب ان يمنع القانون زواج شخص بآخر من نفس العائلة او اقامة علاقة جنسية مع حيوان، طالما هو (اي الحيوان) لا يمانع بذلك؟ فتعدد الزوجات او الزواج بقاصر او حيوان (البهيمة) يصبح غير منصفاً ان يمنعه القانون عملاً بالمساواة وحرية الاختيار.
ان الحجة الاساسية لانصار زواج المثليين تقوم على فكرة واحدة وهي رضى الشخصين بالعيش معاً بحرية. وعند تشريع زواج المثليين، سوف نشهد سلسلة من المطالب تتساقط الواحد تلو الاخرى كحجارة «الدومينو». وبالمنطق نفسه، لماذا لا يقبل المجتمع والمشرعون بتعدد الزوجات (Polyganny) وزنى المحارم (incest) والبهيمية (Bestiality) والاعتداء الجنسي على اطفال. فان كان طفل لا يمانع في اقامة علاقة مع راشد فكيف نمنعه من ذلك؟ وان لم يقاوم حيوان او يرفض العلاقة الجنسية مع انسان. فلماذا لا نشرعها؟ وما الضيم ان لم يتمكنوا من الانجاب، فالمثليون لا يفعلون ذلك.. فالزواج المثلي هو ليس طبيعياً بل مخالفاً للطبيعة وسوف يؤدي اقراره وتشريعه الى سلسلة من الانعكاسات الاجتماعية والاخلاقية.
هذه الحجج طرحت اكثر من مرة في استراليا. ويعتبر السيناتور الاحراري كوري برناردي من اهم الشخصيات السياسية التي طرحت مسألة العلاقة بين زواج المثليين والقبول بالبهيمية. وكلفته آراءه خسارة موقعه كسكرتير البرلمان عينه طوني آبوت ، وارغم على الاستقالة بعد ان شنّ انصار الزواج المثلي حملة عشواء ضده.
اما في الولايات المتحدة فقد ربط المرشح الرئاسي المتدين بن كارسون بين زواج المثليين ومخالفة وصايا الله. وقال ان مؤسسة الزواج هي من اهم اعمدة المجتمع ومهما اقرت المحكمة العليا واعادت تحديد الزواج ، فانها لن تتمكن من تغيير هذا الواقع.
ولم يتردد كارسون من الربط بين المثلية والمسالك الجنسية الشاذة ومنها البهيمية.
كذلك قام الممثل الاميركي فيل روبرتسون بالربط بينزواج المثليين والبهيمية ايضاً. وقال صراحة اننا نبدأ اليوم بقبول زواج المثليين، وغداً سوف نرغم ، عملاً بنفس القوانين بقبول «البهيمية» وتعدّد الزوجات، واباحة الزنى، وزنى الرجال ومخالفة كافة القوانين باسم الحرية الفردية ورضى الطرف الآخر..
كذلك ربط السيناتور الاميركي السابق ريك سانتوروم بين المثلية والبهيمية.
هذا الموقف ليس هو القاسم المشترك بين كل هؤلاء المعارضين لزواج المثليين، بل هناك قاسم مشترك آخر. لقد شنت وسائل الاعلام وتنظيمات مدنية عديدة حملات تشهير بهم ارغمت البعض على الاستقالة والبعض الآخر على الاعتذار وآخرون على طلب المغفرة مدعين انهم تلقوا معلومات خاطئة حول هذا الموضوع.
لكن لنعد الى غرايستانز ونتصور السيناريو التالي: نقرأ غداً عنوان جديداً. القاء القبض على الرجل الذي اعتدى على كلبة في غرايستانز.. يحال هذا الشخص الى المحكمة. يعين محامياً للدفاع عنه وتبرئته، ودون اي شك سوف يكون المنطلق الاساسي للدفاع هو عنه «العته والخلل العقلي» او بناء الدفاع على اساس حرية الميول الجنسية. اذ ان المتهم لم يسئ الى احد، انما حاول اشباع غريزته الجنسية كما يشتهي هو.. الا يسمح القانون بذلك؟ الا تؤيد القوانين والاعراف مبدأ الحريات؟
تذكروا هذه الحادثة، فربما ستساهم في تعديل القوانين.
وقد يبقى المتهم طليقاً حتى يحين الوقت.