إعداد/ بيار سمعان
فجأة بدأ الاعلام العربي والعالمي يتحدث عن تنظيم ارهابي جديد بعد ان اعلنت الولايات المتحدة ان طائراتها استهدفت للمرة الاولى قواعد «تنظيم خارسان» في سوريا. وعلى الاثر انكبت وسائل الاعلام تبحث عن هوية ومؤسسي هذا التنظيم الناشط في الداخل السوري والذي لم يعلم بوجوده لا المخابرات العراقية ولا المخابرات السورية… فجاءت المعلومات الاولى من المخابرات الاميركية نفسها التي اعلنت بطريقة غير مباشرة ولادة هذا التنظيم من خلال الاعلان ان طائراتها استهدفت مواقعه. فقيل ان التنظيم المذكور كان يعتزم ضرب اميركا واسرائيل وبلغ اعضاؤه مرحلة التنفيذ الاخيرة. وعلى الاثر بدأت تظهر المزيد من التفاصيل حول هذا التنظيم الجديد الذي ولد من رحم القاعدة كما ولد ايضاً تنظيم داعش، وان مؤسسه هو الكويتي محسن الفضلي (33 سنة) الذي كان الحارس الخاص لاسامة بن لادن وسائقه (19 سنة آنذاك)، وقد شارك في احداث 11 ايلول رغم كل ما يثار حولها من تساؤلات «ان هذا التنظيم هو متخصص بصنع العبوات الناسفة. وقد اعلنت الولايات المتحدة مقتل زعيم «خاراسان» الكويتي محسن الفضلي، فيما اعنلت مصادر اخرى مبايعة محسن الفضلي لتنظيم داعش. ونشرت «الاسوسياتد برس» نقلاً عن احد المسؤولين في البنتاغون: بينما ينصب الاهتمام حالياً على تنظيم داعش، فإن خليط من المتطرفين من اليمن وافغانستان وسوريا واوروبا يشكل تهديداً مباشراً بشكل اكبر على الولايات المتحدة. هذه المجموعة تعمل مع خبراء في صنع المتفجرات في اليمن لاستهداف الطيران الاميركي، على حد قولهم. وان مسلحي «خارسان» ذهبوا الى سوريا، بأوامر من زعيم تنظيم القاعدة انور الظواهري ليس لقتال قوات الرئيس السوري بشار الاسد بل لتجنيد اوروبيين واميركيين تسمح لهم جوازات سفرهم ركوب الطائرات الاميركية بتدقيق أقل من المسؤولين الامنيين. واكدت التقارير ان المخابرات السرية الاميركية علمت ان مسلحي خاراسان يعملون مع صانعي المتفجرات من فرع القاعدة في اليمن، لاختبار طرق جديدة لتمرير المتفجرات في المطارات الدولية، دون الكشف عنهما. واكدت الادارة الاميركية ان تنظيم داعش الذي استهدفت مواقعه بأكثر من 150 غارة (دون ان تشير الى نتائج هذه الغارات) غير انه (اي داعش) لا يشكل تهديداً مباشراً او وشيكاً للولايات المتحدة، بعكس تنظيم خراسان، وان الولايات المتحدة قررت في آب الماضي حظر نقل الهواتف الجوالة واجهزة اللابتوب (الحاسوب المحمول) على الرحلات المتجهة الى الولايات المتحدة من اوروبا والشرق الاوسط. وتشير المعلومات المخابراتية الى ان تنظيم القاعدة جدد شبابه رغم الضربات الجوية التي لم تمنعه من توسيع قاعدته الشعبية، خاصة من فئات الاجانب، وفئات المتشددين، ووسع فروعه مجدداً في اكثر من بلد بشكل سري للغاية. وتنظيم خراسان هو حفيد القاعدة تعتبره الولايات المتحدة التهديد الارهابي الاكثر خطورة، لم يكشف عنه سابقاً، رغم نشر اسماء بعض المسؤولين فيه. وجل ما يخشاه الاميركيون توصل هذا التنظيم لخطوة متطورة في صناعة المتفجرات. ويعتقد ان ابراهيم العسيري صنع قنبلة «الملابس الداخلية» التي حاول عمر فاروق عبد المطلب تفجير طائرة ركاب في مدينة ديترويت في اواخر 2009 بواسطتها. ويعتقد ان العسيري هو ايضاً من صنع القنابل المخبأة في آلات