بعد عام على كارثة سنجار.. الإيزيديون يسألون عن مصير السبايا لدى «داعش»

بعد مرور عام على سيطرة «داعش» على مدينة سنجار (غرب الموصل) ذات الغالبية الإيزيدية، يبقى الآلاف من الفتيات والنساء والرجال الإيزيديين في عهدة التنظيم المتطرف الذي شن الصيف الماضي أوسع عملية على سنجار ومناطق سهل نينوى، حيث مواطن الأقليات الدينية في العراق.
وبحسب إحصائيات رسمية، اختطف التنظيم بعد سيطرته على سنجار وأطرافها 5838 إيزيديا غالبيتهم من النساء والفتيات والأطفال، فيما استطاع المكتب الخاص بشؤون تحرير الإيزيديين الذي أسسه رئيس حكومة إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني بجهوده الشخصية حتى الآن من تحرير 2014 شخصا.
العشرات من الفتيات الإيزيديات تجمعن أمس، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لهجوم «داعش» على سنجار، أمام مكتب الأمم المتحدة في أربيل لمطالبة المجتمع الدولي وحكومة الإقليم والحكومة العراقية بالعمل على تحرير المختطفين الإيزيديين لدى «داعش»، وبينهم مئات الفتيات اللاتي أخذهن التنظيم سبايا، وتحرير المناطق المتبقية من سنجار وأطرافها من التنظيم وتوفير الحماية لهم والاعتراف الدولي بأن ما تعرضوا له من جرائم على يد «داعش»، تعتبر إبادة جماعية. وتوسطت الفتيات مجموعة من الفتيات اللاتي تمكن بطرق مختلفة من الهرب من قبضة التنظيم.
خالدة روت ما شاهدته من أحداث صبيحة اليوم الذي سيطر فيه «داعش» على سنجار، وقالت: «في الصباح الباكر سمعنا أن (داعش) وصل إلى سنجار، فهربنا حالنا حال الجميع بسيارتنا، واتجهنا إلى طريق جبل سنجار الملتوي، وكان عددنا كبيرا، وبعد ساعتين من الطريق تعرضت لنا مجموعة من مقاتلي (داعش) وقطعوا طريقنا وأمرونا بالعودة إلى سنجار، متعهدين بعدم إيذائنا، وفي طريق عودتنا إلى سنجار، كان التنظيم قد نصب نقطة تفتيش أجبرتنا على الترجل من سيارتنا وفصلوا الرجال عن النساء والأطفال». وتضيف: «المسلحون سحبوا أخي وقتلوه بطلقة في رأسه وسقطت جثته على الأرض، رميت بنفسي عليه باكية، فشدني أحد المسلحين من شعري ووضع سلاحه فوق صدري، وقال لي: (ابتعدي وإلا قتلتك). فقلت له: (اقتلني). وكنت أظن أنه سوف يفعل، لكن أحدهم قال له لا تقتلها فلنعذبها أولا. ثم جرني قاتل أخي من شعري إلى إحدى العربات فيما وجه مسلحان آخران لي اللكمات، ثم أخذونا إلى مبنى دائرة نفوس سنجار، الذي كان مليئا بالنساء والشباب والشيوخ والأطفال الإيزيديين، وكنت أبكي لأني وحدي وبعيدة عن أسرتي، وبعد ساعتين أحضروا زوجة أخي الذي قتل في سيارة الإسعاف لأنها كانت في المستشفى، وقد أجرت عملية جراحية وكانت تصطحب معها طفليها الاثنين، وفي المساء أحضروا أمي وأخي الآخر وزوجة أخي الأخرى وتجمعنا جميعنا في دائرة نفوس سنجار».
