ما تزالُ آثارُ الحضارةِ التي منحها سكانُ منطقةِ ما بينَ النَّهرين واضحةً وظاهرةً للعيانِ وتَعبَقُ عبقَ التَّاريخ في طيَّاتِ صفحاته. ففي تلك البقعةِ منَ الأرضِ وَجدَ المحراثُ طريقَه إلى العمل، واستُخدِمت فيها الآلاتُ الزِّراعيَّة لإطعامِ النَّاس، وتمَّ اختراعُ العجلةِ لتسهيلِ النقلِ والتنقّلات. في الأمس كان شعبُ بلادِ ما بينَ النَّهرين، واليوم شعبُ العراق وسوريا، يحيَونَ حياةً كريمةً متنَعِّمينَ بما أنعمَ اللهِ عليهم من خيراتٍ، وبما اخترعوه في سبيلِ تطويرِ أمورِ معيشتِهم وتسهيلِها. ولكن، ما يتعرّضُ له الشَّعبُ المسيحيّ الآن في سوريا على يدِ عصاباتِ داعش والعصاباتِ الأخرى من إبادةٍ واغتصابِ أموالٍ وأرضٍ وعَرضٍ وتشريدٍ قسريّ، وخاصَّةً في منطقةِ الجزيرةِ السّورية في الأيَّامِ الأخيرة، ما هو إلّا حلقةٌ من حلقاتِ تفريغِ منطقةِ الشَّرقِ الأوسط، موطنِ السيِّدِ المسيح الأرضي ومُنطلقِ المسيحيَّةِ إلى البشرية، منَ المسيحيِّينَ الذينَ هم السّكانُ الأصليّينَ لكلِّ هذه البلدان. نحن مطارنة وممثلي الكنائسِ الشَّرقية ورعايا أبرشياتِنا في استراليا ونيوزلندا، في الوقتِ الذي نستنكرُ فيه بشدِّة الإجرامَ الذي يتعرَّضُ له المسيحيّون في سوريا والعراق ومصر، من عمليَّةِ اغتصابٍ وتهجيرٍ وقتل، نُطالبُ الأممَ المتّحدة ومنظَّماتِ المجتمعِ الدّولي ودولِ العالم – وخاصّة دولة استراليا – أن تأخذَ دورَها ومسؤوليتَها في إيقافِ اضطهادِ مسيحيّي الشَّرق وتهجيرِهم وانتهاكِ أعراضِهم وحقوقِهم، وتعتبِرَ هذه المسؤوليَّة مسؤوليَّة جماعية تقعُ على عاتقِ البشريَّةِ جمعاء. كما أنَّنا نناشدُ الضَّميرَ الإنسانيّ الحيّ، أينما وُجدَ في هذه الدّنيا، أن يقفَ وقفةً جادَّةً في هذه الأوقات من عمرِ البشريَّةِ إزاءَ الشّعوبِ العريقةِ في أرضها والَّتي أَعطتِ الحضاراتِ والإختراعاتِ للعالم أجمع. كما ننبِّه أصحابَ الضَّمائرِ الحيَّة في بلدانِ الشَّرق، من حكوماتِ سوريا ومصرَ والعراقَ ولبنانَ والأردنّ وشعوبِها، والأديانِ الأخرى في كلِّ منطقةِ الشَّرقِ الأوسط، منَ المغبَّةِ والأضرارِ التي ستَنجمُ من تفريغِ هذه المناطق من مسيحيّيها، تلك الشَّريحة الوطنيّة المخلِصة والمبرهنة على التنوّعِ العرقيِّ والقوميِّ والدِّيني. هذا، بالإضافةِ إلى أنّه في حالِ تفريغِ المنطقةِ منَ المسيحيِّين وعدمِ إتخاذِها الموقفِ الصَّارم حيال ذلك، يجب عليها أن تستعدَّ لتقديمِ حسابًا للهِ ولضمائرِها وللشّعوب وللمستقبلِ عمّا سيَحدثُ لشعوبٍ مسالمةٍ وأصيلةٍ في تلك البلاد. أنارَ لله عقولَ المسؤولين وأسكنَ في قلوبهِم وقلبِ البشريةِ جمعاء سلامَ المسيح. سدني-استراليا
بيان من مجلسِ المطارنةِ الشَّرقيِّينَ في استراليا
Related Posts
ملياردير يقدم هدايا بقالة بقيمة 150 ألف دولار إلى سكان سيدني
أنتوني ألبانيزي يعد بإصلاحات كبرى مع دعم الحكومة لجزء كبير من توصيات اللجنة الملكية بشأن انتحار المحاربين القدامى