الطباعة واجهزة الكومبيوتر والتي وضعت على متن طائرة شحن متوجهة الى الولايات المتحدة سنة 2010، كذلك اعد القنابل التي اعدت للتفجير في مراكز استخبارات السعودية وبريطانيا والولايات المتحدة سنة 2012. ويظل السؤال الذي يطرح نفسه بشدة: هل تسعى القاعدة الى استعادة دورها في العراق والشام من خلال هذا التنظيم بعد ان ايدت بشكل غير مباشر قيام قوات التحالف بضرب داعش، بعد ان القت اللوم في احد بياناتها الاعلامية على داعش بانه السبب الرئيسي لدخول هذه القوات الاجنبية الى الاراضي الاسلامية. كما تشير القاعدة باصابع الاتهام بان داعش هو صنيعة اميركية للاستيلاء على الاراض الاسلامية وخيراتها بحجة «محاربة الارهاب». فهل تستطيع هذه الجماعة من مسلحي خراسان، بمساعدة القاعدة وخبراتها، توفير ما يلزم لها من قوات واموال واسلحة لاثبات وجودها بديلاً عن داعش؟ ام ان لهذا التنظيم مهمات اخرى تتخطى حدود بلاد الشام التي يعاد رسم خريطتها مع داعش؟؟ يرى مراقبون محللون جوانب اخرى تتغاضى المخابرات الاميركية عن ذكرها، اذ يعتقد هؤلاء ان داعش ولدت في احضان القاعدة واعد عناصرها القوات الاميركية في سجن «بوغريب العراقي» كما احتضنت ودعمت وموّلت تنظيم القاعدة، وهي المؤسسة الام التي منها سيلد تنظيمات عديدة وأهمها الآن تنظيم خراسان. ولا يستبعد المراقبون ان يكون تنظيم خراسان هو التنظيم البديل لداعش / دولة الاسلام، الذي سيأخذ الصراع في المنطقة الى مستويات جديدة اشد عنفاً ودموية واذ يروج الاعلام الاميركي ومصادر البيت الابيض انه يلزم حوالي 4 سنوات للقضاء على داعش، يجري بالواقع الاعداد بالخفاء لاطلاق تنظيم خاراسان. وخاراسان هي التسمية التي تطلق على المنطقة الممتدة والمتفاوتة جغرافياً بين افغانستان وباكستان. ويتوقع الخبراء ان يتمركز تنظيم خاراسان في مراحل نموه واعداده وتطوره على الحدود مع ايران لتفجير الساحل وخلق توتر سني شيعي له بعد عرقي جديد: الايرانيون من اصول اذربيجانية وافغانية، ضد الايرانيين من اصول فارسية لينتقل بعدها الى مناطق واسعة في قلب الجزيرة العربية وعلى الحدود العراقية – السعودية. ومن المعلوم ان ايران تختزن في اسفل سفوحها خزاناً نفطياً هائلاً يشكل معظم ثروتها النفطية. لذا ستستفيد الولايات المتحدة من تجريد ايران من ثروتها النفطية من خلال فصل هذا الجزء الغني مما يحول ايران الى بلد ساقط عسكرياً بعد سقوطه اقتصادياً، وايران هي الحليف القوي لروسيا بوتين الذي تسعى الولايات المتحدة الى الحد من قدراته العسكرية والنفطية من خلال عزله جغرافياً دفع اوروبا الى عدم الاعتماد على الفاز والنفط الروسي. وسقوط ثروات ايران النفطية يجعل دول الخليج في مهب الريح، خاصة الكويت التي تعتبر لقمة سائغة. ومن المنتظر ان تتحول سيناء في وقت لاحق الى مركز هام لقوات خراسان، بعد ان بدأت المؤشرات الاولى لوجود قوات ارهابية هناك وبعد تهديد زعيم داعش انه سيهدم ابو الهول والاهرام لانها اصنام فرعونية تتعارض مع الاسلام. فهل نرى اليوم ولادة هذا التنظيم ليحل مكان داعش وينهي ما بدأه مقاتلو دولة الاسلام من عمليات تهجير جماعي ومحو الآثار التاريخية لحضارات عمرها آلاف السنين؟ وان صحت هذه التوقعات، ماذا سيلي تنظيم خراسان بعد ان تصل دورة الدم والدمار الى حدها الاقصى؟