وتسرد خالدة: «كان مسلحو (داعش) يأتون بين الحين والآخر ويأخذون مجموعة من الفتيات والنساء، وخصوصا الجميلات، تحت تهديد السلاح، ومن كانت صغيرة وفي حدود 12 سنة كانوا يحملونها ويأخذونها رغم رفضها وصراخها ومقاومتها، ومن كانت ترفض ولا تأبه للسلاح لأن أطفالها صغار، كانوا يقتادونها مع صغارها، كان الوضع مرعبا، وفي صباح اليوم التالي كانت هناك سيارات كثيرة خارج دائرة النفوس، وبدأوا نقلنا إلى جهات مجهولة وعمت الفوضى والصراخ، وصعبت السيطرة علينا كون العدد كان كبيرا، فهربنا أنا وباقي أفراد أسرتي بصعوبة، واتجهنا نحو منزلنا في حي الشهداء في سنجار، وبقينا في المنزل لمدة أربعة أيام، ونفد طعامنا وأصبحنا في وضع حرج، وكان لدينا رضيع عمره 14 يوما، اضطررنا من أجله إلى الخروج والهرب من جديد نحو بيت عمي بالقرب من جبل سنجار، ومكثنا هناك عدة أيام ثم واصلنا هربنا نحو حدود سوريا سيرا على الأقدام، كنا نسير على جثث الإيزيديين القتلى الذين قتلهم التنظيم لدى محاولتهم الهرب، وبالقرب من الحدود أقلتنا سيارات إقليم كردستان إلى الإقليم».

فتاة أخرى اسمها زينة تبلغ من العمر 20 عاما قالت: «أعادنا مسلحو التنظيم بالقوة إلى داخل سنجار، واعتقلوني أنا وعائلتي المكونة من 11 فردا، ومن ثم فصلونا أنا وأختي عن عائلتنا ونقلونا إلى قاعة في الموصل، حيث بقينا فيها لمدة 15 يوما، بعدها نقلونا إلى حي الجامعة في الموصل. كنا 150 فتاة وزعونا على مقاتليهم، وقالوا لنا كل واحدة منكم تتزوج من أحد المقاتلين، وهناك انتحرت صديقتي بقطع شرايين يديها». وتابعت: «تعرضت للاغتصاب من قبل مسلحي (داعش) عدة مرات، كل واحدة منا كانت تتعرض للاغتصاب من قبل 10 مسلحين، واحدا تلو الآخر، وكنا نتعرض للتعذيب أيضا، وفي إحدى المرات اكتشفوا أن لدي جهاز هاتف، لذا سجنوني لمدة يومين وحرمت من الماء والطعام، وتعرضت للضرب عدة مرات في نفس اليوم».
وتمضي زينة قائلة: «المسؤول الداعشي الذي نقلنا إلى قضاء بعاج كان من أهالي سنجار، وكان معروفا لدينا، وبعد بعاج، نقلونا إلى منطقة رمبوسي في سنجار، وهناك زار خليفة (داعش) أبو بكر البغدادي السجن الذي كان عبارة عن بيت، وعقد اجتماعا مع مسلحيه هناك، وبعدها خرج الجميع من المعسكر وتركوا حارسا واحد لمراقبتنا، وبعد أن سكر وتخدر جثى نائما، فهربنا أنا وأختي وفتاة أخرى بعد أن سرقنا هاتف الحارس وأخذنا بعض الأسلحة وهربنا، ولاحقونا وبحثوا عنا بعد شعورهم باختفائنا وأطلقوا النيران»، مشيرة إلى أن مسيرة الهروب استمرت سبع ساعات متوالية، من 12 ليلا حتى الساعة 7 صباحا «حتى وصلنا إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات البيشمركة»، مضيفة بالقول: «ما زالت عائلتي بين أيديهم وأختي الصغيرة بين أيديهم تتعرض للاغتصاب بشكل يومي».
نادية فتاة أخرى ناجية من «داعش» تبلغ من العمر 15 عاما، روت قصتها والدموع تنهمر من عينيها. قالت: «تعرضت لاغتصاب في منطقة رمبوسي التابعة لسنجار، مسلحو (داعش) كانوا يهاجموننا ولم نكن لشخص محدد، بل نتعرض لاغتصاب من قبل مقاتلين مختلفين».
وتابعت نادية: «باعونا في سوق نخاسة الموصل الذي هو عبارة عن بيت وقاعة. اشتراني أحد قادة (داعش) من مدينة بعاج مع 150 فتاة أخرى، كان سعر الفتاة منا يتراوح ما بين مائة دولار ومائتي دولار أو مقابل السلاح».
وتمكنت قوات البيشمركة في نهاية عام 2014 وخلال عملية عسكرية موسعة بإسناد من طيران التحالف الدولي، من تحرير مساحات واسعة من سنجار وغرب الموصل، وفك الحصار الذي فرضه التنظيم على جبال سنجار. وتسيطر قوات البيشمركة حاليا، وبحسب قادة ميدانيين، على أكثر من 60 في المائة من مدينة سنجار التي تشهد معارك بين تنظيم داعش والبيشمركة منذ نحو ثمانية أشهر.