قال البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي: «نحن بطاركة انطاكيا الخمسة، نطالب برفع الظلم عن شعوبنا. نطالب بالسلام، بايقاف الحرب، بالحلول السياسية، بعودة النازحين مكرمين الى بيوتهم وديارهم. نندد بالظلم، بموت الضمير العالمي، بكل الذين يمدون السلاح والمال من اجل التخريب التدمير والقتل والتهجير».

كلام الراعي جاء خلال القداس الالهي الذي أقيم في كاتدرائية مار انطونيوس في المطرانية المارونية في باب توما في دمشق.

واستهل الراعي عظته، مستشهدا بما جاء في الكتاب المقدس: «قال له يهوذا يارب كيف تظهر ذاتك لنا لا للعالم، اجاب يسوع: من يحبني يحفظ كلمتي، الاب يحبكم، انا احبكم…من لا يحبني لا يحفظ كلماتي، والكلمة التي تسمعونها ليست كلمتي بل كلمة الاب الذي ارسلني…كلمتكم بهذا، وانا مقيم عندكم، لكن الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي، هو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم. السلام استودعكم…سلامي اعطيكم، لا كما يعطيه العالم، اعطيكم انا…فلا يضطرب قلبكم ولا يخف».

وقال: «لا يضطرب قلبكم، ولا يخف، هذا هو كلام الرب اليوم. اود اولا ان اعرب عن سعادتي الكبيرة، ان اكون هنا، وبخاصة ان البي دعوة اخي صاحب الغبطة يوحنا العاشر، حتى نلتقي غدا بطاركة انطاكيا الخمسة، لنفكر معا، ونوحد جهودنا وكلمتنا وصوتنا وعملنا، ونحمل مع شعبنا في سورية والعراق، وفي مختلف بلدان الشرق الاوسط حيث يعانون، نحمل معا صليب الفداء، وفينا رجاء كبير ان يوم الجمعة ليس اليوم الاخير. فبعد الموت القيامة».

اضاف «من بين الكلمات بالنسبة لنا، هنا في سورية، سيكون لكم في العالم ضيق، لكن ثقوا انا غلبت العالم. اذا الغلبة هي ليسوع، بالرغم مما يصنع الاشرار وامراء الحروب ممولي الحروب والمرتزقة، الذين وظفوا من اجل الخراب والدمار والقتل»، مؤكدا «هذه موجة عابرة، ونحن مدعوون لكي نصمد».

وتابع «الكثيرون ضحوا بدمائهم، كثيرون الشهداء، لكن دماءهم لن تذهب سدى، كثيرون هجروا، يتكلمون عن 12 مليون في سورية. هؤلاء الامهم لن تذهب سدى، سيد التاريخ هو الله، لا اسياد هذا العالم، وكل شيء اصبح واضحا. نحن في هذا الشر امام استراتيجية الحروب العبثية، الغاية منها خراب ودمار وقتل وانتزاع كل امل ورجاء في قلوب الناس. نحن نصبر. هذا كلام تسمعونه كل يوم، من اخواني اصحاب القداسة والغبطة البطاركة والمطارنة والاباء».

وأردف «انا سعيد ان اكون معكم، لاضم صوتي الى صوتهم، الى صوت البابا فرنسيس المتمثل بشخص السفير الباباوي، الذي لا يمر اسبوع، الا ويدعو بالسلام لسورية الحبيبة. العالم بحاجة الى فداء. العالم فيه شر كبير. ولذلك هو بحاجة لمن من الابرياء يدفع ثمنه، وهنا تدفعون الثمن، وليس فقط الذين ماتوا، او هجروا، والذين يعيشون من الخوف من المستقبل، فكل الشعب في سورية يتساءل الى اين المصير. المهم الا نفقد الرشد، هذا هو معنى لقاءنا غدا في المريمية، بدعوة من صاحب الغبطة يوحنا العاشر».

وأكد «نحن بطاركة انطاكيا الخمسة، معكم ونحن امامكم. امامكم في الطليعة، ووراءكم لنحافظ عليكم. نحن معكم في صلاتنا. نحن معكم في كل شيء. ونحمل قضية المسيحيين عامة، وابناء شعوبنا في سورية والعرق وفلسطين واليمن، وكل بلد يعاني. نحمل قضيتهم في كل مكان. نلتقي هنا، نلتقي في لبنان، نلتقي في روما، نلتقي في هذا العالم اكثر من مرة، نتكلم لغة واحدة».

وختم قائلا: «نطالب برفع الظلم عن شعوبنا، نطالب بالسلام، نطالب بايقاف الحرب، نطالب بالحلول السياسية، نطالب بعودة النازحين مكرمين الى بيوتهم وديارهم، نندد بالظلم، نندد بموت الضمير العالمي، نندد بكل الذين يمدون السلاح والمال من اجل التخريب التدمير والقتل والتهجير».

بعد القداس، دشن الراعي مركز المطران ريمون عيد الاجتماعي، الذي يضم قاعة كبيرة للمناسبات ومكاتب وغرفا للمطرانية.

وكان الراعي قد بدأ بعد ظهر اليوم، زيارة لدمشق، للمشاركة في اللقاء الروحي للبطاركة الانطاكيين الخمسة، الذي يعقد غدا في بطريركية الروم الأرثوذكس- الكاتدرائية المريمية، ويحضره إلى الراعي: بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم أجمع مار اغناطيوس أفرام الثاني كريم، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك السريان الكاثوليك مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان.

وبعيد وصوله إلى العاصمة السورية، زار الراعي المستشفى الفرنسي في دمشق، وألقى كلمة أكد فيها أن «الكلمة الأخيرة في سوريا، لن تكون للحرب، بل للسلام، وليس للبغض وأمراء الحروب، بل للحب واستعادة السلام للأمة كلها».

وقال» إنني كل يوم في سوريا، حيث أصلي باستمرار، وفي كل المناسبات، حتى تنتهي الحرب، وتتم الحلول السلمية فيها».

ولفت إلى أنه «ومن خلال كل اتصالاته، وعمله اليومي، سواء مع سفراء الدول أو الكرسي الرسولي، أو من خلال زياراته للخارج يحمل قضية سوريا، لأن الحرب مفروضة ظلما عليها»، معتبرا أنه «لن يكون للظلم الكلمة الأخيرة في سوريا».

وقال: «نحن ككنيسة، نقف ضد الحرب ومع السلام والحلول السلمية»، معتبرا أن «المأساة التي يعيشها السوريون هي نتيجة القلوب المتحجرة والوحشية والحرب العبثية، التي تقتل وتهجر، وكأن الضمير العالمي مات كليا، لأن الدول الكبرى لا يهمها إلا مصالحها الاقتصادية والسياسية».

أضاف «جذورنا عميقة في المنطقة، ولدينا ثقافتنا وتاريخنا وتعايشنا مع أخوتنا السوريين من مختلف الأديان، وكنا على الدوام نزور سوريا، فنجد شعبا طيبا ومحبا وصبورا، لذلك ليس من الغريب، أننا جئنا إلى سوريا للصلاة من أجل السلام، وإنهاء الحرب، وكي يستمر المسيحيون والمسلمون في أرضهم».

وختم «نعم، إننا نشعر بخوف وهواجس، ولكننا يجب أن نظل صامدين بالمحبة والبناء والرجاء».

ومساء، زار وزير الأوقاف الاسلامية السورية محمد السيد على رأس وفد من المشايخ، الراعي في دار مطرانية الموارنة في دمشق.