عندما تمرّ بشوارع سيدني ترى   ظهور ملامح جيل  جديد و هو الجيل  الاسيوي – الاوروبي الرائع الجمال

عبدالوهاب طالباني

عندما تمرّ بشوارع سيدني ، وتنظر في وجوه الناس ترى  ملامح جيل آخر بدأ يظهر في المجتمع الاسترالي ، هذا الجيل الجديد هو الجنس الاسيوي – الاوروبي ، ترى مثلا وجوها بيضاء جدا لكن بملامح صينية، او ترى عيونا واسعة زرقاء لكن بانف صيني وبقامات طوبلة ، حتى أن شركات الاعلانات الكبرى تسعى الى هؤلاء  الناس لانهم يحملون الملامح المحببة الى الاستراليين وفيها جمال أخاذ  ، انه بالتاكيد جيل جديد وجميل ، وقد حدث هذا نتيجة للاختلاط  والتزاوج بين المواطنين من خلفيات آسيوية ومواطنين من خلفيات أنكلو سكسون ، ولعل التزاوج بين الانكلو سكسون والهنود والعرب «نصف مليون عربي» ايضا خلق ملامح جديدة على قدر من الاختلاف والجمال ، علما ان مواطني الصين وجنوب شرقي اسيا عموما» الفليبين ن كمبوديا ،اليابان و تايلند وغيرها «  يشكلون اكثر من المليون و النصف نسمة من سكان استراليا  البالغة حوالي ال «24» مليون نسمة.

يشير بعض المؤرخين أن الصينيين سبقوا الاوروبيين الى استراليا ، وهم أوّل مكتشفي القارة العذراء ، ولكن الشعب الابورجيني يبقى هو أول سَكن القارة ، وأن تاريخ  وجودهم في القارة يعود الى حوالي خمسين الف عام.

والموجات الصينية وشعوب جنوب شرق آسيا الصفراء الى استراليا بدأت  تتجه الى استراليا بعد اكتشاف الاوروبيين  للجزيرة ، لذلك فان وجود الصينين يوازي تاريخ وجود الاوروبيين . ونتيجة لذلك و خوفا من سيطرة الجنس الاصفر على الجزيرة فقد أجاز البرلمان الاسترالي عام  1901 م قانون تحديد الهجرة  الذي منع الهجرة الآسيوية إلى استراليا ، خاصة هجرة أهالي جزر المحيط الهادئ ، وبذلك استطاعت الحكومة تحقيق مبدأ أستراليا البيضاء ، وذهبت إلى أبعد من ذلك ، عندما بدأت ترحِّل العمال الوافدين من جزر المحيط الهادئ إلى مواطنهم، وأخذت تشجِّع أصحاب المزارع لكي يستخدموا العمال البيض، وذلك بتقديم إعانة مالية لكل مزارع يلتزم بهذه السياسة» .

لكن هذه الحال تغيرت تدريجيا ، وشرعت فيما بعد قوانين صارمة تحرّم التمييز العنصري بكل اشكاله ، وفي خطوة غير مسبوقة اعلنت الحكومة الاسترالية مؤخّراً عن تعديل قانون الهجرة لتمنح الاقامة الكاملة لمن يستثمر نحو 13 مليون دولار خلال عام واحد كما ويتبين ان نحو 47% من اثرياء الصين ينوون الهجرة بحسب دراسة اصدرتها «باركليز وليدبري ريسيرتش».

وقد إندمج الصينيون في المجتمع الاسترالي وثقافته ، ويمارسون في الوقت نفسه عاداتهم وتقاليدهم دون اية مظاهر عنف او  عداء للثقافات الاخرى ، لهم معابدهم الخاصة ، واقتصاديا لهم مشاريعهم الكبيرة والصغيرة ، وكذلك مطاعمهم  الخاصة ومحلاتهم التي تعرض المواد والبضائع الصينية ، وكذلك يتخصصون في الصناعات الدقيقة مثل الكومبيوترات والموبايلات  وكذلك في تصليح السيارات  ، وفي المطابع ، ولهم العديد من الصحف تصدر بمختلف لغات الصين ودول جنوب شرقي اسيا . إنهم شعب عامل ومجدّ ، لذلك هم الان محل احترام وتقدير الاستراليين كلهم .

يتركز  الصينييون وأبناء دول جنوب شرقي آسيا في سيدني في منطقة تسمى ب»كبراماتا» ذات السمة الاسيوية شبه الكاملة ، واذا دخلتها تحس كأنك في إحدى  ضواحي «بكين»  او أية عاصمة في جنوب شرقي اسيا، حتى أن معظم عناوين المحلات يكتبونها بلغات جنوب شرقي آسيا والصينية مع اللغة الانكليزية ، وهنا أودّ أن اشير الى انني في زيارتي الاخيرة الى كوردستان لاحظت ان كثيرا من عناوين المحلات هي بالعربية او الانكليزية فقط دون أن يحترم اصحابها أنهم في بلد اسمها كوردستان ، لذلك لابد من سن قانون رادع يجبر اصحاب تلك المحلات بإضافة اللغة الكوردية الى أي  لوحة إعلانات او قطعة لمحلّ تعلق على واجهات محلاتهم.

وعندما تمر بشارع «ديكسون» المكتظ بالناس لأربع وعشرين ساعة يوميا في وسط سيدني ، سترى عالما اخر غريبا ، حيث كل شيء فيه يأخذك الى طرز الحياة الصينية  ، هنا تجد اشهر المطاعم الصينية و التايلندية و الفيتنامية – الاسترالية ، و تنتشر البوتيكات الخاصة باللقى والاعمال اليدوية الصينية والكافتيريات ومحلات المساج الصينية المشهورة .

ونظرا لكثرة واتساع التعامل مع الشركات الصينية فإن  الشركات الاسترالية تطلب المزيد من الموظفين الذي يحسنون اللغة الصينية ، وهناك الان العديد من معاهد تعليم اللغة الصينية في استراليا ، وقد عُلم أن الصين تخطط الان لانشاء مركز جديد للتدريب على اللغة الصينية في استراليا لمواجهة الطلب المتزايد على المدرسين الصينيين.

وحسب وكالة «شينخوا» يوجد حاليا 27 ألف طالب فقط في ولاية في فيكتوريا يتعلمون كيف يتحدثون باللغة الصينية.

وتمول حكومة الولاية انشاء مركز تعليمي  بمبلغ 200 ألف دولار استرالي « أيضا حسب وكالة شينخوا» . ومن المتوقع ان تقدم الصين مدرسين على مستوى عال، ومواد الدراسة، وكذا بعض التمويل.

وان المركز لن يفيد استراليا وحدها، وانما سيفيد ايضا المنطقة كلها.

هذا وقد أنشأت الصين عام 2004 معهدا كونفوشيا يتخصص في تعزيز الثقافة الصينية بالخارج. و ستكون هناك 210 معاهد كونفوشية في 64 دولة ومنطقة.

ومع تزايد شعبية اللغة الصينية، تعمل البلاد على معالجة النقص فى مدرسي هذه اللغة.

ولمواجهة الطلب المتزايد على مدرسي اللغة الصينية، تدرب الصين المزيد من المعلمين، كما تبتكر اساليب لتعليم هذه اللغة.

تبقى استراليا الدولة الديمقراطية في المنقلب الاخر  من الارض التي يعيش شعبها في اجواء من الديمقراطية الحقيقية ، وفي اجواء  جميلة  من التعايش السلمي و التسامح ، ويبنون معا أمة جديدة من مختلف الاعراق.