ولدت صلوات الله وسلامه عليها بمكة المكرمة بعد مبعث النبي صلى الله عليه وآله بخمس سنين… وهو المشهور بين علماء الشيعة، في يوم الجمعة في العشرين من جمادى الآخرة، ولم تلبث وهي صغيرة ان فقدت امها خديجة بنت خويلد اعظم امهات المؤمنين، وعم ابيها ابا طالب في عام واحد.
تقدم لخطبتها عدّة من الرجال ، فردّهم رسول الله «ص» رداً جميلاً قائلاً لهم: انتظر بها القضاء. ثم زوّجها علياً «ع» وذلك في شهر رجب من السنة الثانية للهجرة.
قالت الدكتورة بنت الشاطئ: لقد آثر الله الزهراء بالنعمة الكبرى فحصر في ولدها ذرية نبيه المصطفى، وحفظ بها أشرف سلالة عرفتها البشرية منذ كانت – كما كرّم الله علياً فجعل من صُلبه نسل خاتم الأنبياء، فكان له من هذا الشرف مجد الدهر وعزة الأبد.
وقد ورد في فضلها وفضل آل محمد قوله تعالى: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيراً وآيات اخرى كثيرة ولها عند الله سبحانه المقام المحمود الذي بلغته باليقين والتقوى والعبادة والعلم وتجلي الكمال الإنساني… …
ولها ايضاً مكانتها عند النبي «ص» واهل بيته العظام، فقد مضت على بينة من ربها، وانها – كما في الأحاديث – مَن سرَّها فقد سرَّ رسول الله، ومن جفاها فقد جفا رسول الله «ص» ومن آذاها فقد آذى رسول الله، ومن وصلها فقد وصل رسول الله، ومن قطعها فقد قطع رسول الله صلى الله عليه وآله ، لأنها بضعة منه وروحه الذي بين جنبيه.
… عن ابي هريرة الدوسي، قال : نظر النبي «ص» الى علي وفاطمة والحسن والحسين، فقال : انا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم.
وعن ام المؤمنين عائشة – ره – ان النبي صلى الله عليه وآله قال وهو في مرضه الذي توفي فيه: يا فاطمة الا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين، وسيدة نساء هذه الامة وسيدة نساء المؤمنين.
وقالت ايضاً: «ما رأيت احداً كان اشبه كلاماً وحديثاً برسول الله «ص» من فاطمة، وكانت اذا دخلت عليه قام اليها فقبّلها ورحب بها وكذلك كانت هي تصنع به»…
فهي من احب الناس اليه، وكان يقدم لها احتراماً ان دخلت عليه ويرحب بها ويهش لها، وكان اذا اراد السفر كان آخر عهده بفاطمة، واذا رجع كان اول عهده بها.
وتكفيها الرفعة والمقام عند الله تبارك وتعالى اذ يغضب لغضبها، ويرضى لرضاها وقد اخبر ذلك النبي صلى الله عليه وآله قائلاً:
يا فاطمة إن الله عزّ وجلّ يغضب لغضبك ويرضى لرضاك.
وثقل هذا الحديث المروي بشأن السيدة فاطمة، على قلوب بعض السامعين بحيث اعترضوا على الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام، وعدوّه من الاحاديث المنكرة، فمن الذين انكر ذلك هو سندل ظناً بأن رسول الله «ص» لم يقله، وقال للإمام الصادق: يا ابا عبد الله ان هؤلاء الشباب يجيؤوننا بأحاديث منكرة، فقال له الإمام: وما ذاك يا سندل؟ قال: جاءنا عنك انك حدثتهم ان الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. فقال «ع» ألستم رويتم فيما تروون ان الله يغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه؟
قال : بلى. قال : فما تنكرون ان تكون فاطمة مؤمنة يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها؟ قال سندل: صدقت ، الله اعلم حيث يجعل رسالته . احاديث النبي «ص» حول السيدة الزهراء كثيرة… وكثيرة .. في كتاب «المختصر من تفسير الثعالبي» بإسناده عن مجاهد. قال:
خرج رسول الله «ص» وقد اخذ بيد فاطمة وقال: من عرف هذه فقد عرفها ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني وهي قلبي الذي بين جنبيّ ، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله.
– وعن جابر بن عبد الله الانصاري، قال : قال رسول الله «ص» :
إن فاطمة شعرة مني، فمن آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فقد لعنه ملء السماوات والارض.
وفي روضة الواعظين في حديث عن رسول الله «ص» قال فيه: يا علي ان فاطمة بضعة مني وهي نور عيني وثمرة فؤادي، يسوؤني ما ساءها، ويسرني ما سرها وانها اول من يلحقني من اهل بيتي.
وعن سعد بن مالك – اي ابن ابي وقّاس، قال : سمعت رسول الله «ص» يقول : فاطمة بضعة مني، من سرها فقد سرني ومن ساءها فقد ساءني ، فاطمة أعزّ البرية عليّ.
وعن الإمام الحسين بن علي عليهما السلام، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فاطمة بهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بصري، والأئمة من وُدها أمناء ربي وحبله الممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجا، ومن تخلف عنهم هوى.
وهنا يتعجب المرء من هذا الفضل لسيدة النساء، ومن المكانة التي لها عند الله وعند رسوله عبده المصطفى . وقد اجاب الحسين بن روح – الذي هو من نوّاب الإمام المهدي المنتشر عليه السلام في زمن الغيبة الصغرى – مَن سأله لِمَ صارت الزهراء أفضل … مع صغر سنها وقلة صحبتها لرسول الله «ص» ؟ قال: لخصلتين خصها الله بهما : انها ورثت رسول الله، ونسل رسول الله منها ولم يخصها بذلك الا بفضل اخلاص عرفه من نبتها..
طبعاً خصال التفضيل كثيرة عندها صلوات الله وسلامه عليها، واسماؤها والقابها الكثيرة تكشف لنا بعض اسرار شخصيتها فهي فاطمة… وأم ابيها، والصديقة والمباركة، وهي الكوثر بكثرة النسل والذرية، وقد ظهرت الكثرة في نسل رسول الله من ولد فاطمة حتى لا يحصى عددهم… وهي الطاهرة والزكية، والراضية، والمحدثة كالسيدة مريم عليها السلام. وقد ورد عن الإمام الصادق «ع» «انما سُميت فاطمة محدّثة – بفتح الدال – لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران، فتقول الملائكة: يا فاطمة إن الله اصطفاكِ وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين». وهي الزهراء. «قال رسول الله «ص» وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين… وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يديَ ربها جلاله، زهر نورها لملائكة السماوات .
قال الاستاذ الأديب محمد رضا القزويني في مولد الزهراء: