بقلم هاني الترك
By Hani Elturk OAM
ازمة الهوية الثقافية
اعلن رئيس حكومة الولاية مايك بيرد عن اصدار نظام رقابة تعليم الاسلام بين جماعات الصلاة في المدارس العامة من اجل منع التطرف بين الطلبة لئلا يصبحون جهاديين.. وجاء قرار بيرد بعد ان تبين ان طالباً يبلغ من العمر 17 عاماً من مدرسة Epping للصبيان يبث افكاراً متطرفة لتنظيم الدولة الاسلامية. وكان المتطرف احمد شاه الهماذزي يقدم الوعظات الدينية في المدرسة خلال عام 2009.. وكذلك عثر على كتابات وشعارات للدولة الاسلامية على جدران المدرسة إيست هيلز الثانوية للصبيان.. وايضاً غادر استراليا الطالب البالغ من العمر 17 عاماً الى الدولة الاسلامية بصحبة المجاهد عبد الله المير.. ومنعت السلطات سفر شقيقين الى الشرق الاوسط للاشتباه بعزمها الانضمام الى تنظيم الدولة الاسلامية.
وقد رحب القياديون من الجالية الاسلامية بقرار بيرد وعزوا المشكلة الافتقار الى التمويل لواعظين معتدلين مما ادى الى الاعتماد على المتطوعين للقيام بالتعليم المتطرف .. ولم تطلب منهم دائرة التعليم سوى اثبات نظافة سجلهم الجنائي.
ان قرار بيرد سليم بعدم السماح بتدريس الاسلام المتطرف للطلبة بالتدقيق ومراقبة التعليم حتى لا يتحولون الى مجاهدين ارهابيين.. وتعليم الاسلام من قبل مدرسين معتدلين وليس المتطوعين غير المعروف اتجاهاتهم. الا ان المشكلة ابعد من ذلك لأن الذين يتحولون الى مجاهدين مثل خالد شروف يعانون من ازمة الهوية التي يعاني منها بعض الشباب المسلم الذين يقعون فريسة الانتماء لثقافتين الاسلامية المتطرفة والغربية الاسترالية.
والهوية الثقافية هي ابعد ما هو الذات او الشخصية.. فهي تعني القاعدة التي يتعلق من خلالها الشخص بأمته وتراثه تاريخياً وحضارياً.. اي صفة الانتماء للأمة في كيانها وتراثها.. فإن الذين يتحولون الى متطرفين ويسافرون للانضمام الى تنظيم الدولة الاسلامية يعود الى فقدانهم الهوية الاسترالية.. فهم نشأوا وترعرعوا بين محيط ثقافتين غير متكاملتين في بعض الاحيان بسبب التطرف.
يجب التعليم في قاعات الصلاة في المدارس الدين الاسلامي الحقيقي وليس المتطرف مثل ان الجهاد ليس هو شن الحروب واللجوء الى العنف وقطع الرؤوس لكن جهاد النفس من اعمال البر والتقوى والخير والمساعدة والمحبة.
لذلك يجب تعيين مدرسين معتدلين يفهمون الدين الاسلامي الحنيف في جماعات الصلاة في المدارس وان الاختلاف بين الديانات والثقافات فيه اغناء للثقافة.. هذا عنصر هام في نظرية الهوية الثقافية. .
العامل الثاني الهام هو الاسرة فقد يكتسب الطفل ثقافة ابويه ولكن يفتقر الى الفهم الصحيح للإسلام.. والدليل على ذلك ان الاستراليين المسلمين الذين ذهبوا للمشاركة مع الارهابيين لم يستوعبوا القرآن ولا يفهمونه لأنهم لم يقرأوه . لأن الاسلام كما جاء في القرآن هو هداية للبشر وينادي بالمحبة والرحمة وليس قطع الرؤوس.. وبقدر ما يكون المسلم مخلصاً للإسلام وتراثه بقدر ما يكون مخلصاً لبلده الذي ولد فيه استراليا.. لذلك يجب توعية الابوين بالثقافة الاسترالية من قوانين ونظم وانماط الحياة الاسترالية حتى يستمد الطفل المسلم ثقافته من الهوية الاسترالية.. وهنا يتطلب تفاعل ابناء الجالية الاسلامية مع المجتمع الاسترالي وليس العزلة والتقوقع.
فإن مسؤولية نجاح الشباب المسلم يقع اوزارها في المحل الاول على عاتق الآباء في تغذية شخصياتهم بثقافة المجتمع الاسترالي.. لتحدث عملية التكامل بين الثقافتين في شخصية الطفل.. اي الهوية المتجانسة.
اضافة الى ذلك فإنه يجب تشغيل الشباب المسلم اذ ان البطالة بين الشباب المسلم في المناطق التي تتميز بالكثافة السكانية الاسلامية مرتفعة.. والتعلم هو اهم سلاح في مكافحة التطرف والحصول على وظيفة.. فقبل ان نسأل الشباب المسلم لماذا تتحطم آمالهم على صخرة الدراسة ولجوء البعض الى العنف والتطرف يجب ان نسأل انفسنا لماذا لا نعلمهم اصطياد النجاح بالشبكة الصالحة هي الهوية المتجانسة التي تجمع بين الثقافتين الاسترالية والاسلامية.. فإن المجتمع الاسترالي المتعدد الثقافات والحضارات يسمح ويشجع الحفاظ على التراث والديانات المختلفة.. يجب تعليم الشباب ان الاختلاف بين الثقافات والديانات وتقبل ديانة الآخر هو شيء عظيم يغني من ثقافة المجتمع المتعدد الحضارات.
فإن الشباب المسلم الذي يذهب مع الجماعات المتطرفة بعاني من مشكلة ازمة الهوية الى ابعد الحدود.. ومشكلة عدم التكامل بين الثقافتين الاسلامية والاسترالية في هويتهم والمعاناة في عدم تجانس الهوية ينتج عنه الفشل في الدراسة وربما الفشل في الحياة ومعاداة المجتمع الذي ولد فيه مثل الشباب الاستراليين الذين يحاربون مع الجماعات الارهابية في سوريا والعراق.
فإن الاستراليين المسلمين الذين نجحوا في احتضان التكامل وليس التصارع بين الثقافتين قد حققوا منجزات كبيرة لانفسهم وللمجتمع الاسترالي.. والدليل على ذلك المساهمة الكبرى التي حققها معظم ابناء الجالية الاسلامية الاسترالية يعود الى التكامل بين الثقافتين الاسترالية والاسلامية.. فإن نظرية الهوية الثقافية المتجانسة هي الاساس.. واستقائها من محيط الاسرة وجماعات الصلاة في المدارس والجوامع والمجتمع الاسترالي بتناغم تكمل كل منها الآخر هو الذي يخلق الهوية الثقافية المتجانسة.