أسرار شبارو

لا تتوانى كبريات وكالات الأنباء العالمية كـ»رويترز»عن وصف حوثيي اليمن بالشيعة، لكن ما حقيقة الأمر، وما الفارق بين عقيدتهم والمذهب الشيعي؟ وهل فعلاً هم أقرب فقهياً الى السنة؟ أسئلة طُرحت مع سطوع نجم حركة «أنصار الله» واستيلائها، مدعومة من طهران، على أجزاء واسعة من البلاد ومن سلطتها المركزية ومنها القصر الرئاسي، الأمر الذي استدعى هبوب «عاصفة الحزم» بقيادة المملكة العربية السعودية لاعادة الشرعية وتقليم أظافر ايران في المنطقة.
ليس فقط زيدية
الحركة التي كانت تعرف سابقاً بالحوثيين، دخلت بكثافة الى دائرة الضوء منذ ثورة 2011، لديها قيادة تتحرّك بأوامرها وهي قيادة عبد الملك بدر الدين الحوثي شقيق مؤسس الحركة حسين بدر الدين الذي قتل في العام 2004، وهي بحسب ضيف الله الشامي، عضو المجلس السياسي في حركة «انصار الله» وأحد الطلاب الذين تتلمذوا على يد قيادات المسيرة القرآنية، «عبارة عن مجاميع من المؤمنين أطلقوا على انفسهم هذه التسمية بشكل رسمي في الحرب اليمنية السادسة بين عامي 2009 و2010، هذه المجموعة اتخذت القرآن الكريم منهجاً اساسيا لها، ترفّعت عن المذهبية والطائفية، باعتبار ان سياسة المذاهب والنعرات الطائفية هي مخطّط لتفكيك المسلمين». وأضاف» نحن من عمق الطائفة الزيدية التي تنتمي الى الامام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب، بالاضافة الى ذلك تضمّ الحركة شيعة وسنّة، وفيها اعداد من الشافعيين وحتى الصوفيين، طالما أن المعتقدات الفكرية ليست محط خلاف، فالمسيرة القرآنية هي نهج وفكر، وليست مذهبًا محصورًا».
«شيعة زيديون»
من جانبه شرح العلامة السيد محمد حسن الامين لـ»النهار» أن «الحوثيين هم فرقة من فرق المسلمين، ليسوا من الشيعة الامامية وأعني بالشيعة الامامية الذين يؤمنون بالأئمة الاثني عشر بعد النبي محمد، وصولا الى الامام المهدي المنتظر. أما الحوثيون فهم يلتقون مع الشيعة في امامة علي وولديه الحسن والحسين، ومن ثم ولد ابن الحسين وهو الامام زين العابدين وتفترق بعد ذلك الشيعة والزيدية بأولاد الامام زين العابدين، حيث يعتبر الشيعة الامام محمد الباقر هو الامام الشرعي بعد الامام زين العابدين، ويعتبر الزيديون ان الامام الشرعي هو زيد ابن علي بن ابي طالب الذي قام بثورة على الامويين واستشهد فيها. ويعتبرون ان الائمة من سلالة زيد وليسوا من سلالة الامام محمد الباقر، هذا بالنسبة إلى العقيدة. لذلك فهم شيعة زيديون وليسوا شيعة اثني عشريين»؟
بين الشيعة والمذهب
قضايا عديدة يختلف فيها الحوثيون مع الشيعة الامامية وقال ضيف الله» لـ»النهار»: «الشيعة ليسوا مذهباً، حالة التشيّع تطلق على من يتشيّعون للامام علي بن ابي طالب وأهل بيته. ومع ذلك كل من يوالي الامام علي وأهل البيت يسمون شيعة». وأضاف»نحن نتشيع لأهل البيت بشكل عام، نعتقد بإمامتهم لكن لا نحصرها في أعداد معينة، فحتى الامام الخميني نعترف به انه إمام وهم يعتبرونه وليًّا فقيهًا فقط». وعمّا يجمع بين الحوثيين والشيعة قال الأمين: «ايمانهم بإمامة علي وولديه الحسن والحسين، ومن ثم زين العابدين ابن الامام الحسين. أما ما يفرّقهم فبقية الأئمة، اذ ان الزيديين يبدأون من زيد بن علي بن الحسين الى الامام يحيى، الذي كان يحكم اليمن في أوائل الستينات اي نسل زيد ابن الامام زين العابدين. الشيعة لا يؤمنون بهؤلاء يؤمنون بأن الائمة اثنا عشر إماماً آخرهم الامام المهدي المنتظر، الذي غاب والذي يؤمنون انه سيعود في وقت ما».
أقرب إلى السنة أم إلى الشيعة؟
تتبع الحركة «السنّة النبوية التي تتوافق مع القرآن الكريم، لدينا قاعدة أساسية وهي حديث الرسول الذي يقول ما أتاكم مني فاعرضوه على القرآن، فما وافق القرآن فهو مني وأنا قلته، وما خالفه فليس مني ولم أقلْهُ، هذه هي القاعدة، وهذا يعني اننا لا ننكر السنّة كما يقولون «،بحسب ضيف الله، وعما اذا كانت الحركة اقرب الى السنّة منه الى الشيعة أجاب: «نحن أقرب الى الجميع، فكل الامور الايجابية لدى السنّة تتواجد في منهجية المسيرة القرآنية، كذلك كل ما لدى الشيعة من إيجابيات تتواجد في ثوابت المسيرة القرآنية، حتى نظريات الاشتراكيين والباحثين عن الحرية تجد ان المسيرة القرآنية تعزّز المبادئ الصحيحة لديهم». وعلّق الأمين أن الزيدية قريبة من السنّة فـ»المذاهب الفقهية التي يتبعونها هي مذاهب سنّية، كالشافعية وغيرها، وهم يؤمنون بشرعية الخلفاء الراشدين، بمعنى انهم يؤمنون ان علي بن ابي طالب هو افضل الخلفاء الراشدين، ويقولون سبحان من قدم المفضول على الفاضل اي رغم ان علي هو الافضل الا ان المشيئة الالهية هي التي قدّمت الخلفاء الذين سبقوا عليًّا عليه».
«المهدي المنتظر»
من أهم القضايا الخلافية بين الزيدية والشيعة قضية «المهدي المنتظر»، وقد علق ضيف الله قائلاً: «لدينا ايمان قوي بأن الهداية الاساسية تأتي من القرآن الكريم وهذه القضية غير مذكورة فيه»، في حين ان الشيعة يؤمنون بحسب الامين أن «الامام الثاني عشر هو المهدي المنتظر الذي غاب، والذي سيعود في وقت ما».
كذلك الأمر بالنسبة الى ذكرى عاشوراء فـ»انصار الله» يحيون الذكرى، كما شرح ضيف الله «ليس بالشكل الذي يحييه إخواننا الشيعة أي باللطم، بل باعتبارها ملهمة لدروس نستفيد منها في واقعنا، نحن لا نلطم ولا نشجب ولا نبكي وانما نتّخذها منهجًا بأن الدم ينتصر على السيف».
القضية أكبر من وطن
ضيف الله ختم: «الحركة الحوثية لا تقتصر على اليمن، بل هي مسيرة قرآنية تنطلق من انطلاقته، وعمقها هو عمقه، واستراتيجيتها استراتيجيته، وحدودها حدوده، وهي هدى للعالمين، تدخل في جميع الجوانب الفكرية والعلمية والاجتماعية والثقافية والسياسية، أما الهدف الاساسي لها فهو ان نعيش احرارًا في دنيانا، وبعيدًا عن اي ارتهان او عبودية».