وديع شامخ – رئيس تحرير مجلة «النجوم»

أفاق غريغوري من نومه فوجد نفسه صرصارا ) – فرانزو كافكا؟

بعد ليلة سقوط صدام  وحتى  القبض  عليه  ، لابد أن تروى حكاية العراق من قبل شهريار الذي استفاق من نومه ليجد نفسه جرذا مذعورا . هو الذي كان صامتا ويشير بسبابته والضحايا الى مآلها تسير ، هو الذي كان يسأل ويجيب ، هو الذي ذكّر جمهوريتنا وجثا بصولجان النار على أحلامنا . كان شهريار الأمس بلا لحية ولا حكمة ، النهار له والليل وله من كل طائر وزاحف جزية وصدقة جارية . الحكاية المخرومة ستكتمل . الشهرزادات اللواتي لم يكملن حكاياتهن ، والأرامل اللواتي احتفين بعنوسة مبكرة ، سبورة من الأخطاء والخطايا هدية لمستقبل أبهى للطفولة النافقة ، الحكاية المخرومة بطوفان الزبد الذي تكلس على  أسنان الشهريار ، وبياض رعونته الكثة . كان لشهريار العراق ألبوما من الشهود ، لكن السبابة تخرس الضحية بالأسمنت والبرونز والرصاص ، والحوامض والكلاب وبقايا الغابة في سرير شهريار . الشهريار العراقي لا سرير له ، هو الذي لم ير .

بعصا بيضاء جاء الى السرير ، وببدلةٍ  بيضاء أقصى البدلة البيضاء ، هو العريس الأبيض ، القادم من أرث عروسة الثورات  فارس الأحلام ، الذي كان كابوسها .  أهو ضحية أم جلاد ؟ وحتى لا ننساق الى عقلية تكريس البدايات وتبريرها ، سوف اطرح سؤالا على هذا الروائي الذي كان مترفعا عن (الآداب) ? كجزء من عقليته الهزيلة ? وحتى لا يتهمني أحدا في الجهل بأوليات الأسئلة التي تقدم للشهريار الجرذ ، أقول :  لقد أصبح هذا اللارجل أسطورة ، والأسطورة تقتضي فهما حفريا بكونها طفولة للعقل البشري ، كما ان الأسطورة تحلق دائما بجناحين : جناح الإيديولوجيا وجناح اليوتوبيا . والرواية بوصفها السيرة المكذبة والشكاكة لليوتوبيا بطرحها السردي الذي يكرس الأيدلوجي او البعد الجمالي الأسطوري الذي يتجاوز الوقوف على الطلل دون ان يطير بالجناح الآخر . هكذا تعامل الشهريار الماضي ، وعبب بالأجنحة ، وأحرق كلّ شيء ، لبداية عصر الرواية الشفاهية . هكذا كان الشهريار /الجرذ ?  هل كان ضحية ؟ .

السرير واسع للنوايا ، المريض يبتكر جنونه  الرواة في منتصف الطريق  رواة الوجبة الجاهزة .  يحضرون لاإطال الزئبق من دليلة .  شمشون يضيء أيامه ! من يحصي أيام الروائي  الذي استفاق ؟ ربما سيصبح صدام أسطورة بمعنى الخرافة ، وحديث خرافة يا أم عمر . نعم بهذا الفهم سيكون لهذا الشهريار المهذار ، أن يبلغ خرافته .

  إستفاق هذا الروائي في أجواء كافكوية ليفتح فمه أولا للمفتشين عن كذبته النووية ، إسستفاق ليضع رأسه بيد الباحثين عن الزئبق ? آخر خرافته ? ، عن القمل الذي تناسل على فروته بعد سنوات من الحديث عن البياض والرائحة الكريهة التي كان هذا يشمها من جسد معلم – لم تستحم زوجته مرتين – وتعطل عن اتباع وصايا القائد في العمل عصرا (في الطين ) . أيها الروائي : بأي جريرة ستحاكم .  يا للقضبان من أم رؤوم للجلادين ! هو الذي رأى النهاية ، هل سيكون (الزبيبة) التي قصمت ظهر البعير ؟ في ( قبو البصل ) لم يكن كافكا مترفعا عن الدموع . هل قرأت كافكا ؟ في قبوك ، البرتقال والموز والسرير والمكتبة . أنت روائي إذن . لا مسدس ، لا جيوش ، لا هاتف . أنت متوحد إذن ، كيف تتوحد مع الدولارات ، وأنت العملة الرابحة ؟ لاشمعة في القبو . كيف تتأمل وأنت الورقة الأولى للموائد الخضراء على طاولة الآباء الجدد؟ . على عجافنا كنت تتأمل ، بنصف دائرة على ذقنك الصقيل ،كنت ترسم لموتنا بهجة لعيونك القادحة بالفاجعة .   من حقك الآن ان تفتح فمك بلا سبابة ، بلا قهقهة .  من حق كل شهرزاد ، كل ضحية ، كل جبل ، كل هور ، كل سرير ، كل خديج وكل لقيط ، من حق الدفلى أن لا تكون شارة للموت ، من حق الماء ان لا يكون آسنا . من الحق كله ان تكون صاحب القبو ، واللحية التي جزت ،فما تساقط  بياضها وسوادها بلا حكمة ولاندم .

الندم الذي لا يليق بالقتلة . والجبن الذي لا يليق بالخرف ، أيها الروائي : هل تعرف إن الفراشات تبيت في لحية همنغواي ولحية جيفارا ولحية والت ويتمان . والشوارب كمستطيل الشعر ذاته في أعلى الشفة ل(هتلر )  لا الشوارب ولا اللحى تليق بك أيها الخرف . جدير أنت بالوجه القناع ، كان قناعك الأخير غير صالح لتكرار المهزلة . والأرض لاتحمل زبد الزمن دائما .