مع أن الفنانة هيفاء وهبي من الفنانات الأكثر إثارة للجدل، ومع أن أعمالها قلّما تمرّ مرور الكرام، فان الهجوم الذي حصده «كليبها» الأخير Breathing You In الذي أطلقته قبل أيام كان غير موصوف، وتحوّل من نقد فني إلى هجوم شخصي وصل حدّ الشتائم، من روّاد مواقع التواصل الاجتماعي، ومن بعض الصحافيين الذين رأوا أن هيفاء تخطّت المحظور، عندما ظنّت أن بإمكانها تجاهل أنها فنانة عربية، وتجاوز ما اتفق على تسميته بالخطوط الحمراء.
الكليب لم يكن الأجرأ في تاريخ هيفاء، التي سبق ان ألغت عنصر المفاجأة عن أية إطلالة جريئة، على اعتبار أنها تخطّت ما قد يراه البعض محظورات منذ دخولها عالم الفن، ولم يعد من المفترض على الجمهور أن يستغرب جرأة فستان من هنا، أو جرأة خطوة راقصة من هناك.
ويبدو أن هيفاء لم تخرج بعد على ما يبدو من الحملة المنظمة التي شنّت عليها بعد فيلم «حلاوة روح» الذي منع في مصر لأسباب ظلّت غامضة، إلى أن أفرج عنه بعد أن حمّلت هيفاء من خلاله سبب انتشار ظاهرة التحرّش في مصر، وانحدار السينما المصرية، وتدهور مستوى الفن، رغم أنها لم تكن سوى اسم مشارك في فيلم مصري بالكامل إخراجاً وإنتاجاً وحتى سيناريو.
فالفنانة التي حافظت على رباطة جأشها حينها، انهارت اليوم تحت سيل الهجوم الذي تعرّضت له، فأطلقت هاشتاغ «يا جرب» في إشارة إلى منتقديها، ما زاد الطين بلّة، سيما أن البعض اعتبر أن الهاشتاغ موجّه ضد كل العرب.
فقد أعلنت الفنانة منذ البداية أنها تتوجه في أولى تجاربها باللغة الإنكليزية إلى الجمهور الغربي، وهو حق لها إذ ان شاكيرا ما كانت لتصبح فنانة عالمية لو ظلت تغني للجمهور الكولومبي، وخوليو إيغليسياس لم يكن ليصبح عالمياً لو ظل يغني للاسبان، لكن بغضّ النظر عما إذا كانت هيفاء ستصبح فنانة عالمية أم أن تجربتها ستتوقف عند هذا الكليب، فقد فتحت على نفسها أبواب أسئلة من عيار: هل الوصول إلى الغرب يأتي عن طريق تعرية الجسد؟ الجواب ان هيفاء لم تكن الأجرأ في هذا الكليب بل ثمة كليبات في تاريخها الفني أكثر جرأة، كما أن الغرب لن يعتبر كليباً كهذا جريئاً أصلاً.
هل ستصل هيفاء إلى العالمية وليس في جعبتها صوت يضاهي قوة صوت بيونسيه؟ الجواب ان مبتكر أغنية «غانغام ستايل» لم يكن عبدالحليم كوريا، لكنه وصل إلى قلوب العالم بأغنيته البسيطة التي شاهدها أكثر من مليار شخص.
هل يكفي أن تكون هيفاء جميلة ليتقبلها الجمهور الغربي؟ وإن يكن فإن الجمال ليس تهمة، وفي ظل وجود نجمات مثل الليدي غاغا وأديل وغيرهما من النجمات العالميات اللواتي لا يمتلكن ذرّة جمال، يبقى أن اتهام هيفاء بإغراء الأجانب بجمالها اتهاماً لا يمتّ إلى المنطق بصلة.
هل تصل هيفاء إلى العالمية ولهجتها الأميركية ليست على قدر تطلعات منتقديها؟ الجواب ان خوليو إيغليسياس وصل إلى العالمية بلغته الفرنسية المكسّرة، كما وصلت داليدا إلى العالم العربي بلغتها العربية المكسّرة.
يبقى أن الحملة التي شنّت على هيفاء، بغض النظر عمّا إذا الكليب يستحق الهجوم أو الثناء، هي حملة مبرمجة بدأت من لبنان وانطلقت إلى مصر، وشارك فيها صحافيون تخلّوا عن مهنيتهم ليشتموا الفنانة في مقالات تفتقر إلى أدنى حدود المهنية في النقد الموضوعي للعمل الفني، رغم أن الأغنية حققت خلال أيام قليلة ملايين المشاهدات، واللافت أنه مقابل شتائم المشاهدين العرب، كان المشاهدون الغربيون يثنون على الكليب الذي نفّذ بطريقة احترافية مع المخرج طارق فريتخ، الذي يحسب له أن كليبه لم يمر مرور الكرام، في وقت مرّت فيه أعمال كبار المخرجين على الشاشات ولم يسمع بها أحد، ولم تستفز أحداً ليكتب عنها إيجاباً أو سلباً.