بقلم هاني الترك OAM

اجرى المذيع الزميل مهاب كامل من اس بي اس البرنامج العربي مقابلة لي حول تأثير العرب على استراليا.. انطلاقاً من قول الفيلسوف جبران خليل جبران والذي اقتبسه الرئيس الاميركي الراحل في حديثه الرئيسي للكونغرس الاميركي: لا تقل ماذا قدم لك الوطن ولكن ماذا انت قدمت للوطن.. وكان هذا كلامي:

ان تأثير الجالية على استراليا في معظم المجالات ونشاطات الحياة الاسترالية من الفنون والآداب والاعلام والسياسة والبحوث العلمية والاقتصاد واتحادات نقابات العمال  والصناعة والتجارة والخدمة العامة.. فإن الجالية بثقافتها وتراثها ودياناتها قد ساهمت مباشرة في بناء المجتمع الاسترالي فأخصبت من  تشكيلته ولها بصماتها وملامحها على تاريخه.

اسس العرب التنظيمات العربية على مختلف انواعها لتعكس الاهداف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والترفيهية تعبيراً عن الهوية الوطنية والدفاع عن القضايا العربية..

واقام العرب الملاهي الليلية التي تعزف الموسيقى العربية  والرقص الشرقي والمطاعم للطهي العربي والمراكز المختلفة هي ملتقى  العائلات والاصدقاء وتمثل همزة الوصل بين المستوطنين القدامى والاستراليين وابناء الجالية الجدد لتقوية مفاهيم الثقافة العربية واللغة العربية. نتيجة التفاعل واحتكاك العرب بالاستراليين يحدث نوع من التعاطف نحو القضايا العربية وفهم الثقافة العربية .

ففي مجال الآداب تدرس العربية  في عدة جامعات وفي بعض المدارس الاسترالية.. فقد اسست الجالية المدارس العربية مثل المدارس اللبنانية في سيدة لبنان ومار شربل والمدارس الاسلامية مثل مدرسة الفيصل وغيرها وبذلك اصبحت اللغة العربية جزءاً ويتجزأ من ثقافة المجتمع الاسترالي. وتوجد عدة اذاعات باللغة منها الدينية والعلمانية وعدة صحف بالعربية والانكليزية.

اسس العرب مختلف الكنائس والجوامع ذات الطقوس العربية الشرقية ساهمت في اغناء ثقافة المجتمع الاسترالي.. فقد ترأس المطران الراحل جبران الرملاوي اتحاد الكنائس الاسترالية لعدة سنوات وكان المتحدث الرسمي بإسمه والمدافع عن القضايا الدينية والانسانية.

اما الديانة الاسلامية فهي ثاني ديانة من حيث الحجم حيث يعتنقها حوالي نصف مليون استرالي. فقد شيدوا الجوامع والمراكز الدينية.

وفي مجال الفنون والآداب اسست فرقة الفلكلور اللبنانية التي تشارك في الاستعراضات الاسترالية منذ عام 1930 ولا تزال الفرقة الدبكة اللبنانية  تقيم حفلاتها. ونبغ عدد من العرب في الفنون مثل عازف البيانو المشهور في استراليا جيفري سابا. وفي مجال الآداب يبرز كأفضل روائي معاصر في استراليا ديفيد معلوف.. وهناك الكثير من الكتب التي صدرت لكتاب غير مشهورين  من ابناء الجالية العربية باللغتين  العربية والانكليزية. واسست منذ حوالي 25 عاماً رابطة احياء التراث العربي التي تقدم جوائز جبران خليل جبران لأدباء ومفكرين عرب من البلاد العربية وفي استراليا.

وفي مجال السياسة برز عدد كبير من السياسيين العرب مثل روبرت خطار وابنه وحفيده الذين برزوا في حقل السياسة في ولاية كوينزلاند. ومنهم الوزير الفيدرالي روبر ابو خطار في حكومة الاحرار عام 1960. والكسندر علم عضو البرلمان في ولاية نيو ساوث ويلز، السير نيكولاس شحاده الرئيس السابق لبلدية سيدني،  ورئيس بلدية ادلايد  جورج لويس، وزير العدل السابق من حكومة كوينزلاند سام دوماني، ووزير الصحة في حكومة تازمانيا فرانك جحا، ادوار عبيد الذي شغل منصب وزير الموارد الاولية في  حكومة ولاية نيو ساوث ويلز وجهاد ديب النائب العمالي لـ لاكمبا وعضو المجلس التشريعي في الولاية شوكت مسلماني  والنائب السابق في برلمان الولاية طوني عيسى ووزير الخزانة الفيدرالي جو هوكي. وقد خدمت بروفسورة ماري بشير منصب حاكم الولاية لعدة سنوات.

وفي المجال الاقتصادي تبدو مساهمة العرب في بناء الاقتصاد الاسترالي على جميع المستويات من بداية وجدوهم الى هذا التاريخ. فحينما اشتغل الرواد الاوائل في القرن التاسع عشر في البيع بالتجول وحينما عمل المهاجرون الجدد في المصانع وبعد ان طوروا اعمالهم واسسوا الاعمال التجارية والمصانع واصبح منهم من يملك ثروة تقدّر بالملايين    ساهموا مباشرة في ايجاد فرص عمل في استرليا وفي بناء الاقتصاد الاسترالي. ومن الذين نجحوا واصبحوا من كبار رجال الاعمال في التجارة والصناعة كرم ساحلي، مايك قضماني ، لويس فليفل ، الاخوة سكاف، جوزيف غزال، الراحل نيك عبود، ناجي إمام، جو سابا، جو ميلاني، استيفان عكار ومقدس ووالي وهبه.

وهناك غرفة التجارة اللبنانية الاسترالية، وغرفة التجارة العربية والمجلس التجاري الاسترالي العربي من اجل تشجيع التبادل التجاري بين استراليا والدول العربية.

وفي مجال المهن الحرة ظهر الاطباء والمحامون والمدرسون واساتذة الجامعات والمهنيون وغيرهم وكلهم لعبوا دوراً هاماً في بناء الاقتصاد والتقدم الاسترالي.

وقد نهض ابناء الجيل الثاني الذي نشأ في استراليا وتعلموا في الجامعات الاسترالية ومنهم برزت طاقات في كل مجالات الحياة الاسترالية وهذه محاولة بحث آخر.