بقلم زينة عيسى

 

تشير الإحصائيات إلى أن ١ من كل ٣ زيجات في أستراليا ينتهي بالطلاق. والقانون الأسترالي واضح جداً بالنسبة للطلاق. فهو ينص على أنه يتحتم انقضاء فترة انفصال بين الطرفين لا تقل عن السنة يحق من بعدها لأي من الزوجين تقديم طلب الطلاق. أما مسائل الحضانة والنفقة وتوزيع الأصول والممتلكات فليست بالأمر السهل. وفي حال لم يتفق الطرفان بشكل ودي تقوم السلطات المختصة بتحديد هذه المسائل. وهذا طبعا يتحول في العديد من الأحيان إلى أمر مرهق ومزمن. وإذا نتج عن الخلاف اي اعتداء او تهديد فمن الممكن ان تتدخل الشرطة. فتُقدَّم الادعاءات، وتليها التُهم، ثم يواجه المدعى عليه المحاكم، فتتراكم الهموم ويزداد الضغط النفسي على الطرفين. وهكذا تمر العائلة بمعاناة حقيقية تشمل كل افرادها. فالطلاق بحد ذاته أمر مرهق نفسياً. وعندما نضيف إلى كل ما ذكرناه موضوع الطلاق الديني تتضاعف الضغوطات على الأسرة.

 

ما يحصل غالباً هو ملاحقة الطلاق الديني في محاكم الأحوال الشخصية في البلد الأم، فيواجه الطرفان مرحلة أخرى تتطلب الكثير من المجهود. ومن هنا تنشأ الأسئلة التالية: هل السلطات الدينية المسؤولة في أستراليا تتفهّم مواقف أفراد رعيتها وتراعيهم في ما يختص بهذا الشأن؟ وهل موقفهم الرافض  للطلاق بشكل عام يمنعهم من النظر بموضوعية إلى الوضع الراهن فلا يسهلون معاملات الطلاق الديني؟ أم المسألة مجرد عدم توفر مؤسسات في أستراليا تكون هي المرجع الأساسي أو الأوّلي الذي يلجأ إليه الأفراد، فتلعب دور الوسيط الذي يسهل التواصل بين أفراد الجالية في أستراليا والمراجع الدينية المختصة في الخارج؟

 

عندما يضطر الطرفان إلى ملاحقة إجراءات الطلاق قانونيا ودينيا في محاكم مختلفة محلية وفي بلد آخر، من الطبيعي أن تصبح حياتهما صعبة جداً مما يؤثر بشكل سلبي ليس عليهما فقط، بل أيضاً على الأولاد و الأهل وكامل محيطهما. وفي الواقع تحصل عدة حالات يستغل فيها الأفراد هذا الوضع من أجل الانتقام من الطرف الآخر و تمديد فترة العذاب والمعاناة. فهل يكمن الحل بتأسيس مراجع دينية في أستراليا تلعب دورا فاعلا في إرشاد وتوجيه المتزوجين ومحاولة التوفيق بينهم أولا، وإذا لم تنجح هذه المحاولات تقوم عندئذ بتيسير معاملات الطلاق؟

 

يتوجب على السلطات الدينية ان تؤمن العدالة الاجتماعية ورعاية رعيتها. لذلك فإن المساهمة الفعلية والعملية بتوفير الحلول مع أخذ معاناة الافراد بعين الاعتبار وتخصيص موارد لهذه الشؤون، تتلاءم مع واجبات السلطات الدينية تجاه أفراد رعيتهم. ونجد أن العديد من الناس ليس لديهم أي إلمام بهذه الشؤون أو ليس لديهم الإمكانيات المادية لتعيين محامٍ في البلد الأم يطالب بحقوقهم الشرعية ويلاحق الإجراءات القانونية التي تستغرق أحيانا سنوات عديدة. كما أن التفاوت الكبير بين القانون الأسترالي المدني والقوانين الدينية او الشرعية في البلدان الأخرى يزيد الأمور تعقيداً. لذلك من المنطقي ان يساهم رجال الدين في بلاد الاغتراب في تقديم مساعدة فعلية لأفراد رعيتهم. ويبقى السؤال الاخير: هل يا ترى ستحاول المراجع الدينية أن تعدل قوانينها المتعلقة بالطلاق والحضانة لكي تتلاءم مع القوانين المدنية وعصرنا هذا فتعكس فعلاً عدالة اجتماعية حقيقية تساوي بها حقوق المرأة بالرجل، وتسن ايضا قوانين تضع مصلحة الطفل أولا؟

لمشاهدة الصفحة PDF اضغط هنا