بقلم بيار سمعان

{ ادعى مؤخراً الناشط المثلي الاسترالي رودني كرومي  R Croome ان كتيب الدفاع  عن الزواج الطبيعي (بين رجل وامرأة) الذي نشره مؤتمر الاساقفة الكاثوليك في استراليا  «يخرق بوضوح قانون مكافحة التمييز العنصري»، على حد قوله، ويعرض الاطفال لخطر الرسائل الضارة بهم..؟؟
رودني كرومي، المدير الوطني للتنظيم المشبوه «المساواة في الزواج في استراليا»، هو غاضب، لأن المدارس الكاثوليكية في ولاية تازمانيا قامت بتوزيع كتيب يدعو الى «عدم العبث بالزواج».
12 الف نسخة وزعت على الطلاب لكي يطلعوا عليها ويمرروها لذويهم.
وادعى الشاذ رودني كرومي، ان بعض المعلمين هم غاضبون لهذه المبادرة وقال انه يحق للكنيسة الكاثوليكية ان تعبر عن آرائها ووجهة نظرها من منبر الكنائس، لكنه غير ملائم تجنيد الشباب كسعاة بريد لهذه الافكار المتحيزة.
فالكتيب يقول للتلامذة المثليين ان هذه الممارسات الجنسية لديهم هي غير صحيحة وان زواج المثليين هو خطر على مؤسسة الزواج، والاديان والمجتمع».
واتهم كرومي ان المعلمين يسيئون الى التلامذة، وان اي مدير مدرسة او معلم يعرض هؤلاء الاطفال لمثل هذه الرسائل المدمرة، يسيء الى دوره ومسؤولياته كمربٍ ويشكل خطراً على التلامذة.
كم تبدلت الازمنة التي نعيشها الآن وكم تغيرت المفاهيم !! في السابق كان يطرد اي معلم يروج للعلاقات المثلية في المدارس الكاثوليكية… الان يريد السيد كرومي ان يطرد هؤلاء المدرسين لأنهم يعلمون اسس العقيدة الكاثوليكية لتلامذتهم. ويشكلون بالتالي خطراً عليهم.. لذا يجب اعفاؤهم من مسؤولية التدريس ، حسب ادعاءات السيد كرومي.
فما هي المساوئ الضارة التي يحويها هذا الكتيب؟ هل يشجع علىالكراهية ضد المثليين؟ ام انه يدعو الى العنف وحمل السلاح؟ بالطبع لا شيء من هذا القبيل.
16 صفحة ملونة اعدها الاساقفة الكاثوليك تتضمن رسالة واحدة وهي ان الزواج هو فقط بين رجل وامرأة، وهذا هو الشكل الوحيد والطبيعي لتعريف الزواج.
انه لا يشجع قطعاً على الكراهية للمثليين  بل ينص صراحة ان كل رجل وامرأة وطفل لديه كرامة عظيمة وقيمة لا يمكن لأحد ان ينزعها عنه. وهذا يشمل اولئك الذين يعانون من انجذاب نحو نفس الجنس  (المثليين) ويجب معاملتهم باحترام وحنان ومحبة…»
السيد كرومي لم يقرأ هذا الموقف المتسامي، بل يروّج ان الكتيب يسيء الى المثليين ويحط من قيمة العلاقات المثلية. ويضر بالطلاب المثليين، ومن ينشأون في عائلات مثلية، ويتهم هذه التعاليم انها تتعارض مع قوانين التمييز العنصري في استراليا… (؟)
فما هي النقاط التي يرى فيها كرومي تعارضاً مع قوانين التمييز العنصري؟
زواج المثليين سوف يسيء الى الزواج (الصحيح) ويزعزعه ويقضي على روحانية الزواج. ويشكل ظلماً على شخصية الاطفال وينتهك الحرية الدينية. وعلى العلاقات المثلية ان تتحلى بالعفة وهي تختلف بجوهرها عن العلاقات الزوجية بين رجل وامرأة. وان احترام الاطفال يوجب ان للاطفال حقهم الطبيعي وحاجتهم الى اب وام يجب ألا يحرموا منه. فالعبث بالزواج هو ايضاً عبث بالاطفال.
هذه الآراء كانت عرفاً تجمع عليه الدول والاديان حتى تاريخ اصدار السيد كرومي احكامه المنحازة. وهو يعتبر هذه الآراء ذماً بغيضاً للمثليين، اذ ان الكتيب يوحي ان زواج المثليين هو غير مقبول او طبيعي، ويشكل تهديداً على الصحة العامة للاطفال، لأن كل طفل يحتاج الى اب وام في العائلة. وهذا ما يعتبره كرومي اهانة، لأنه بالواقع يطالب عكس ذلك. وفي عقل كرومي قناعات تدفعه للاعتقاد والترويج ان ادعاء الكنيسة الكاثوليكية ان زواج المثليين هو امر مرفوض يتعارض مع القانون الاسترالي الذي يحترم حرية الافراد. لكن كرومي نفسه يتناسى انه لا يحترم حرية الآخرين عندما يشن غضبه باطلاً علىاهم مؤسسة دينية في استراليا وهي الكنيسة الكاثوليكية التي تقف صامدة ضد تعاليمه ومشاريعه الشيطانية.
فماذا سيدعي كرومي ومن يمثل في حال جرى اقرار زواج المثليين ، بكل بساطة سيعتبر كل كلمة يتفوه بها رجل دين هي تمييز عنصري ولا تحترم حريته وخياراته الشاذة، وان تثقيف الطلاب حول حقيقة ودور الجنس هو اساءة اليهم واضطهاد لمشاعرهم.
ان كرومي ومن يمثل يسعون الى اسكات الكنيسة الكاثوليكية وتعطيل دورها في توجيه المؤمنين وضرب معارضتها قبل ان تعمم رسالتها عليهم.
لقد اصبح، حسب ميول وآراء كرومي، التبشير بكرامة الانسان والمثل الاخلاقية المسيحية امر مدان ويجب تحريمه.
اننا نواجه اليوم صراعاً صريحاً بين الخير والشر، بين الله وتعاليم وابليس واكاذيبه، بين الطبيعي والشاذ.
لقد عمل كرومي ومن  يقف وراءه طوال عقود لكي تصل المجتمعات الى هذه الحالة.
ساهموا بنشر الاباحية الجنسية وشجعوا على المسالك الشاذة على انها امر طبيعي ومألوف. زرعوا الفردية بدل الشعور بالانتماء العائلي وقلبوا الادوار بين الرجل والمرأة، شوهوا صورة الله في الانسان، لكي يتخلى هذا الانسان عن اتكاله على الله والحفاظ على تعاليمه في حياته اليومية.
اليوم يريد كرومي بكل وقاحة ان يقول للكنيسة الكاثوليكية: لا يحق لك ان تعارضي زواج المثليين. فنحن على حق وانت على خطأ.
لا نزال في بداية الطريق ..ويبدو ان القادم اعظم.