لعل النقطة الايجابية البارزة التي ميزت جلسة مجلس الوزراء تمثلت في «عودة « الحكومة الى معالجة ملفات خدماتية وانمائية وادارية غابت منذ مدة عن اهتماماتها، في ما شكل تحييداً للجلسة عن المناخ السياسي الذي بدا متأثراً بقوة بسخونة الحملات الحادة التي يواصلها «حزب الله « على المملكة العربية السعودية، بما تنطوي عليه هذه الحملات من محاذير وتداعيات مختلفة. وعلم من مصادر وزارية ان مجلس الوزراء لم يتطرق في جلسته أمس الاول الى أي موضوع داخلي أو خارجي سياسي أو أمني في ما عدا دعوة رئيس الوزراء تمّام سلام المتكررة الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وقالت المصادر إن التصعيد السياسي ذا طابع خارجي لا يؤثر في القرار السياسي الذي ولدت على أساسه الحكومة، مشيرة الى «أن الروح القدس لا يحتاج الى التدخّل يوميا كيّ يضبط الواقع الحكومي». وأوضحت أن البحث، بعد استهلالية الرئيس سلام، تطرق الى قضية السائقين اللبنانيين وما تعرضوا له أخيرا على الحدود بين سوريا والاردن، فتقرر الذهاب الى اعتماد بديل من النقل البري من خلال إستخدام العبّارات كما تفعل تركيا. وأرتؤي تأجيل إتخاذ قرار ريثما يعود وزير الزراعة أكرم شهيّب بنتائج من الاتصالات التي كلف إجراؤها، وسط رهان على حصول تطورات ديبلوماسية أو أمنية على بعض المعابر بما يغني لبنان عن إعتماد الخيار البحري، وإلا فإن مجلس الوزراء سيعود لاحقا الى اتخاذ القرار المناسب. اتفاقات رضائية بعد ذلك انصرف مجلس الوزراء الى دراسة بنود جدول الاعمال، فقرر الموافقة على طلب وزارة الداخلية والبلديات عقد اتفاق رضائي مع المطبعة الوطنية الفرنسية لتحقيق جوازات سفر ومتمماتها وهو يشمل طباعة 880 ألف جواز سفر من النوع المعتمد حالياً لأن اعتماد الجوازات من نوع الـ Biometry لن يكون إلا بعد 18 شهراً. وتبلغ كلفة طباعة الجوازات العادية الجديدة 4 مليارات و35 مليون ليرة. ثم وافق المجلس على إنجاز المناقصة العمومية الدولية لتجهيز وتشغيل المحطات الموجودة للفحص الفني للمركبات والآليات وبناء وتجهيز مراكز المعاينة الميكانيكية بعد استحداثها، على ان تجرى المناقصة العمومية لدى ادارة المناقصات التي تستعين بالخبراء والاختصاصيين لدى هيئة ادارة السير. وجاءت الموافقة بعد جدل توحّدت فيه مواقف وزراء الكتائب و»التيار الوطني الحر» و»حزب الله» من حيث العودة الى دائرة المناقصات، وهذا الامر وافق عليه وزير الداخلية نهاد المشنوق، ولكن تبيّن أن هذه الدائرة تعاني نقصا كبيرا في كادرها بحيث أن هناك خمسة موظفين يعملون فيها حاليا، فكانت دعوة الى معالجة هذا الشغور في أسرع وقت ممكن. واتفق على استحداث مراكز معاينة تغطي لبنان بما يجسد مبدأ اللامركزية. والمراكز المستحدثة ستكون في الكورة وجبيل وبيروت وبعبدا وبعقلين والنبطية وراشيا وبعلبك. وتزامن هذا القرار مع بدء الاستعدادات لتنفيذ قانون السير الجديد ابتداء من منتصف نيسان، اذ شرعت قوى الامن الداخلي أمس في عملية توعية واسعة للسائقين على القانون الجديد عبر نقاط عدة ومحددة في العاصمة. ووافق مجلس الوزراء على اجراء مباراة لتعيين كتبة ومباشرين متمرنين في ملاك المساعدين القضائيين في وزارة العدل بعدما رفض الموافقة على نتائج إمتحانات أجريت سابقاً وذلك لمرور الزمن ولأن النتائج أظهرت خللا لجهة التوزيع الطائفي، اذ تبين أن 81 في المئة من الفائزين مسلمون و19 في المئة مسيحيون. ومن خارج جدول الاعمال تمت الموافقة على تأليف مجلس ادارة الهيئة الاقتصادية في طرابلس برئاسة الوزيرة السابقة ريا الحفار الحسن بعدما ذللت معارضة النائب سليمان فرنجية و»التيار الوطني الحر». كما تقرر تعيين السيد فراس ربيع ابيض بالاجماع رئيس مجلس ادارة ومديراً عاماً لمستشفى رفيق الحريري الحكومي. واوضح الوزير اشرف ريفي أن تعيين هيئة المنطقة الاقتصادية الخالصة قد تمّ بجهود حثيثة وجبارة من كل القوى السياسية، موجهاً الشكر الى كل هذه القوى التي عملت لتذليل العقبات وعلى رأسهما الرئيس سعد الحريري والرئيس تمّام سلام، وكل القوى السياسية، وقال: «إنما يسجّل شكر خاص باسم مدينة طرابلس للنائب وليد جنبلاط الذي قدّم تضحية كبرى من اجل المدينة من خلال تسهيل تعيين الهيئة، والمدينة ستحفظ الجميل للنائب جنبلاط الذي تنازل عن الموقع الدرزي في الهيئة لتسهيل أمر التشكيل». السعودية وايران في غضون ذلك، تصاعدت سخونة المناخ السياسي الناشئة عن حملات «حزب الله « على السعودية وزادتها تفاقماً تصريحات موفد الرئيس الايراني نائب وزير الخارجية مرتضى سرمدي خلال زيارته لبيروت، اذ انتقد العملية العسكرية السعودية على اليمن ووصفها بـ»بالخطأ الاستراتيجي القاتل»، كما انتقد افرقاء لبنانيين دافعوا عن السعودية . ورد الرئيس سعد الحريري على هذه الحملات، فقال إن ايران «تريد استنساخ النموذج اللبناني في اليمن وتعمل منذ سنين على ان يكون تنظيم «انصار الله» الحوثي نسخة عن «حزب الله» اللبناني ليصبح اداة في يدها تطرق من خلاله ابواب مكة والخليج العربي». واضاف: «اذا كنا في لبنان نتعامل مع هذا الخطأ انطلاقا من الموجبات التي تفرضها المصلحة الوطنية وسد المنافذ أمام الفتن وقطع الطريق على مزيد من تغلغل الحالة الايرانية في حياتنا المشتركة، فإن المسؤولية توجب علينا عدم السكوت على استمرار الخطأ «، منتقدا بشدة «استخدام مواقع الدولة اللبنانية ومنابرها للتطاول على السعودية ورموزها ودورها».