المتروبوليت بولس صليبا
عندما سأل الرسل معلمهم «لماذا لم نستطع نحن شفاء المخلع؟» أجابهم: «لضعف إيمانكم».
الحق أقول لكم «إن كان عندكم إيماناً كحبة الخردل، فتقولون لهذا الجبل انتقل من ههنا إلى هناك فينتقل. وليس من شيء لا يمكنكم فعله».
الجبال الأرضية لا تستطيع أن تقف في طريق الإنسان المؤمن. ولا المصاعب الأخرى. يعلمنا السيّد بأن الإيمان الحقيقي يخلق قوة عظيمة تُمكننا من نقل الجبال.
خُلق الإنسان ليكون أكبر من أي جبل، رأس في أعلى جسده بعقل. هذا ما يعطي الإنسان الحكمة والقوة على كل وأي شيء آخر. ليس هناك من جبل أرضي يمكنه أن يقف في طريق الإنسان المؤمن ويمنعه من التقدم والنجاح.
واجه الرسول بولس جبالاً قاسية عدة في حياته. يكلمنا عنهم في رسالته الثانية إلى أهل كورنثوس ( 12: 7).
يقول «لئلا أرتفع بفرط الإعلانات اُعطيت شوكة في الجسد… ملاك الشيطان ليلكمني لئلا أرتفع… من جهة هذا تضرعت إلى الرب ثلاث مرات أن يفارقني». أعطى الله القوة لبولس ليتغلب على ضعافاته. لم تقهره التجارب. «الشوكة في الجسد» يبدو بأنها نوع من المرض الجسدي. لم تضع الرسول في الفراش بدون حركة، بل دفعته للإعتماد أكثر على المسيح ونعمته.
واجه السيّد نفس الجبال في حياته الأرضية. في إصحاح 26/ 28 من متى نقرأ عن ما واجهه في بستان الجثمانية. قال السيّد لتلاميذه: «نفسي حزينة حتى الموت، امكثوا ههنا واسهروا معي». ثم تقدّم قليلاً وخرّ على وجهه وكان يُصلى قائلاً يا أبتي إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس…» هل تتصور أيها المؤمن عظم الجبل الذي كان على السيّد أن يتغلّب عليه؟ بطاعته لأبيه السماوي حوّل الصليب إلى قيامة ممجدة له ولكل من سيؤمن به.
هناك حالات اُخر كثيرة في التاريخ انتصر فيها الإنسان على كل التجارب. مثلاً قصة هيلانة كالار التي وُلدت عمياء وصماء. فلم تقهرها جبالها الجسدية الكبيرة. كتبت: « أشكر الله على كل إعاقاتي، بها وجدت نفسي، عملي وإلهي».
أحد الممثلين المشهورين أخذ يتعاطى المخدرات للسيطرة على أعصابه وابتدأ اسمه يُتناول في الصالونات وابتدأ الآخرون يبتعدون عنه. دار وجهه للمسيح طالباً أن يزيل جبل المخدرات من حياته فاستجاب له السيّد. بعد مدة سأله أحد المراسلين إذا كان حصوله على الأوسكار هو نجاح حياته الأهم؟ أجابه كلا! إن الذي ساعده على التخلص من ضعافاته أكثر من أي شيء آخر هو تغلبه عليها بنعمة الروح القدس.
ليس هناك من مشكلة في حياتنا أكبر من نعمة المسيح. إنها أعظم من أي تجربة، أكبر من أي خطيئة، أي إخفاق، أكبر من أي صعوبات، أي مشاكل. عندما نضع حياتنا بين يديه، يُعطينا القوة لنصبح أقوى بكثير مما حلمنا به، أكبر من أمراضنا، أكبر من ضعافاتنا، أكبر من كراهيتنا، أكبر من تحاملنا وأكبر من هزائمنا.
أجابهم السيّد المسيح: «إذا كان لديكم إيماناً بمقدار حبة الخردل، تقولوا للجبل أن ينتقل من مكان إلى آخرفينتقل … وليس من شيء غير مستطاع للمؤمن».
هل نأخذ بعض الوقت للتأمل بأقواله ونعمل على تطبيقها في حياتنا؟
هل نقضي أيامنا ميكانيكياً ونتّخذ قراراتنا ونقرأ كتبنا المقدسة آلياً؟
هل حان الوقت لإدخال تغييّر جذري في طريقة حياتنا اليومية قبل فوات الأوان.
صلاة: «أيها الرب امنحني الصلاة التي تنقل الجبال. أنت وحدك تعرف الصعوبات، الآلام والمشاكل التي تواجهنا على طريق حياتنا. أنت تعرف ضعافاتنا أمام جبل المصاعب. ساعدنا يا رب بالرغم من ضعف إيماننا، قوّي إيماننا».
آميــــــــن